حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1788

هل الكتل النيابية بديل عن الاحزاب السياسية ؟

هل الكتل النيابية بديل عن الاحزاب السياسية ؟

هل الكتل النيابية بديل عن الاحزاب السياسية ؟

01-03-2021 07:01 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : اسامة الاسعد
الجواب هو لا، اما هل الكتل النيابية هي خطوة في الاتجاه الصحيح المرغوب من العامة التواقين الى دولة مدنية و ضمن خطة واضحة و مدعومة لا لبس فيها ؟ فالجواب هو نعم ممكن لكن كان هذا سيكون مقبول بين الاعوام 1989 و 1993 في الحالة الاردنية.
فالكتل النيابية و من اسمها تضم نواب، اي وفقوا في الانتخابات اساسا و لكن بقواعد و اسس ليست حزبية و ليست برامجية بل عشائرية او قبلية او مناطقية او كل ذلك، و بالتالي لا نفع يذكر من تكتلهم الا لو بدأ مبكرا لدى عودة الحياة البرلمانية في 1989 و من ثم تطور الامر بشكل طبيعي ليصل الى مرحلة لا ينجح فيها احد فيدخل مجلس النواب الا على اسس برامجية – حزبية، و لو ترك الامر (قانوني الانتخاب و الاحزاب) يتطور لتحالفت الاحزاب حتما مع الوقت و اندمجت لتمثل بالنتيجة اليمين و اليسار و الوسط ضمن ما لايزيد عن ثلاثة او اربعة احزاب كمنتج طبيعي لارادة حقيقية بتطوير الحياة السياسية في البلاد، باتجاه حكومات برلمانية منتخبة، و لكن هذا لم يحصل، بل ما حصل هو العكس حيث تراجعت القوانين خطوات الى الخلف و بدل التطور حصل التراجع، و تكرس التراجع ليطال كافة مناحي الحياة حيث تراجع الاقتصاد بشكل خطير ما زاد من نسب البطالة و بالتالي شاب المجتمع ما شابه من علل عميقة على اقل تقدير، و بشكل حتمي تراجع مستوى التعليم على كافة مستوياته و لم تسلم ايضا شؤون الصحة، النقل و الطاقة، و بالنتيجة تراجع مستوى كافة الخدمات الحكومية لا سيما مقابل سعرها الذي يتكبده المواطن و لا احد غيره، و صحيح ان الكلف على هذه الخدمات ارتفعت على الحكومة الا ان الملام هنا هي الحكومة التي اعدت و تعد موازنات غير حصيفة على مر السنوات، سواء من ناحية التقديرات (الايراد و الانفاق) او من ناحية التخطيط بشكل عام ما راكم من الدين العام و بالتالي العجز المعتبر، العصي على الحل.
و الحقيقة انني لا اريد الدخول هنا في مشاكل و معيقات الاستثمار الذي يشكل حجر الاساس في تقليص نسب البطالة، كما لا اريد الدخول في حجم الجهاز الاداري في البلاد و تفرعاته التي لا تشكل اي قيمة مضافة بل بالعكس، و لا اريد الدخول في علاقة القطاعين العام و الخاص الجافة ببعضهما البعض ما يشكل عراقيل اخرى لا يتسع بحث او مقالة للخوض في تفاصيلها بل سأكتفي بالاشارة اليها، كما انني و الاهم لا اريد الدخول في العلاقات الاقليمية و لا الاوسع منها هنا ولا من استلم الادارة في الولايات المتحدة الامريكية ولا في غير مكان قرب ام بعد، بقدر ما اريد فتح موضوع اهمية تمكين البلاد من الداخل حيث ان كل ما تقدم من مشاكل و اكثر منها كذلك و على مختلف الملفات العالقة لا حل سحري لها سوى بترتيب شؤون مستقبل الحياة السياسية حتى و ان بدا ان ذلك تأخر بعض الشيئ، فهو ليس كي و هو ليس مسكنات، بل هو الحل السحري ان جاز هذا التعبير، سيأخذ وقت ؟ نعم، و لكن سيعطي الاجيال القادمة الفرصة، و كذلك الامل و الثقة لتكون حياتهم افضل من الاباء و الاجداد و هكذا، و ذلك لوحده يشكل هدفا ساميا يستحق المحاولة الصادقة دون ادنى شك لما سيحقق لهم من العدالة و سيادة القانون.
