11-12-2019 01:18 PM
بقلم : الدكتور إيليا حداد
زخرت السنوات الماضية وعَجت الأشهر المُنصرمة في هذا العام بالمحاضرات والمؤتمرات والمُلتقيات الدولية الخصبة التي تحدث فيها فرسانها عن (الريادة، الاستدامة، الابتكار، التشبيك، التمكين، المدن الذكية ، الاستثمار وتوزيع التنمية ...الخ ) من خلال أوراق قدمها متحدثين من أصحاب الكفاءة العالية وكان جلهم من المحافظات والأطراف وأصحاب قدرات تعبر عن الطاقات الكامنة لدى الشباب الأردني على هضم وتسخير هذه الأفكار والأعمال المتميزة .
ومن منطلق أن " الاقتصاد قلب السياسة والسياسة عقل الاقتصاد" عادت ذاكرتي تَشتر وبالتوازي مع حديث بعض أبواق الضجيج السياسي أو من يدعون أنهم جهابذة المرحلة وفرسانها وديكورها ، سواء من كان منهم مُتنفع أو طارئ أو كان مغموراً لا تتعدى علاقته بحاضنته الجماهيرية والشعبية علاقة المُتعة والتغول السادي بعدما أشبعونا تشدقاً وتكسيراً للمجاديف بأسلوبهم المثبط المحبط الممجوج بأن الشعب الأردني لم ينضج بعد سياسياً وبأن التجربة التعددية والعملية السياسية ما زالت محفوفة بالمخاطر إذا ما تشكلت حكومات برلمانية وذلك حتى نُساق بالتالي إلى خيارات مرسومه ومُعلبه معتمده على نظريات أكل وشرب عليها الدهر (نظريات التأطير) وهي من بقايا ومخلفات الإعلام النازي السلطوي!.
مرة ثانية أُذكر وأتساءل من بعض السياسيين والهواة الجدد من صُناع القرار استفزازاً لذاكرتهم المُعطلة والمسلوبة بال (الووووو) قصداً : الم يُمارس الأردنيون العمل السياسي والتنظيمي الحزبي العابر للجغرافيا منذ عشرينات القرن الماضي ؟؟! .. وأقصد هنا الأردنيون الأوائل والمؤسسين الشرفاء وهم كثر في الوطن ممن كانوا على تماس بالعمل الحزبي والتنظيمي ، ومن باب الإقليمية المحببة وحتى لا أنسى الكثير من الأسماء استذكر سنجق جبل عجلون المرحوم الشيخ راشد الخزاعي الذي انخرط بالعمل السياسي المنظم منذ عشرينات القرن الماضي (حزب الاستقلال العربي) لا بل ارتقى بالعمل الحزبي على زملائه الأشقاء في سوريا ولبنان بقضية العيش المُشترك ليستحق جائزة دولية كانت وشاح القبر المقدس من بابا الفاتيكان، وشتان ما بين العيش المشترك والتسميات الجديدة الركيكه والمبتورة لبعضهم اليوم مثل( التعايش المشترك)، إذن علينا أن نتذكر دائماً أننا لسنا أرضا بلا تاريخ، ولا أقوام عابرون!!
وفي الختام أقول لأصحاب ومروجي موانع النضوج الكاذب: ارفعوا غطاء وتقييم ذهنيتكم العاجزة عن محاكاة شبابنا الأردني ووقف الوصاية والمداد الروحي المشوه لمعشر الأردنيين ، لا تكسروا مجاديف العمل الحزبي المنظم، ولا تقمعوا أصحاب الرؤى والبرامج الواضحة، وحذاري من تصنيف الأردنيين وتوزيع التنمية والمواقع القيادية عليهم على أساس الجهوية والمناطقية ، وعلينا أن نؤمن جميعاً أن المعارضة الواعية ووجود الكتل البرلمانية في الجسم التشريعي ستكون هي صاحبة البرامج الناضجة وسيدة صنع القرار.
صرخة جبلية: في زمن الثعالب والأفاعي .. كم نحتاج لأمثالكم يا " خزاعي".