15-12-2022 08:46 AM
سرايا - يرحل عام آخر، محملا بتحديات متراكمة، زاد ثقلها على قطاع هو الأشدّ هشاشة على مستوى العجز المتزايد للمياه، نتيجة بطء وتيرة إصلاحه، توازيا مع التغيرات المناخية التي راح ضحيّتها.
وفيما يشارف العام الحالي على المغادرة، يمضي قطاع المياه إلى العام المقبل، بإرث ثقيل من المصاعب التي حاول إنجازها في غضونه، لكن ملامحها لم تتضح بعد على أرض الواقع.
وتزامنا ومضيّ حوالي العام على خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني الذي ارتبط مباشرة بتطوير أداء القطاع، تسير وزارة المياه والري باتجاه تسريع وتيرة العمل في مشاريعه الاستراتيجية، وعلى رأسها خفض الفاقد المائي والتحلية، لا سيما وأن تبعات التحديات المائية والمالية عليه باتت تنعكس على الأردنيين.
وتركزت التوجيهات الملكية منذ عام، على وضع استراتيجية طويلة المدى للقطاع للنهوض به، لكنه يسوء بتسارع شديد، بسبب التغير المناخي وتراجع نسبة سقوط الأمطار.
ووسط تحديات ما تواجهه المملكة من فقر في موازنتها المائية، البالغة مليار م3 وتعد الأفقر عالميا مقارنة بعدد السكان، فإن خفض الفاقد المائي الذي ما يزال يقف حجر عثرة أمام أي خيار، يرتبط بتعزيز المياه المتوافرة من جهة، وتوفير الكلف المالية الضائعة هدرا مرة أخرى؛ أضحى خيارا حتميا.
وهو ما دعا خطط التحديث الاقتصادي المرتبطة بتطوير القطاع المائي، لتثبيت هدف الوصول نحو خفض فاقد المياه سنويا، وذلك بشكل يتوازى مع المضي، ضمن استعدادات تنفيذ المرحلة الأولى لمشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة.
وتولي الحكومة هذا المشروع، الذي يعد الأكبر والمدرج على برنامج أولويات عملها الاقتصادية، أولوية قصوى على أجندة عملها، وأحد ركائز الأمن المائي الوطني في إطار تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.
ويهدف المشروع، الذي سيبدأ تنفيذه في الربع الأول من العام 2024، ويتوقع بأن يدخل حيز التزويد المائي بداية العام 2028، لزيادة إمدادات المياه عبر توفير 300 مليون م3 إضافية من المياه سنويا، بعد عمليات التحلية ونقلها من العقبة إلى عمّان وبقية المحافظات.
وتزامنا مع ذلك؛ يتحتّم قيام قطاع المياه خلال الوقت الراهن؛ على إيجاد مصادر مياه جديدة لحين بدء مشروع الناقل الوطني للتحلية، وخفض الفاقد المائي الذي يعد من أبرز التحديات، نظرا لكونه عنصرا أساسيا في تعزيز مصادر المياه، فضلا عن فتح قنوات التفاوض الفوري في موضوع المياه الإقليمية والعابرة للحدود، لتحصيل الحقوق المائية للأردن.
وتتعاظم الدعوات، بشأن ضرورة صياغة وتبني مشروع وطني لتخفيض الفاقد المائي، يشمل خطة وطنية استراتيجية واضحة طويلة الأمد، تحاكي كامل المحافظات، سيما وأن هذا المشروع يشمل تحديد أولويات الفاقد، بناء على كميات المياه المستهلكة، وصولا لإمكانية توفير أكبر مصدر مائي والمياه المهدورة للمواطنين، وبما يعود بالفائدة على خزينة الدولة.
وفي الانتظار، دعت رؤية التحديث الاقتصادي “العشرية” المرتبطة بقطاع المياه والتي جرت صياغتها العام الحالي، لمبادرة لإطلاق المشاريع الوطنية لتحلية المياه، وتوفير الفرص أمام استثمارات القطاع الخاص، ورفع كفاءة الطاقة المستخدمة في القطاع، وزيادة استخدام الطاقة البديلة واستغلال تخزين المياه لتخزين الطاقة.
ومن بين المبادرات التي اقترحتها الرؤية بقطاع المياه، رفع كفاءة استخدام المياه وتحقيق الاستدامة الذاتية المالية، وتطوير المراقبة والتحكم في إدارة العرض والطلب على المياه، وإطلاق برنامج توعية للحفاظ عليها، وتعزيز القدرة على مقاومة المناخ والاستخدام المستدام لها.
وانبثقت مخرجات تلك الرؤية، عن ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي عقدت بتوجيهات ملكية سامية في الديوان الملكي الهاشمي، على مدى أشهر وبعد نقاشات شارك فيها أكثر من 500 شخص من قادة الفكر والرأي والمتخصصين والمعنيين والخبراء.
الغد