حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,3 مايو, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1447

مابين موت الواقع واختفائه

مابين موت الواقع واختفائه

مابين موت الواقع واختفائه

10-03-2022 03:52 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : هارون عبد اللطيف الصبيحي
أنت اليوم تعيش في واقع وغداً قد تكون في واقع آخر مختلف، أنت اليوم بصحة جيدة، تخرج من بيتك وتمشي وقد تمارس الرياضة، غداً لاسمح الله قد تتعرض إلى حادث سير، وتصاب بكسور تلزمك البقاء في البيت، إذاً واقعك الخاص قد تغيّر، ولكنه لم يمت، لأنك بعد حين ستتعافى وتعود إلى واقعك القديم.
لكن إذا تسبب الحادث في بتر إحدى القدمين أو كلاهما فهذا يعني أن واقعك القديم قد مات ولن يعود.
هذا على المستوى الفردي
على المستوى الجماعي، العالم قبل تطور التكنولوجيا و ظهور مواقع التواصل والجوال كان يعيش واقعاً مختلفاً، مواقع التواصل خلقت واقعاً افتراضياً يتواصل فيه الناس عن بعد
هل من الممكن أن تختفي التكنولوجيا ومواقع التواصل نهائياً ونعود إلى ما قبل التكنولوجيا؟ إذا الواقع الجماعي أيضاً يموت، وقد يختفي، معظم وسائل التكنولوجيا في أوكرانيا معطلة اليوم بسبب الحرب، الدولة اليوم في واقع جديد، لكن غداً قد تتوقف الحرب وتعود التكنولوجيا إلى أوكرانيا ويعود الواقع الذي اختفى، واقع العالم اليوم قد يختفي إذا حدثت حرب عالمية ثالثة وقد يعود جزء منه بعد الحرب وقد لايعود..
في الكتابة الأدبية وفي عقول الأدباء
يعد الخيال من عناصر النص الأدبي الرئيسية، والتخييل عند بعض الأدباء هو قتل الواقع، وهذا يعني أن الأدب يرفض الواقع أحياناً ويحاول أن يساهم بصنع واقع جديد أجمل، وحسب نظرية الانعكاس فأن ما ينعكس في الدماغ هو صورة من الواقع، ولكن هذه الصورة المنعكسة تختلف من شخض إلى آخر، ومن أديب مبدع إلى آخر.
الوجود الواقعي عند أفلاطون ليس إلا ظل لعالم مثالي آخر، وهذا يسمى مثالية، وهناك اتجاهات فكرية وفلسفية أخرى مثل المادية والتلفيقية، طرح العالم و الفيلسوف الألماني برتراند راسل في كتابه ( مشكلات الفلسفة ) الصادر في أوائل القرن العشرين مثال " الطاولة "
ضوء يسقط على سطح الطاولة،بعد سقوط الضوء كل شيء يتغير على سطح الطاولة، اللون، البريق، التوهج، يلمع سطح الطاولة من مكان ما ومن زاوية نظر معينة، ولا يلمع أبداً من زواية نظر من زاوية أخرى، حتى أبعاد الطاولة قد تختلف حسب زاوية النظر، وهكذا تختلف صورة الواقع في دماغ من ينظرون معاً إلى سطح الطاولة، وهذا يتفق تماما مع ما يحدث، وكيف يتلقى الناقد والأديب والإنسان البسيط ما يأتيه من الواقع، إذا افترضنا أن من ينظرون إلى الطاولة ثلاثة أدباء من زوايا مختلفة وسيكتبون نتيجة رؤيتهم الواقعية لسطح الطاولة.
المفترض هنا أن يصل الثلاثة إلى نتائج مختلفة لأن زاوية النظر والواقع الذي شاهدوه مختلف، لكن إذا نظر نفس الأدباء إلى واقع ثابت بدون مؤثرات، المنطق أن يصل الثلاثة إلى نتائج متشابهة، أما إذا اختلفت نتائج الثلاثة كلياً فهذا يعني أن الثقافة والتلقي عندهم مختلف كثيراً، ويعني أيضاً أن الرؤية الثقافية عندهم مختلفة، قد تكون الرؤية اشتراكية أو شيوعية أو سيريالية أو بورجوازية..
هذا جائز في كتابة النص الأدبي، ولكن عند النقد والنقاد يعد انحيازاً واضحاً وفضيحة للنقد، ويحوّل النقد من علم إلى نقد دعائي لمذهب أو نظرية أو اتجاه فكري معين.
أعتقد أن الواقع يختفي ويعود ويمرض وقد يموت فهو ليس واقعاً فردياً ولا جماعيا ثابتاً و واحداً، الواقع صور كثيرة قد تكون متشابة وقد تكون مختلفة كلياً.
هارون.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 1447
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
10-03-2022 03:52 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم