14-04-2022 11:18 AM
بقلم :
التطفيف هو أن تعتدي على حق أخيك وتأخذ منه، وتبخسه إياه، ولا تعطيه إياه كاملاً من أجل مصلحتك أنت، أو من أجل مصلحة غيرك، وله عدة أشكال مختلفة.
التطفيف في الميزان هو الأشهر بين جميع أشكال التطفيف، وهو أن تكيل للمشتري منك بأقل مما يستحق، وتأخذ الثمن كاملاً. وهذا النوع من التطفيف جرم كبير إستحق أن يفرد الله عز وجل له سورة كاملة يعد فيه المطففين بالويل والعذاب، بالإضافة الى عدة موضع أخرى من القرآن الكريم. وهل لنا أن ننسى قوم سيدنا شعيب عليه السلام، الذين حثهم النبي الكريم على إعطاء الميزان حقه بدون تبخيس أو تطفيف، وما ترتب عليهم من عقوبة دنيوية جراء إستمرارهم في غيهم.
وأعتقد شخصياً أن الجميع يتذكر صورة التاجر الصادق الذي يضع كيساً فارغاً على جانب الميزان الآخر، حتى لا يكون وزن الكيس شكلاً من أشكال التطفيف والمال الحرام.
ولكن من يحصر التطفيف بأنه تطفيف في الميزان فقط يكون قد ألغى أشكال متنوعة أخرى من أشكال التطفيف، فالتطفيف قد يكون بالنصيحة مثلاً، وهو أن يسألك أخ لك عن موضوع ما كشراء عقار أو سيارة، أو عن أخلاق وصفات شخص معين بغرض البدء معه في مشروع تجاري، أو بغرض تقدمه للزواج من إحدى قريباته مثلاً، فتبدأ بكيل المديح له وذكر حسناته والمبالغة فيها، وبالمقابل تتغاضى عمداً عن ذكر السيئات لذلك الشخص، فتخون الأمانة التي ائتمنك عليها السائل، والذي قد يواجه في المستقبل مشكلات أسرية أو مالية معقدة بسب إخفاءك لنصف الحقيقة عند سؤاله إياك.
قد يمارس التطفيف بعض الكتاب والصحافيين، والقنوات الإخبارية والصحف والجرائد وغيرها، والتي تعمد الى إظهار جزء من الحقيقة في قضية معينة فقط، وتعمل على إخفاء الجزء الآخر من الموضوع بهدف تجييش الجماهير، أو إستمالة الرأي العام بإتجاه معين يخدم مصلحة فريق ما، ولذلك عادة ما يصفون مهنة الصحافة بأنها مهنة أخلاقية قبل أن تكون مهنة عملية، وعلى جميع العاملين بها التحلي بصفة الأمانة في النقل، والنزاهة والشفافية، والموضوعية في الطرح، والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف.
التطفيف قد يكون من الحكومة أمام أفراد شعبها، التي تقوم بإخفاء حقائق الأوضاع الاقتصادية والسياسية للبلاد، ولا تنشر في وسائل إعلامها إلا ما تريد فقط، فيبقى المواطن جاهلاً بجميع حقائق وطنه وأوضاعه الأمنية والسياسية والإقتصادية، وبالتالي سيكون مغيباً غير جاهز لأي أحداث أو مستجدات.
خلاصة القول:
التطفيف جرم كبير، وأكل لأموال الناس بالباطل، وتعدٍ على حياتهم ومحاضرهم ومستقبلهم، وتهديد لأمن الآمنين، والعقوبة المترتبة على جميل أشكال التطفيف كبيرة جداً، ولا أجد أبلغ من قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "ولم ينقُصوا المِكْيالَ والميزانَ إلَّا أُخِذوا بالسِّنينَ وشدَّةِ المئونَةِ وجَورِ السُّلطانِ عليهِم".
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-04-2022 11:18 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |