03-11-2020 10:55 AM
بقلم : ماهر دعّاس القدومي
الوصول إلى قبة البرلمان يفترض أن لا يكون غاية بحد ذاته، وإنما هي رغبة تتعلق بأهداف يطمح النائب لتحقيقها، وبغير ذلك عليه أن يبقى جالسا في بيته، أو يمارس تجارته وهواياته بعيدا عن مصير شعب، يهمه مستقبله أكثر بكثير من "برستيج" الظهور على الشاشات.
الأصل أن يحمل كل نائب مشروعا سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو قانونيا في ذهنه، مع الإشارة إلى تداخل هذه الأجناس مع بعضها في كثير من الأحيان، فعمل النائب يحتم عليه أن يكون ضالعا في كل ما ذكرناه، إلى جانب مشروع فردي يحلم بتحقيقه لصالح الشعب، وإلا فإن السنوات الأربع المقبلة ستمضي كغيرها مع كثير النقد السلبي ، وما يلازمه من زعزعة ثقة الشعب بالأداء البرلماني.
المجلس النيابي المقبل أمامه مهام جسيمة، فالأردن كغيره من دول المعمورة، يعيش ظروفا صعبه، لكن أزمته أكثر من غيره سياسيا واقتصاديا، فهو المدافع الأول عن قضايا الأمة وخصوصا القضية الفلسطينية وفي مقدمتها ملف القدس الشريف، ويتعرض في سبيل ذلك إلى ضغوط شديدة من كل صوب وحدب، ومع ذلك ما يزال صامدا على مواقفه المشرفة، ولكي يستمر بلدنا في الصمود والتصدي لا بد من برلمان قوي يصمد في وجه أي ضغوط على بلاده، بل ويكون رديفا قويا لجميع مؤسسات الدولة في هذا الشأن .
غير أن"البطالة" أكثر الملفات إيلاما لبلدنا ، إذا لايعقل بأي حال أن يبلغ عدد العاملين الوافدين 850 ألفا بينهم 440 ألف بلا تصاريح، بينما تستعر البطالة في صفوف شبابنا، وتنهش أحلامهم، حيث بلغ معدلها 23 بالمئة خلال الربع الثاني من العام الحالي. واللافت ، أن المعدل كان مرتفعاً بين حملة الشهادات الجامعية على وجه الخصوص، ووصل إلى 26 بالمئة مقارنة مع المستويات التعليمية الأدنى.
وخلاصة القول، أننا لانريد أن يصل شبابنا إلى حالة من اليأس، ترتد نتائجها وخيمة على مجتمعنا، وليس من المقبول الأطروحات الكلاسيكية القائلة بأن الشباب الأردني لا يريد أن يعمل، فالواقع يؤشر على أن الشباب الأردني مستغل من فئة ليست قليلة من أصحاب العمل في الأحوال الطبيعية براتب متدن جدا لا يكفيه احتياجاته الأساسية، ومع ذلك خسر كثير منهم وظائف "سد الرمق" بسبب جائحة كورونا، ولم تفلح إلى حد بعيد الحزم الحكومية في حماية أرزاقهم.
بعيدا أن التنظير، ملف البطالة وطني بامتياز، وهو الأهم من وجهة نظري، لذا ،دعونا نقوم بخطوات فعلية لتشغيل الشباب الأردني عبر تسليحه بالمهارات اللازمة لسوق العمل المحلي والخارجي، إلى جانب تشغيله عبر جذب الاستثمارات أو استحداثها او عبر إنشاء شركات Outsource company، وإحلال ما امكن من العمالة المحلية بدلا من الوافدة.
عموما، إذا فشلنا في إدارة ملف البطالة، فنحن أمام قنبلة موقوتة ، والسؤال، الآن، وصلت نسبة البطالة 23 بالمئة، فماذا سيكون حالنا في العشرين سنة مقبلة، إذا أخفقنا في الحل لا سمح الله؟. وما أثر فشلنا على معدلات الجريمة بأنواعها، وتراجع القيم والأخلاق وتعاطي المخدرات(...) ؟ .
عشرون أو ثلاثون عاما ليست كثيرة في أعمار الدول، وليس أمامنا سوى سبيلين، إما أن نغفو لنستيقظ على أرقام مرعبة ومخيفة، ستؤثر سلبا في حياتنا،وستفقدنا مساحة ما تبقى من ضيقة للأمل، وإما أن نقود معركة شرسة في مواجهة فيروس البطالة ، لينتصر الوطن على أكبر فيروس يمكن أن يفتك بالشعوب.
حفظ الله بلادنا من كل سوء .