02-03-2020 03:31 PM
بقلم : المحامي صالح يوسف الداود
قبل أيام معدودة استيقظت المرأة الأردنية على قرار جديد من سلسلة قرارات مجحفة في حقها؛ حيث أقرت لجنة العمل في مجلس النواب الأردني شطب عبارة “التحرش الجنسي” من المادة 29 من قانون العمل والتي أوردتها الحكومة في مشروع القانون المعدل لقانون العمل والذي أرسلته الى مجلس النواب لإقراره، في الوقت الذي تحتاج فيه النساء العاملات إلى حماية فعالة من أفعال وسلوكيات التحرش الجنسي في عالم العمل وليس مكان العمل فقط.
وبحسب تقرير رسمي صادر عن جمعيه معهد تضامن النساء الأردني مفاده أن نصف النساء العاملات في الأردن يتعرضن للتحرش الإيمائي أو اللفضي، وأن نسبه انتشار التحرش الجنسي في أماكن العمل تصل إلى ٤٢٪ وانه من أهم أسباب عدم دخول النساء في سوق العمل وانسحابهن منه يعود لسبب الانتهاك لمساحة الأمان التي يعملن في أطرها..
وهنا لابد لنا من التفريق بين مصطلح التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي، وذلك وفقا لمنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة؛ إذ عرّفوا التحرش الجنسي على أنه " سلوك له إيحاءات جنسية غير مرحب بها من قبل الطرف الآخر، ويشمل أيضا طلب خدمات جنسية أو تصرفات ذات طابع جنسي، ويمكن أن يكون عبر الكلام أو النظرات أو عرض مواد جنسية في مكان العمل بحيث يراها الطرف المستهدف".
أما الاعتداء الجنسي فهو "ممارسة أي نشاط جسدي جنسي دون الحصول على موافقة من الشخص الآخر، أو عندما يكون الشخص الآخر غير قادر على الموافقة على هذا النشاط أو عندما يكون الشخص الآخر غير قادر على إعطاء الموافقة (كذوي الاحتياجات الخاصة والاطفال) ويمكن أن يشمل الاعتداء الجنسي استخدام القوة البدنية والعنف والتهديد والتخويف وتجاهل اعتراضات الطرف الآخر."
في الحقيقة لم يذكر قانون العقوبات الأردني التحرش الجنسي كلفظ صريح، لكنه جرّم وشدد عقوبة الاعتداء الجنسي (الاغتصاب، هتك العرض) في المواد ٢٩٢-٣٠١ من قانون العقوبات الاردني، بالإضافة للمادة 29 الفقرة (أ/6) من قانون العمل الأردني رقم 8 لعام 1996 وتعديلاته على أنه: يحق للعامل الأردني أن يترك العمل دون اشعار مع احتفاظه بحقوقه القانونية عن انتهاء الخدمة وما يترتب له من تعويضات عطل وضرر وذلك اذا اعتدى صاحب العمل أو من يمثله عليه في أثناء العمل أو بسببه وذلك بالضرب أو التحقير أو بأي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي المعاقب عليه بموجب أحكام التشريعات النافذة المفعول".
إن ظاهرة التحرش الجنسي ليست جديدة على مجتمعنا الأردني، ولكن الأسوأ منها عدم قدرة المرأة الأردنية على المواجهة وحدها بسبب ثقافة العيب وطبيعة المجتمع المحافظ، وواجبنا نحن كقانونيين ألا نضع رأسنا في الرمل بالتجاهل ناكرين عليها حقها في الحماية من التعرض لأي انتهاك قد يلحق بها أي أذى نفسي وجسدي، لذا يحتم علينا الواقع تعديل قانون العقوبات الأردني والمحافظة على مصطلح التحرش الجنسي من خلال العودة للمشروع المعدل لقانون العمل المرسل من قبل الحكومة للنواب.
باعتقادي بات الأمر واضحا فيما يتعلق بتوجه السادة النواب لطمس الحقائق وانكارها فإن كان المجلس لا يدري فتلك مصيبة ... وإن كنت يدري فالمصيبة أعظم.