15-02-2022 10:54 AM
بقلم :
بادئ ذي بدئ . هل يمكن القول بأنه لا تأثير قد يٌعزى لوسائل الإعلام على المٌجتمع.؟ ، فان الاجابة بطبيعة الحال ، قد تكون نعم ، او قد كون لا ،تماماً كما لا يجوز الخلوص إلى القول بأن كل من يٌنصت لمحطة إذاعية، أو يُشاهد قناة تلفزيونية، أو يقرأ مقالاً، أو يبحر بموقع في الإنترنت، سيتأثر بهم جميعاً أو ببعض منهم على الأقل.
بالمٌقابل، فإذا كان من الوارد أن شخصاً ما، بناء على آرائه المٌسبقة، أو ثقافته، أو ظروفه النفسية، أو طريقة تتبعه لوسائل الإعلام، قد يتأثر بشكل من الأشكال، فإن ذلك هو الاستثناء أقرب منه للقاعدة والحقيقة إن القاعدة هي عكس ذلك تماماً، حتى بتوفر دراسات لقياس المٌتابعة ، أو توفر سوق هذه الوسيلة، أو تلك ناهيك عن دراسات المٌحتوى، التي تبين بجلاء أن استراتيجيات الاشخاص الذين يثبون ، وينشرون الاحداث بأي وسيلة كانت تتطابق دائما مع رغبات الجمهور المٌتلقي.
ولعل ما يمكن القول فيه ، عندما تتعرض وسيلة رقمية على مواقع التواصل الاجتماعي لشخص كان له سبق جرمي لسبب ما ، او لظروف ما ، وتعرض شخصه للتشويه ،أو المٌزايدة فإن حجم التأثير لا يمكن قياسه، فما بالك إثباته بالمٌعطيات المادية الخالصة.
فضلا عن إن الوسيلة الإعلامية ليست غولاً في حد ذاتها كما يصفها البعض، أي أنها تطال مٌتلقياً سلبيا دونما قدرة من لدنه على رد الفعل أو المبادرة، ومع ذلك، فإن القناعة القائمة لدينا كما لدى العديد غيرنا ربما إنما السلطة المٌعتبرة التي تتمتع بها التلفزة، وحتى في هذه الحالة فإنه ليس ثمة مٌعطيات مٌدققة تبين قدرتها على التأثير المباشر في الآراء الفردية، ثم في الرأي العام، أو لنقل، بلغة القانون، إنه في غياب الحجة الدامغة، فإن القاضي لا يستطيع أن يقرر في الحكم الضامن للعدل والإنصاف، والمحيل على الحقيقة.
وبحسب نتائج الدراسة ما بين 2013 -2017 والتي اجرتها وزارة العدل فإن 50.4 %من نزلاء مراكز الإصلاح ،قالوا: إن سبب عودتهم للجريمة هو عدم وجود فرص عمل لهم في سوق العمل، و 30.4 % قالوا إن السبب هو توفر العيش في السجن دون مٌقابل، بينما أوضح 36.4 % أن سبب العودة للجريمة هو استمرار علاقتهم برفاق السوء خارج هذه المراكز، و47.1 % يكمن في عدم تقبل المٌجتمع لهم، والنظرة السلبية لهم بعد خروجهم، فيما أفاد 51.6 % أن السبب هو غياب الرادع المٌجتمعي والوازع الديني ،وتنصل المجتمع من توطينهم في المٌجتمع .
وإذا كانت العبرة في وسائل الإعلام والاتصال بالاستخدام والاستعمال، فإن معنى هذا أن ثمة فعلاً ثابتاً والفعل لا يحيل بالضرورة على التأثير، إذ استعمال الوسيلة الإعلامية لا يعني تلقائياً أن لها تأثيراً ما بمنطوق التلقي، وهذا المنطوق يستوجب توفر القابلية لذلك، أي أن تتوفر لدى الفرد أو المٌجتمع، الاستعداد ليكون مادة المضمون الإعلامي بزاوية التأثير، من اجل ثني كل من اقدم على الجريمة سابقا ان لا يعود اليها ، وان يكون هناك دافعا يجعل الفرد لا يفكر البتة في العودة الى اقتراف الجريمة مرة اخرى.
فمما سبق من خلال تحليل وزارة العدل ، فاننا نجد نسبة 47.1% من عينة الدراسة عادوا للجريمة جراء عدم تقبل المٌجتمع لهم ، اي ان المٌجتمع كان احد الاسباب الهامة في عودتهم للجريمة ونبذهم لهذا الفرد الذي انحرف عن مسار المٌجتمع السوي ، فان المٌجتمع الافتراضي والرقمي اليوم عليه واجب كبير تجاه الافراد هولاء الافراد حتى يكونوا افراد صالحين ومٌنتجين في المٌجتمع ، وعليهم ان يبذلوا جهدا ًحقيقاً لثني هولاء عن ارتكاب الجريمة وتعديل سلوكهم .
لو كان لنا أن نركب ناصية المُقاربة المعيارية لدور وسائل الإعلام ، والاتصال في إصلاح الواقع المعاصر بما فيه من ظروف وتجاوزات قد تجعل الفرد يرتكب جريمة ، او يخرق القانون. لقلنا بأن لهذه الوسائل دوراً في استنبات قيم العدل والتسامح بين الأفراد والجماعات ، وتقلل التمازج السلبي الناتج عنه الجريمة ، وأن لها دوراً في الدفع بقيم الحوار المبنية على الحق في الاختلاف ، وفي احترام الخصوصيات والرموز والثقافات ولها دوراً في الرفع من منسوب الوعي لدى المٌتلقي، حتى يكون بمستطاعه الفعل والتفاعل، دون خوف أو إحساس بالنقص، ولها دوراً في الدفع بضرورة إحترام الناس لبعضها البعض، فيما يتعلق برموزها ومعتقداتها ومقدساتها ولغاتها، وتماثٌلاتها لذواتها ، وللآخرين من حولها.
ومن هنا فان علينا جميعاً أن نتحدث اللغة التي تقربنا ، ولا تفرقنا ، تجمعنا ولا تفصلنا ، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أننا لغاية الان لم نختر ركوب هذه الناصية، وهي الأهون بكل المقاييس، الا اننا قد تبدو لنا معيارية، وذاتية وغير ذات إيجابيات مٌعتبرة، ولكن على الجميع إعادة اجترار الخطابات وإلايديولوجيات التي تقدم المسألة المٌثارة كثيراً، بقدر ما تحتكم إلى تصور انطباعي يٌقدم الطرح بشكل يجعل كل فينا تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة ،هي اصلاح الافراد حتى لا يعوج عودهم .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-02-2022 10:54 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |