حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 952

مصارحة حرّة

مصارحة حرّة

مصارحة حرّة

25-06-2020 12:28 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : فيصل رياض سلايطه
من أكبر مشاكلنا في الحياة وأكثرها تعقيداً هي قلّة و إنعدام الصراحة في تعاملاتنا , فنحن نُفضّل المصارعة على المصارحة و كأنّنا إن صارحنا النّاس بحقيقة مشاعرنا سوف يُخسرنا ذلك شيئاً فنحن دائماً ما نقول للنّاس ما يريد النّاس أن يسمعوه من أفواهنا لا ما نحملهُ داخلنا من أحاسيسٍ لهم , مشكلة إنعدام الصراحة لا تنحصر فقط على العلاقات الإجتماعية بل يُمكن رؤيتها بوضوح في أغلب مناحي الحياة .
إن نظرنا لمشكلة إنعدام الصراحة في بيئة العمل سنجد أنّ اثآرها مُدمرة على كل من المؤسسةِ و الموظف على حدٍ سواء , فإن فرضنا بأن موظفاً يعمل في إحدى الشركات و لا يشعر بالأمان الوظيفي و لا يربطه بعمله الّا المردود المالي, بالطبع ستكون إنتاجية هذا الموظف منخفضة و قابليته للعمل في أدنى مستوياتها مما ينعكس في المحصلة على الشركة و مدخولاتها و تنظيمها الداخلي, بينما إن إستطاع ذلك الموظف أن يُصارح مرؤوسيه في العمل بما يحمله من مشاعر لهم و لوظيفته بُغية الوصول لحلول لا لغاية الهجوم ووجدت له إدارته التي يجب أن تكون مُلمّة بتفاصيل الإدارة الناجحة حلولاً لمشكلاته ستكون صراحته قد أراحته جداً و حققت له الرضى الوظيفي و حققت للمنشأة التي يعمل بها النجاح المطلوب و حافظت على البيئة المُحفّزة للموظفين.
الصراحة مُهمة و مطلوبة في العلاقات الإجتماعية أيضاً خصوصاً في مجتمعاتنا العربية المُتقاربة , فيجب على كل شخصٍ منّا أن يرسم دائرة وهمية حوله يكتب فيها أسماء الأشخاص الذين يريد إدخالهم إليها , هذا لا يعني أن يُصدْ أي شخص يحاول التقرب إلينا بطريقة غير لبقة فالصراحة غير المسؤولة و الخالية من الإنسانية تعتبر وقاحة هدّامة , لكن علينا دائما أن نكون صريحين بمنطقية مع من حولنا فلا حاجة ولا فائدة من التجميل , فمهما جمّلنا الواقع و إدعينا الحب لا عكسه سيأتي يوم تفضحنا فيه أبسط التفاصيل , و بهذا تصل نفوسنا بالصراحة إلى الراحة الفطرية المطلوبة فالمجاملة مرض مُهلك يجعلك تقول عكس ما تشعر و تتصرف عكس ما تنوي و إن جعلنا الصراحة المنطقية نهج لنا ستصبح المجاملة الواسعة عادة على وشك الإنقراض .
في مضمار السياسة سنجد بأن الصراحة تحتضر و تكاد أن تلفظ أنفاسها الأخيرة , فنحن لا نقوى على مزج الصراحة و السياسة معاً فدائماً ما نجد المحددات أو نخلق الأعذار لضعفنا , فإن رأينا السياسي قد أخطأ اليوم نعطيه الأعذار مباشرة و نقول " لا يمكننا ذمّه و نسيان ما فعل البارحة " و كأنّ السياسي أو المسؤول عندما يفعل ما نراه صائباً يكون واجب علينا مدحه و الثناء عليه و ننسى بأن هذا هو جوهر عمله ألا و هو السعي وراء مصالحنا و العمل على تحقيق مطالبنا , في الجهة المقابلة نحن لا نرى ما يفعله عامل النظافة بتجميله شوارعنا كل يوم و نشكره بينما هو يقوم بأعمال ليست من إختصاصه في كثير من الأحيان و نركض وراء صاحب النفوذ لمجاملته بكل ما أوتينا من فنون التملق , فالوظيفة وظيفة و إن إختلفت طبيعتها و ظروفها.
ما يؤلم في عالمنا العربي أن فن المصارحة غالباً يضر و قليلاً ما ينفع , فإن نظرنا للربيع العربي بتجرد بعيداً عن نظرية المؤامرة على أنه نموذج لكسر حصار الصراحة بين الأنظمة و الشعوب سنجد بأن الصراحة لم تُخلّف لنا إلّا تشدداً و تعصباً و تخلفاً أكثر, و لكن مع ذلك إكتسبت شعوبنا هذا الفن ولو قليلاً و لا زلنا نشهد إستخدامات له بين الحين و الآخر , لذا علينا أن نتعلم هذا الفن منذ الطفولة تماماً كما نتعلم المشي و القراءة فإن نظرنا له بنظرة شمولية سنجد بأنّ فوائده لا تحصى ولا يُستطاع عدها .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 952
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم