28-12-2020 09:49 PM
بقلم : وليد عليمات
بعد أيام سيكتمل مئة عام من عمر الدولة الأردنية ومن المفترض أن تكون أطوار التطور الطبيعية لأي دولة تسعى للاستمرار مكتملة أرض يعيش عليها شعب وتحكمه سلطة تمثل الشعب وتنظم حياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن تكون هناك أسس مبنية على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وهذه الأسس هي اللبنة الأساسية في بناء المواطنة الحقيقية، وهي الحجر الأساس في بناء التنمية بكافة جوانبها و القائمة على الانتماء الحقيقي والعمل الجاد.
المواطنة الحقيقية تستلزم ثقة ما بين الشعب وحكومته، والذي يرسخ هذه الثقة أولا هو انبثاق الحكومة من الشعب فتكون ممثلة له ولتطلعاته وأهدافه وثانيها أن تكون على دراية بالواقع الحقيقي للشعب بحيث تكون لديها القدرة للربط بين الواقع والأهداف بعيدا عن الاستعراض الاعلامي والإجازات الوهمية وثالثها وأهمها هو العدالة وتكافؤ الفرص في كل ما تقوم به سواء من حيث توزيع المكتسبات ومن حيث الاهتمام بالأفراد والا تكون هناك نخبوية في العمل، والتي هي أساس الفساد والإفساد في أي مجتمع.
و دعونا نتكلم بصراحة أكبر نحن نفتقد أقل مؤشرات الثقة في الحكومات المتعاقبة منذ تأسيس الدولة والتي تزيد انحدارا حكومة بعد حكومة ولا تورث الحكومة أختها الا فسادا ومديونيات تزيدها، دون أن نصل إلى حكومة تبدأ بالحلول الفعلية فكل حكوماتنا هي حكومات ضرائب وجباية، وبدل أن تسعى للمشاريع التنموية التي تكون هي مرضعة الخزينة، تختار الطريق الأسهل وهو جيب المواطن الذي لم يعد لديه ما يعطيه سوى الشكوى من الفقر وضيق الحال في حين أن المسؤولين يزدادون ترفا وامتيازات على حساب قوت الشعب واساسياته.
مئة عام وفجوة الثقة تزداد ما بين نهج التفقير والتوزير حتى تلاشت ما تسمى بالطبقة الوسطى التي هي ميزان أي مجتمع وهو ما زاد من الحقد بين طبقة من الفقراء والمعوزين وأصحاب الدخل المعدوم الذين يرون أن ليس لهم الفرصة في تحسين أوضاعها بسبب الضغوطات الاقتصادية، وفئة تقبع بين جنبات السلطة تورثها وتتوارثها وتزوجها مع الفئات الاقتصادية ورأس المال مما أفسد أهل السلطة فطغوا وتمادوا حتى أنتقلت النظرة إلى المنصب من نظرة المسؤولية إلى النظرة التنفيعية.
اليوم نحن نحصد نتائج انعدام الثقة ما بين الشعب و الحكومات المتعاقبة والتي انتهجت ذات النهج في الإدارة ؛ نحصد اقتصادا مريضا ونحصد سياسة عقيمة ونحصد مجتمعا أقرب إلى التفكك منه إلى التماسك فالنظرة النفعية التنفيعية التي أنتقلت عدواها إلى أفراد الشعب، والتي تعتمد على الوساطات والعلاقات على حساب العدالة.
انعدام العدالة الذي أدى بالفرد إلى اللجوء إلى مصدر قوة لتحصيل المكتسبات وأدى ذلك إلى تعزيز الهويات الفرعية العشائرية والإقليمية على حساب الهوية الوطنية الجامعة، والكل يرى الوطن من زاوية مصلحته لا من زاوية المصلحة العامة.
اليوم نحن بحاجة إلى الإصلاح السياسي الشامل والذي به يصلح اقتصادنا ويصلح المجتمع بعد عودة سيادة القانون الحقيقية لا السيادة التي تميز بين فرد وفرد وجماعة وجماعة؛ سيادة القانون التي على أساسها سيكون نهج المحاسبة الحقيقية والرقابة الفعلية على الأفراد والمؤسسات والتي ستنهي الفساد والتي ستكون بذرة التنمية الحقيقية، وهي الشيء الوحيد الذي يمكن أن يردم هوة الثقة بين الأردنيين ودولتهم ويبني جسور المستقبل الحقيقي لا المستقبل الذي صنعوه في خطاباتهم الرنانة.
وليد عليمات