اما ترتيب شؤون مستقبل الحياة السياسية في البلاد فيبدأ بتغيير قانوني الانتخاب و الاحزاب و ليس تعديلهما، و لنا ان نستعين بتجارب الدول الناجحة ان شئنا و توفرت الارادة، و على الحكومة من بعد ذلك كف يدها تماما عن توجيه الاحزاب او الصرف عليها بل تتركها تخوض التجربة بالكامل بما في ذلك تشكل اللوبيات و قبول التبرعات و المنح من الشركات آخذين بعين الاعتبار مصالح تلك الشركات المانحة اذ لا ضير ابدا بل تلك هي الحال في الديمقراطيات المعروفة، ثم ان هذه الاحزاب و مع مرور الوقت و تعاظم التجربة ستتآلف و تندمج و منها من سيزول و هكذا وصولا الى العدد المناسب منها، و كذلك ستتعمق التجربة مع مرور الزمن ليرى الشعب (الناخبين) برامج شاملة يقرروا عندها لمن يصوتون و لماذا، و ستتآكل اهمية العشيرة او القبيلة او المنطقة تلقائيا لصالح الفكر و ليحل محلها صوت العقل و خلال كل ذلك ستتشكل الحكومات من الحزب الذي حصد الاكثرية في مجلس النواب او من الاحزاب المتآلفة و بالتالي حصلت الاكثرية، اما الاقلية فستكون حكومة ظل تنتظر دورها الذي لا يأتي بالتقادم بل بالتنافس البرامجي الذي سيصب في مصالح البلاد و العباد دون شك و خلال كل ذلك ايضا ستتحول هذه البرامج الى قوانين حيث المشرع و المنفذ منتخبين ولا مناص لهم او مخرج سوى تنفيذ ما وعدوا به و الا غادروا و اتى غيرهم بسلطة الشعب، اما هذه القوانين فهي و بشكل حتمي ستطال كل شيئ من قضاء و اقتصاد و استثمار و صحة و تعليم و نقل و خدمات و بيئة و كل ما له علاقة حيوية بالشعب الذي سيتنافس السياسيين على ارضائه، ناهيك عن الحالة السياسية الطيبة التي ستنشأ تجاه و مع الخارج بسبب تماسك الداخل و ارتكازه الى القانون.
اما دستور المملكة فقد اسس ليشمل كل ذلك، ففي المادة الاولى منه قال ان نظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي. و في الفقرة الاولى من المادة السادسة منه قال ان الاردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق و الواجبات و ان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين. و في الفقرة الاولى من المادة الرابعة و عشرون منه قال الامة مصدر السلطات.
و في اوراقه النقاشية السبعة طرح جلالة الملك افكارا واضحة، اذ تحدث باسهاب عن الانتقال الى الحكومات البرلمانية في ورقته الثانية بتاريخ 16/1/2013 و تطرق الى التمكين الديمقراطي و المواطنة الفاعلة في ورقته الرابعة بتاريخ 2/6/2013 و تناول بالتفصيل تعميق التحول الديمقراطي عن طريق ترسيخ متدرج لنهج الحكومات البرلمانية تحت مظلة الملكية الدستورية المعززة بمشاركة شعبية فاعلة او ما وصفها هو بالمواطنة الفاعلة و ذلك في ورقته الخامسة بتاريخ 13/10/2014.
كما لم يخلو كتاب تكليف منه لاي حكومة من توجيهها الى هذا الامر و تفرعاته باتجاه دولة مدنية، و لم يخلو لقاء له من التطرق الى اهمية تعديل قوانين الانتخاب و الاحزاب و كذلك الادارة المحلية، و محورية استقلال السلطات.
خلاصة الموضوع و نحن نتحدث عن دولة عمرها مئة عام، انه آن الآوان و ان تأخر، و لم يعد مقبولا كل هذا التشردم و التداخل في الصلاحيات دون ما نتيجة، و كل هذا العدد من المؤسسات الرسمية قليلة الفعل، و كل هذا الدين و كل هذا العجز و كل هذه البطالة، و كل هذه الفرص الضائعة، و ما مرد كل ذلك و غيره من السلبيات الا عدم وجود حياة سياسية لائقة بالشعب و بمستقبله حيث لا بديل عن قوانين انتخاب و احزاب عصرية و ارادة تغيير حقيقة تتمكن من مجابهة اي قوى للشد العكسي تتبناها فئات باتت قليلة و تكشفت مصالحها التي تتناقض و اي جهد تقدمي يرمي الى توسيع قواعد و مفاهيم العدالة و المساواة و حقوق الانسان في دولة مدنية تتطور، لا ريعية مؤججة للأزمات تتخلف.

اسامة الاسعد / مستشار سابق في رئاسة الوزراء


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 1788
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم