02-11-2019 09:05 AM
بقلم : المهندس عادل بصبوص
ورد ضمن إجراءات الحكومة لتنشيط الإقتصاد أن التعليم سيصبح إلزامياً من عمر خمس سنوات في العام القادم ثم من عمر أربع سنوات في العام الذي يليه، بمعنى إدخال مرحلة رياض الأطفال ضمن مسؤولية الدولة وعلى نفقتها، وعللت الحكومة قرارها هذا بأن الدراسات العالمية قد أشارت الى أن مرحلة رياض الأطفال تعد الأهم في مرحلة تعلم الانسان، وأن الاردن بذلك سيكون الدولة العربية الأولى التي تحقق هذا الإنجاز .....
لن نتوقف كثيراً عند أهمية مرحلة "الروضة" بالنسبة لعملية التعليم بشكل عام فهذه مهمة المختصين والخبراء، ولكن ما نحن متأكدون منه أن تراجع التعليم في بلدنا إلى مستويات مقلقة يرجع إلى العديد من الأسباب ليس من ضمنها أبداً عدم الإلتحاق برياض الأطفال في المراحل المبكرة من العمر، وكان بإمكان وزارة التربية والتعليم أن تقوم بتمرين بسيط بشكل مباشر أو من خلال دائرة الإحصاءات العامة بأخذ عينة مُمَثِلة من طلاب التوجيهي للإجابة على سؤال واحد فقط "هل إلتحقت بالروضة قبل دخولك المدرسة" ومقارنة ذلك بعلامة التوجيهي، للحصول على مؤشر وطني عن أهمية الإلتحاق برياض الأطفال ومدى تأثير ذلك على المخرج النهائي للتعليم المدرسي.
إن فتح صفوف للروضة في كافة مدارس المملكة عملية سوف تكلف ملايين الدنانير في ظرف اقتصادي يكاد يكون الأسوء في تاريخ المملكة، وهي تمثل توسعاً في تقديم السلع والخدمات الإجتماعية المدعومة في الوقت الذي شحت فيه الموارد لدرجة دفعت الحكومة لرفع أسعار سلعة أساسية كالخبز كانت تعتبر لسنوات طويلة خطاً أحمر لا يسمح بتجاوزه، وهنا يبرز السؤال لماذا لم تتخذ أية دولة عربية بما في ذلك الدول النفطية الغنية مثل هذه الخطوة حتى الآن، هل نحن فقط من أدرك أخيراً الأهمية القصوى لمرحلة رياض الأطفال في عملية التعليم ولماذا الآن ....، هل تريد الحكومة من خلال هذا الإجراء أن تثبت لخصومها أن لا نية أبداً "لخصخصة" قطاع التعليم وأن إلتزاماتها في هذا المجال سوف تبقى قائمة وتتوسع بدليل إقتحام قطاع رياض الأطفال الذي يستحوذ عليه القطاع الخاص بالكامل، ثم هل قامت الحكومة بإجراء دراسات ميدانية لإستطلاع آراء وتوجهات المواطنين بشأن هذه الخطوة وخاصة في المناطق الريفية والنائية وهم من سوف يتأثر مباشرة بذلك.
أما بخصوص ما تذكره الحكومة عن ضرورة هذه الخطوة لتحقيق العدالة بيت المواطنين ولجسر الفجوة بين مستويات التحصيل المتفاوتة في مرحلة الصف الاول الأساسي بين الأطفال المحظوظين ممن سبق وإلتحقوا "بالروضة" وبين من لم تسمح لهم ظروفه بالإلتحاق بها، فهذا إختلال يمكن معالجته وتداركه خلال السنة الاولى للدراسة من خلال العديد من الوسائل والأساليب.
إن الأسباب التي تسوقها الحكومة لتبرير هذا الإجراء على وجاهتها لا تصمد أمام حقيقة وجود أزمة مالية خانقة تعاني منها المالية العامة للدولة، تستوجب الحد من نفقات الحكومة الحالية لا زيادتها، فالأولوية القصوى الآن هي لإنقاذ المركب من الغرق بتقليل الأحمال من على سطحه قدر الإمكان حتى لو تطلب الأمر إلقاء بعض من صناديق المؤونة والغذاء إلى البحر حتى الوصول إلى شاطىء الأمان.