07-11-2020 08:27 AM
بقلم : د. ماجد الخواجا
ما هو الحلم الأمريكي American Dream ؟
الحلم الأمريكي هو الاعتقاد بأن أي شخص، بغض النظر عن مكان ولادته أو أي مكون اجتماعي ولد فيه ، يمكنه تحقيق نجاحه الخاص في مجتمع يكون فيه التنقل الصاعد ممكناً للجميع. ويتم تحقيق الحلم الأمريكي من خلال التضحية، والمخاطرة، والعمل الشاق، وليس عن طريق الصدفة. هذا هو خلاصة الحلم الأمريكي القائم على المنافسة المفتوحة وعلى الفرص المتاحة للجميع، وعلى المساواة في الحياة.
يوصف الحلم الأميركي بأنه "الروح الوطنية" التي تجسد مجموعة من القيم السائدة في أميركا، وأهمها " الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية وتعدد الفرص والمساواة ".
تعود جذور مفهوم "الحلم الأميركي" إلى وثيقة إعلان الاستقلال الأميركية الصادرة عام 1776، والتي وردت فيها عبارات " كل البشر خلقوا متساوين "، و" كل مخلوق لديه حقوق غير قابلة للجدل "، و" الحياة والحرية والسعي وراء السعادة ".
الحلم الأميركي هو الروح الوطنية لشعب الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يرى من خلالها أن هدف الديمقراطية هو الوعد بتحقيق الازدهار.ويشعر المواطنون من كل الطبقات الاجتماعية، في الحلم الأميركي الذي أعرب عنه جيمس تراسلو أدامز عام 1931 في كتابه الملحمة الأمريكية : الحلم الأمريكي هو الحلم الخاص بالأرض التي يجب أن تكون بها الحياة أفضل وأكثر ثراء لكل الناس، حيث تتيح لكل فرد الفرصة المناسبة طبقا لقدراته وإنجازاته، بقدرتهم على تحقيق "حياة أفضل وأكثر ثراء وسعادة." وجاءت فكرة الحلم الأميركي مرسخة في الجملة الثانية من إعلان الاستقلال والتي تنص على أن "كل الناس قد خلقوا متساوين" ، وأن لهم "بعض الحقوق غير القابلة للتغيير" والتي تضم " حق الحياة والحرية والسعي وراء تحقيق السعادة ".
ماذا قدم #ترامب في مشهد الحلم الأمريكي خلال الأربع سنوات فترة حكمة للولايات المتحدة ؟
لقد قدم مشهداً امريكيا بامتياز ، مشهدا يقوم على " التناقض المنسجم " ، هذا المفهوم الذي يستند إلى الدوغمائية بقدر ما يستند إلى البراغماتية الأمريكية، مشهدا يتحدث عن أمريكا أولا وأخيرا، فلم يعد الشعار السابق أمريكا أولا يصلح في زمان القطب الواحد، لقد اسخدم ترامب شعارات متعددة تدخل في باب الغرائب السياسية، منها مثلا كيفية التعامل مع الزعيم الكوري الشمالي، الذي أصبح قريبا وربما حليفا لو استدعى الأمر ، فقط لأن مصلحة أمريكا أولا وأخيرا، فهو لم يعد يبالي بشؤون ومصالح الدول حتى الحليفة أو الصديقة، وليس ثمة مراعاة لأية مواثيق أو تحالفات أو معاهدات إلا ما تقتضيه المصلحة الأمريكية بصورة مباشرة.
ترامب ليس واضحا كما تم تداول هذا المصطلح في العالم، وإنما مباشرا ودون أية مواربات أو دبلوماسية العلاقات الدولية، لقد كان رجل أعمال يعقد صفقات مقترنة بالقوة الأمريكية الصلفة ، فكانت العقود كلها تصب في الخزينة الوطنية الأمريكية ورجال أعمالها.
ترامب ربط الأولويات الاقتصادية بالعلاقات السياسية والشخصية حتى تداخلت فيما بينها إلى درجة أنه وهو يعلن محاربته للإسلام بذريعة الإرهاب، يقوم بالمشاركة بل بدعوة زعماء الدول الإسلامية ويجتمع فيهم.
ترامب كان الثابت والبوصلة الوحيدة له خلال رئاسته توطيد وتقوية ربيبة أمريكا الكيان الصهيوني. وفي كل ما قام به في المنطقة العربية والشرق الأوسط كان المؤشر والدالة هي مصلحة الكيان الصهيوني.
ترامب كان منحازا للحلم الأمريكي غير المعلن والمتمثل في سيادة وهيمنة الرجل الأبيض، فهو حارب بشكل معلن كافة الأقليات والطوائف والمذاهب والأعراق في سبيل توفير الحياة المترفة للرجل الأبيض، شاهدنا لغته العنصرية تجاه المسلمين، والسود، والمرأة، واللاتينيين، والأسيويين، وغيرهم، حتى وصل الأمر إلى إحياء فكرة الجدران بين الدول من خلال الجدار بين أمريكا والمكسيك.
ترامب بالمفهوم الإداري مارس النمط السلطوي الفردي المستبد الباحث عن إنجازات مباشرة وسريعة وتراكمية بغض النظر عن مفاهيم العلاقات والإنسانية.
ترامب بمفهوم الزعماء، يعتبر من النمط الستاليني الهتلري الفاشستي النازي ، فهو خليط أو مزيج من كل هذا.
ترامب تغلف بمسحة دينية خلاصية جعلت أنصاره يرون فيه النبي المخلص أو الملك غير المتوج أو القدر الإلهي للنهايات ذات الهوس الديني.
ترامب مارس الغوغائية بكل احترافية، فهو دوغمائي يستند إلى الصراخ والهوج وكأنه في حالة من الجهوزية لأية معركة حتى لو كانت جسدية.
ترامب مارس البراغماتية بأبهى تجلياتها، عندما تعامل مع جريمة مقتل الخاشقجي، ومع حصار قطر، ومع مصر، ومع تركيا، ومع روسيا، وكوريا الشمالية، وحتى مع إيران.
ترامب مارس التناقض الصارخ مع الإعلام من خلال معاداته لكافة الوسائل الإعلامية، لكنه لم يجد لتغريداته اليومية سوى وسائل الإعلام.
يقول الصحفي الألماني مختصرا المشهد الأمريكي: "عندما تشاهدون جو بايدن (المرشح الديمقراطي) في التلفزة، فإنه يبدو عجوزا ومكبلا في قبوه. ويشعر المرء تقريبا بأنه لا يقدر على شيء فكريا"، يقول هاكه. وفي النقيض يوجد الرئيس ترامب الذي يصعد الأزمة بتعصبه الأعمى. رئيس أمريكي لا يوحد، بل يقسم البلاد منذ توليه السلطة ويكذب ويناشد الغرائز. والاغتيال والاضطرابات تسرع تحول الحلم الأمريكي إلى كابوس أمريكي، ما يدفع هاكه للقول: "أمريكا تتفكك".
أربع سنوات فقد العالم ذائقته وكرامته وملامحه في سبيل حلم ترامب ، هذا الحلم الذي كلف العالم كثيرا، وأصبح كابوسا ثقيلا، ها هو يخبو ويتلاشى ، لكنه سيترك ندوبا وجروحا غائرة يصعب علاجها والشفاء منها إلا بعد مرحلة طويلة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-11-2020 08:27 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |