23-07-2022 10:21 AM
بقلم : الدكتور علي الصلاحين
في خضم الابتلاء الكبير الذي مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في غزوة أحد تجلت عظمة شخصية النبي صلى الله عليه وسلم فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) فحين يشهد القرآن له في آية كريمة برقة القلب وسعة الصدر وطيب القول في أعقاب هزيمة هزت زمرة المؤمنين وزلزلتهم، نتيجة لانكسارات متتابعة اعترتهم في معركة أحد، حيث أشير على النبي صلى الله عليه وسلم بغير ما يريد، وإذ تراجع ثلث الجيش من المنافقين قبل المعركة، ولم يلتزم الرماة بأماكنهم، وفر الشجعان والرسول سيد الشجعان يدعوهم في أخراهم فلا يلتفتون إليه. في أعقاب كل هذا تتبدى فرادة شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، لينه ورحمته وحسن حديثه ورقة قلبه.
والحاصل أن الآية الكريمة قد وضعت منهجاً جلياً يرسم ملامح شخصية الداعية القائد، رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن سار على دربه من الدعاة والمصلحين، ويمكن استخلاصه فيما يلي:
لين الجانب لإخوانه وأصحابه المؤمنين، وهو لين لا يبذل إلا لمن يستحقه ولا ينسحب على من سواهم. فقد كان ينبعث لينه من رحمة لا من ضعف، وهي رحمة ربانية منضبطة بشرع الله تقود إلى الوحدة والائتلاف ولا تفضي إلى التبعثر والخور.
وحيث أن فظاظة اللسان وسوء الحديث ليس من شيم الداعية المسلم ولا تنتصر دعوة به ويعد كذلك أسلوباً ليس ناجعاً لتقويم السائرين في الطريق وعلاج أخطائهم وزلاتهم.
فغلظة القلب تنعكس على الجوارح المرء ، فلا يمكن إخفاؤها بابتسامة زائفة أو بكلمات مصطنعة رنانة، وهي مفضية إلى انفضاض الناس وتذمرهم وتفرقهم، لأن غلظة القلب والفظاظة صنوان يتلازمان معاً، ويؤديان إلى تنفير الناس وكسر نفوسهم، ويقودان إلى التهور وسوء التقدير.كما أن الداعية القائد محب لأصحابه، يعفو عن زلاتهم، ويدعو لهم، ويستغفر لهم ويستشيرهم في أموره فالشورى لا تعني التردد والتذبذب، بل بالنهاية لابد من قرار حازم وعزيمة لا تلين أو تتوقف.
وأنه يحوط الموقف الصحيح توكل على الله يظهر معه عجز البشر والتجاؤهم إلى الله سندهم الأقوى.
وبكل هذا بدت شخصية النبي صلى الله عليه وسلم وكل من طلب الزعامة والسيادة أو أصبح مسؤولا فمن خلال تلك الآية العظيمة التي تجلت بها بوصلة النجاح والنصر والسيادة، والتي تقود إلى وحدة الشعوب وائتلافهم وتراحمهم والوصول إلى رأي سديد.
* الدكتور علي الصلاحين.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-07-2022 10:21 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |