09-01-2022 10:32 AM
بقلم :
أن التنوع الاجتماعي قد لا يتحدى فقط وجود الإحساس بالانتماء للمُجتمع السياسي، بل يتعده إلى تقاسم قيم ديمقراطية مُحددة مثل التسامح وقبول قرار الأغلبية التي لا تُمكن من سلام بارد وهش ، ولكن سلم اهلي أكثر استقراراً ، مبني على الرغبة والإصرار في العيش بشكل سلمي ومُستقر ، ذلك أن غياب العٌنف هو أساس أي سلام مُجتمعي، وهذا نابع من ان العلاقات الاجتماعية بين مكونات المُجتمع الاردني تتسم بالترابط والتلاحم وهذا ناتج عن التصاهر وعلاقات النسب والتمازج الايجابي بين مكونات المُجتمع ككل بعيداً عن التعصب، الا أنه على المدى الطويل يبقى قائما على أسس هشة ما لم يقم أعضاء المُجتمع السياسي بتطوير مواقف وسلوكيات معينة مثل الرغبة بالتعاون السياسي، والتمازج الاجتماعي والاقتصادي بشكل واسع وكذلك الاعتراف المتبادل بالحقوق على قدم المساواة، بعيداً عن التشابك السلبي ، والتقليل من قيمة مكونات المُجتمع الاردني من أجل تسليط الضوء على هذه الضرورة خاصة في سياقات متعددة بعيدة عن الضغوط العشائرية والانسلاخ عن الجماعة والتجاذبات والولاءات الضيقة التي تؤثر في التفكير المُجتمعي الايجابي .
وعليه فمن الضروري البحث عن أنواع الروابط التي تُساهم في دعم السلم الاهلي والديمقراطية الحية في المُجتمع والتي قد تنقسم على اسس عشائرية بعيداً عن مظلة الدستور والقانون ، ولا بد من البحث عن الروابط التي من المرجح أن تضر بالسلم المُجتمعي والديمقراطية، ووئدها وهذا ما يقتضي التركيز على الجوانب المعيارية للديمقراطية، مثل الثقة، والتسامح، التعاون، وهو ما سعى اليه التعديل الدستوري في منح فئات المُجتمع ككل من المشاركة السياسية والحزبية بعيداً عن التمييز بين فئات المُجتمع .
ويواجه عالم اليوم مساراً متصاعداً نحو التعددية والتنوع ، حيث بلغ عدد سكان العالم (6,6 (مليار شخص حتى العام 2020 وفقا لتقديرات الامم المتحدة ، وتنتمي هذه المليارات من البشر إلى حوالي ستة آلاف جماعة إثنية لغوية ، مما يجعل فرص الصراع اكثر توفراً ، وأن عدد الجماعات يفوق عدد الدول في العالم وهذا ما يجعل الاردن اكثر تماسكاً لعدم وجود اثنيات كبيرة تساهم في صراعات وعنف مبني على الاثنية وتجعل منها عامل سلبي يؤثر على سلامة وتماسك المُجتمع ، وفي ضوء هذه المعطيات نجد من النادر أن تحتضن دولة لقومية أو ديانة واحدة اذ تتألف الدول من شعوب تنتمي لأعراق وجماعات وديانات متنوعة وعلى هذا فالتنوع هو الوضع الطبيعي أو الخاصية الغالبة للمجتمعات الإنسانية .
ورغم ان التنوع يعتبر ظاهرة طبيعية الا أن ظاهرة عدم التجانس أو التنوع غير المتجانس أدى الى أن تشهد دول العالم المزيد من الانقسامات والتوترات والصراعات على اسس اثنية وعرقية ، مما يضعف ويهدد السلم والتماسك الاجتماعي ، ويقوض الانظمة وأطر الانتقال الديمقراطي التي تزايدت بعد الموجة الثالثة للديمقراطية الامر الذي يطرح قضايا التنوع والتماسك الاجتماعي والسلم الاهلي على صعيدي السياسات والحياة المدنية للدول.
أن النظريات المعيارية على حد سواء، الليبرالية والتوافقية، لا تضع عادة الكثير من الوزن على تأثير المواطنين في النتائج النهائية ، السلم الأهلي أو الصراع العرقي ، أنها تركز أساسا على المؤسسات والحقوق العامة من جهة ، وعلى الحلول الوسطى للنخب من جهة أخرى ، مما يقلل الاهتمام بمساهمة المجتمع المدني في صنع النتيجة النهائية ، فضلا عن ذلك ، فأن التركيز يقتصر على تأثير المؤسسات السياسية على استقرار الديمقراطية بمعنى غياب العنف ، أي أنها لا تتضمن مفاهيم أكثر دقة ومعياريا وأكثر إلحاحا في استمرار وجود المُجتمع السياسي بشكل فاعل في المجتمع وله دوره في الرخاء السياسي والبعد عن العنف .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-01-2022 10:32 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |