حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 5041

ما لهذا خلقنا. هل خلقنا لنكون عالة على غيرنا؟

ما لهذا خلقنا. هل خلقنا لنكون عالة على غيرنا؟

ما لهذا خلقنا. هل خلقنا لنكون عالة على غيرنا؟

12-06-2022 01:11 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. حمدان الزبون

معالي الوزير والنائب السابق، وصاحب المحطة الإذاعية يقين فضيلة الدكتور محمد نوح صرح في احدى لقاءات الحوارية المتلفزة الآتي:
"بعض الناس يردنا أن نصنع السيارات والطائرات والقطارات ثم ننافس أوروبا وننافس امريكا . ما لهذا خلقنا. لأن الله لما خلقنا شعوبًا وقبائل جعل منا أصحاب فكر وهداه وهم العرب، وجعل من الآخرين تلامذة يهتدون بهدانا وعليهم العمل؛ فيحصل التكامل ما بين فكرنا وعملهم فيعمر الكون"
قبل التدقيق في ما قاله فضيلته، والتسرع بالحكم على أن قول صاحب الفضيلة صواب موفق للشرع، أم أنه تجني على دين الله تعالى، وليّ لأعناق النصوص الشريفة في غير محله، وأنه لا يوصف الإ بسقطة فكرية تضاف إلى سابقاتها وتتبع ما بعدها. فإني أُعيذ نفسي وجميع المسلمين من أن نكون ممن انطبق عليهم قوله تعالى: "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)" سورة الجاثية. يذكر ابن عاشور صاحب تفسير التحرير والتنوير معنى ( وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ) أي أنهم أحاطت بهم أسباب الضلالة مع أنهم أهل علم، أي عقول سليمةٍ أوْ مع أنهم بلغهم العِلم بما يهديهم إلا أنهم ضلوا.
والذي يثير الفضول لمناقشة ما قاله صاحب الفضلية كونه توجهًا فكريًا من شخص يعكس فكر الإسلام فيما يصدر عنه من أقوال وأفعال، واذا كان كذلك فما قولك أيها الشيخ في ما صرح به القرآن أن علة جعل الناس شعوبا وقبائل هي للتعارف والتآلف؛ أي ليعرف بعضهم بعضًا؛ من جيث الأنساب العشائر والبطون والقبائل - وهو ما تهتم به العرب-، وليس لتصنيف الشعوب والقبائل : عرب أصحاب فكر وهداية، وبقيت الناس سماهم (الآخرين) تلامذة يهتدون بهدانا فعليهم العمل!!!!
ثم فإني اسأل الشيخ هل الإسلام جاء للعرب فقط؟ هل معتنقوا الإسلام منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة هم العرب فحسب؟ كونك حصرت الهداية والفكر بهم دون سواهم. ثم من هم الآخرين الذين عليهم التتلمذ على يد العرب ( لأخذ الهداية والفكر) ثم لينطلقوا للعمل وتصنيع السيارات والطائرات والقطارات ..... أهم غير المسلمين؟ ليتحقق التكامل بيننا وبينهم وهو المقصود بقولة تعالى ( (ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات ليتخذ بعضكم بعضًا سخريا))، وفق الرؤية التي استنبطتها من الآية الكريمة.
ولكن ألا ترى فضيلتكم انك بهذا الفهم تتهم الاسلام بالطبقية وتقسم الناس إلى طبقتين: طبقة أصحاب فكر وهداية كما تدعي وتحصرهم بالعرب فقط!، وطبقة العمال أو العبيد الذين عليهم العمل والاختراع والإنتاج ليتمتع بمنتجاتهم ومخترعاتهم نحن( امة العرب المسلمة)!!!. ما هذا الكلام يا رجل. هل غير المسلم – بغض النظر ما يدين به من دين سماوي أو أرضي هو مما يدخل في عموم قوله تعالى : ((ليتخذ بعضكم بعضًا سخّريا)).
ثم فضيلتك وأنت كنت وزيرًا للشباب في يوم من الأيام هل في هذا الخطاب حث للشباب هلى العمل والإبداع والابتكار؟ أم أنك توجههم إلى الكسل والخمول والسلبية والرضى بالقعود مع القاعدين؟ أبهذا تتقدم الأمم والشعوب وتبني حضارتها وتكون لها اليد العليا التي هي خير من اليد السفلى؟ تخيل فضيلتكم لو أن الفهم الذي أنت عليه هو الذي ساد في عصر النبوة والعصور التي تلته هل ستصل دولة الإسلام وحضارته ما وصلت إلية شرق الأرض وغربها.
وليسمح لي الشيخ محمد وهو يؤكد أننا "ما لهذا خلقنا" يقصد لنصنع السيارات و........ أن اسأله هل الدين (الإسلامي) فقط عبادات وشعائر تؤدى بدور العبادة، وفي البيوت فقط منفصلة عن العمل والجد والاجتهاد والسعي في مناكبها؟ وإذا كان كما تدعي فمن تخاطب النصوص التي تحث على الزراعة واصلاح واستصلاح الأراض منها قوله تعالى( أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)سورة الواقعة، وغيرها الكثير في كتاب ربنا وسنة نبيه الكريم. وفي هذا الصدد يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليفعل" رواه أحمد، وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم :" “من أحيا أرضا ميتة فهي له" رواه البخاري. فالمكلف بالعمل والزراعة، وابتكار وصناعة ما يعين على ذلك المسلمون كافة، أم غيرهم – التلاميذ الذين عليهم العمل - وهم ربما لا يؤمنون بالقرآن ولا بلإسلام .
