14-01-2020 12:30 PM
بقلم : الدكتور علي الصلاحين
الإنسان الذي لا يملك السيطرة على أعصابه، لسبب أو لآخر، كنا نتعامل معه على أنه مريض يحتاج إلى عطف وعلاج.
لكن هناك أناساً يفتعلون العصبية عندما يريدون! فكلما أرادوا أن يعبّروا عن أحقادهم المتراكمة تجاه آخرين، اصطنعوا الانفعال الزائد والغضب العارم والعصبي، وأفرغوا ما في صدورهم بعبارات جارحة، تحمل الإهانة والتحقير والتهديد لهؤلاء "الآخرين"، وبذلك يحققون غرض التعبير عن أحقادهم وإهانة خصومهم، من ناحية، كما أنهم ينجون من المؤاخذة على ما بدر منهم، بحجة أنهم كانوا في حالة "عصبية"
إنهم يغضبون و"يعصّبون" عندما يريدون، ويهدؤون عندما يريدون!. فإذا كان مرض العصبيين الذين تحدثنا عنهم من قبلُ، مرضاً عصبياً فعلاً، فإن مرض هؤلاء مرض أخلاقي.
وبطبيعة الحال فإنه ليس من السهل على كل إنسان أن يكشف ما إذا كان الغضب (أو التعصيب) حقيقياً أو مفتعلاً، إنما يكشفه أولئك الذين عايشوا هذا الفرد، وعرفوا فيه افتعال العصبية عندما يريد، أي عرفوا أنه يقوم بـ"تمثيل دور العصبي" حيلةً منه لإيذاء الآخرين، والتنصل من مسؤولية ذلك.
فإذا كنتَ ممن يكشف افتعال العصبية عند إنسان فعليك أن تفوِّت عليه الحيلة، بأن لا تُظهر به اكتراثاً، بل أن تُظهر له احتقار هذا الدور الذي يمثّله!.
*****
ما أجمل أن نُشيع فيما بيننا ثقافة الحب والتسامح والحِلْم والأناة والحوار، وأن نَقْصُر غضبنا على ما يستحق الغضب فعلاً، وأن نقتدي في هذا وذاك بسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي "ما انتقم لنفسه في شيء قَطُّ، إلا أن تُنْتَهَك حرمةُ الله، فينتقم لله تعالى" متفق عليه، والذي قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنْزَعُ من شيء إلا شانه" رواه مسلم.
اللهم زيّنّا بالعلم، وجمّلنا بالحلم.
الدكتور علي الصلاحين.