02-06-2020 07:39 PM
بقلم : أ. د. ابراهيم بظاظو
مساهمة السياحة الداخلية إلى مجمل حجم السياحة في الأردن
تستحوذ السياحة الداخلية في الدول المتطورة على غالبية الأنشطة السياحية، فهي تشكل حوالي (90%) من إجمالي النشاط السياحي في هذه الدول. وهذا يعني في المقابل أن السياحة الخارجية (الدولية والإقليمية) تسهم بحوالي (10%) فقط من إجمالي الأنشطة السياحية على المستوى الدولي. وفي الأردن فإن الدور الذي تقوم به السياحة الداخلية في النشاط السياحي ما يزال محدوداً. وهذا يشير إلى أن إسهام السياحة الداخلية في صناعة السياحة الأردنية ما يزال في حدوده الدنيا. ويمكن القول أن نسبة مساهمة السياحة الداخلية في المملكة كان خلال العقد الماضي في حدود (7%) من إجمالي النشاط السياحي فيها مما يتطلب ضرورة مضاعفة جهود القطاعين العام الخاص لتوسيع إسهام السياحة الداخلية في دعم النشاط السياحي داخل الأردن.
السياحة الداخلية صمام آمان السياحة الأردنية
تكمن أهمية السياحة الداخلية في جوانب أهمها زيادة وعي المواطنين بالأهمية السياحية لبلدهم بما فيها من مواقع جذب طبيعي خلابة ومعالم أثرية وتاريخية ومواقع تراثية وذلك لتعميق الانتماء بالهوية الوطنية. وتوسيع وزيادة تفاعل المجتمعات المحلية (Local Communities) مع مقومات ومواقع الجذب السياحي. ويترتب على ذلك توجيه الاهتمام والعناية بخصائص البيئة السياحية والحفاظ على نظافة المواقع السياحية وصيانتها وحمايتها استناداً إلى عوامل الاستدامة (Sustainability Factors). وتحقيق التكامل بين السياحة الدولية والسياحة الداخلية باعتبارهما قاعدة التطور السياحي ومحرك النشاط الاقتصادي.مما يؤدي إلى تحقيق المزيد من الانتعاش الاقتصادي في مناطق التنمية السياحية من خلال توسيع المشاريع والمرافق السياحية وزيادة الاستثمارات السياحية في المرافق والخدمات السياحية وتوفير المزيد من فرص العمل في مناطق التوسع السياحي وتنشيط الصناعات التقليدية واليدوية التي تعكس أشكال وأنواع التراث المحلي، والسياحة الداخلية صمام آمان السياحة الأردنية .
إشكاليات تطوير السياحة الداخلية في الأردن
رغم ما تمت الإشارة إليه من أهمية السياحة الداخلية في دعم النشاط السياحي، إلا أن هناك العديد من المعوقات والمشكلات التي ما زالت تعترض الجهود الهادفة إلى تطوير آفاق السياحة الداخلية في الأردن والتي تتركز في انخفاض معدلات الدخل الفردي ومستويات المعيشة للأردنيين مما يحد من قدرتهم على الإنفاق على الأنشطة السياحية،وكبر حجم العائلة الأردنية التي يصل متوسطها إلى حوالي ستة أشخاص مما يزيد من صعوبات الادخار والإنفاق على الأنشطة والمرافق والخدمات السياحية. وتعدد أنماط الحياة الاجتماعية والعلاقات الموجهة نحو الزيارات المتبادلة ورحلات التنزه اليومية (القصيرة) إلى مناطق الطبيعة البرية مثل الأغوار في الشتاء والمرتفعات في الصيف، بالإضافة إلى أشكال التنزه الأخرى في الحدائق العامة والمتنزهات وعلى أطراف الطرق الرئيسية. وهناك المعوقات الثقافية المتمثلة بضعف الرغبة لدى المواطنين لزيارة المعالم والمناطق الأثرية والتاريخية. وترتبط هذه المعوقات بضعف الوعي الثقافي والسياحي بأهمية هذه المواقع والمعالم السياحية. ومحدودية وضعف تنوع البرامج والأنشطة السياحية والترفيهية الموجهة للفئات المختلفة من المجتمع الأردني، بالإضافة إلى ضعف الحوافز والمزايا التشجيعية اللازمة لتنشيط الحركة السياحية المحلية.
إن السياحة الداخلية هى صمام الأمان لقطاع السياحة الأردني في ظل أزمة كورونا على المستوى الدولي، وأنه لابد من دعم مبادرات السياحة الداخلية، وتشجيع الأردنيين نحو ثقافة السفر وزيارة المواقع السياحية في الأردن، فالسياحة الداخلية أو الوطنية يجب أن تلعب في الوقت الحالي دور المنقذ، ويجب تتصف كافة الاستراتيجيات المتبعة في تطوير السياحة الداخلية بالاستدامة والمرونة، حيث تعد السياحة الداخلية طوق نجاة للسياحة الأردنية، ويجب الاعتماد على السياحة الداخلية وجعلها ركيزة أساسية في أي استراتيجية مستقبلية لتطوير هذه الصناعة.
عودة مشروطة للسياحة الداخلية
عودة السياحة الداخلية رسالة قوية للعالم بأن الأردن نجحت في التعايش الآمن مع أزمة كورونا.
من المفترض أن تعيد المنشآت الفندقية في الأردن فتح أبوابها، أمام السياحة الداخلية، بشرط تطبيق عدد من الإجراءات الوقائية للحصول على شهادة صلاحية صحية، بالتنسيق مع وزارتي الصحة والسياحة، وعلى المنشآت الفندقية الالتزام بتوفير عيادة وطبيب مقيم ومواد للتعقيم وإخضاع العاملين لفحوص، فضلا عن توفير طابق في الفندق أو مبنى صغير كمنطقة حجر عند الاشتباه أو اكتشاف حالة مصابة بالفيروس، وضرورة التأكد من جودة أدوات الوقاية الشخصية ومواد التعقيم المستخدمة، وعدم التعامل إلا مع الشركات المعتمدة، كما تتضمن الاشتراطات اللازمة عدم إقامة أي حفلات أو أفراح داخل الفندق، وحظر كافة أنواع النشاط الليلي بالفندق، كذلك الاستمرار بشكل دائم بإجراء اختبار سريع للعاملين، وتركيب جهاز تعقيم في مدخل الفندق، وإنهاء إجراءات تسجيل الدخول للنزيل إلكترونيا أو باستخدام أقلام أحادية الاستخدام، وتعقيم أمتعة النزلاء قبل الوصول إلى الفندق والمغادرة منه، وقياس درجات الحرارة للنزلاء عند دخول المنشأة كل مرة، إلى جانب توفير معقم لليدين في منطقة الاستقبال ومختلف المرافق في جميع الأوقات، وتطهير كافة المناطق العامة بانتظام، وتشغيل الفنادق بحد أقصى 50%، من إجمالي الطاقة الاستيعابية للفندق، وتدريب العاملين في القطاع السياحي الفندقي علي كيفية التعايش مع الأزمة، و كيفية التعامل مع السائح الأردني عن بعد، ويجب عدم استخدام حمامات السباحة في القرى السياحية والاكتفاء باستخدام البحر فقط، لذا فإن قرار عودة السياحة الداخلية تعد رسالة قوية للعالم بأن الأردن نجحت في التعايش الآمن مع أزمة كورونا.