وقس على ذلك الانتاج في أي ميدان من ميادين العمل والانتاج، وإمعانًا في التوضيح نذكر بعض ما جاء في نصوص الكتاب والسنة يحث على العمل والإنتاج مجال الصناعة منها: قوله تعالى : " وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا، إِنَّهُم مُغْرَقُونَ " (هود :37) الا تشير الأية الكريمة إلى أهمية الصناعة بمختلف أنواعها وهذا مثبت في كتب التفسير التي تفسر هذه الآية.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " فما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده "فالحديث وإن كان يحث على ثقافة العمل اليدوي إلا أنه يحمل رسائل أخرى تدعو إلى الاستقلال والاعتماد على الذات في إنتاج وصناعة المسلم لغذائيه.
وقوله صلى الله عليه وسلم :"إن الله لم ينزل داء -أو لم يخلق داء- إلا أنزل -أو خلق- له دواء. علمه من علمه، وجهله من جهله، إلا السام» قالوا: يا رسول الله وما السام؟ قال: «الموت". إلا يمكن أن يفهم من الحديث الشريف حث على اكتشاف الأدوية والعلاجات وصناعتها من خلال المنهجية العلمية القائمة على التجريب والبحث.
إن الذين ابتكروا الصناعات بمختلف أنواعها واشكالها سواءً السيارات أوالطائرات أوالأدوية أوالحواسيب وغيرها من المخترعات والمكتشفات - الذين لوكانو مسلمين لكانت لهم صدقات جارية إلى يوم القيامة- وصلوا إليها من خلال التفكير الإبداعي واتباع منهجية البحث العلمي، من خلال إعمال العقل، والاتيان بافكار جديدة ،ولنّظر إلى شيء ما بطريقة مختلفة وجديدة، وهو ما يُعرف بالتّفكير "خارج الصّندوق"
وهذا المنهج الذي يقوم على الابداع والابتكار الذي لم نخلق له حسب وصف الشيخ الداعية؛ ذكره القرآن الكريم وقدم لنا نماذج، منها: لنتأمل ما جاء في سورة الكهف عندما طلب القوم الذين في مغرب الشمس من ذي القرنين حينما وصلهم، بعد أن توسموا فيه القوة والصلاح، أن يجعل بينهم وبين قوم يأجوج ومأجوج سدًا، إلا أنه جاءهم بفكرة أبداعية لم يكونوا يعرفونها أو يألفونها وهي أنه جعل بينهم وبين عدوهم ما هو أقوى من السد وهو الردم وقد سطر القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى : " قالوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا*قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا* آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا ۖ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا*" .
وتأمل يا رعاك الله موقف نبي الله يوسف عندما حل مشكلة كبرى كادت تعصف بالدولة كلها وتهلك كل شيء وهي المجاعة، عندما اقترح على عزيز مصر حلًا ناجعًا وناجحًا لتخليصهم من تلك الجائحة التي امتدت سنين وذلك من خلال حفظ حبوب القمح في سنبلها فكانت وما زالت افضل وسيلة لتخزين الحبوب بعيدًا عن العطب، محافظة على قيمتها الغذائية، الم تكن فكرة سيدنا يوسف تلك فكرة ابداعية، وابتكار جديد لم يكن معرفًا لأهل ذلك الزمان، وقد سطر القرأن الكريم ذلك حيث قال تعالى على لسان نبيه وسف: " قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47)"سورة يوسف.
أن رسالة الإسلام تجمع بين العمل للدنيا - وإن كان ينبغي أن يكون قليلًا بالمقارنة- مع العمل للآخرة إذ يقول الله تعالى: " وَٱبْتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلْأخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِى ٱلْأَرْضِ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ"
وهذا الخطاب القرآني شامل لجميع من آمن به وعمل بشرعته، والمسلمون أمة واحدة يسعى بذمتهم أدناهم، فلا تمايز بينهم إلا بالتقوى" إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
وقبل أن أنهي لا بد من تذكير الشيخ الوسيم الدكتور محمد أن كثير من أنبياء الله كانوا أصحاب مهن: فداوود كان حداًد، وإدريس كان خياطًا عليهم السلام، ونبيا محمد صلى الله عليه وسلم عمل في الرعي وفي التجارة. فهل ما زلت مصِّر على "ما لهذا خلقنا " .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 5041
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-06-2022 01:11 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم