حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,6 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 11217

حق الإنسان في صورته :

حق الإنسان في صورته :

حق الإنسان في صورته :

29-10-2019 12:43 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : بقلم المحامي الدكتور فراس ملكاوي
من حق أي شخص الإعتراض على أن يلتقط له صوره أو يرسم لوحة أو ينحت له تمثال بدون موافقته ، ويمتد هذا الحق الى عدم جواز نشر صورته بدون رضاه كما يعتبر الحق في الصورة مظهرا من مظاهر الحياة الخاصة راسخا في المواثيق الدولية والدساتير والتشريعات الوطنية والتي أجمعت على حق الانسان في صورته بمعنى أنه ليس لأحد أن يلتقط صورة لغيره بدون موافقته الصريحة أو الضمنية كمبدأ عام؛ الا أن الحكم يختلف اذا ماتعلقت الصورة بشخصية عامه وذلك من حيث عدم وجود قيد الحصول على الاذن المسبق من صاحب الصورة و هذا ينطبق أيضا على تصوير المشاهير والمفقوديين و المجرميين الفاريين والمسابقات والمهرجانات ونشر صورهم ، كما يجب أن لايفهم بحال من الأحوال أن الشخصية العامة أو الرسمية مجردة من الخصوصية ومستباحة أمام العدسات الباحثة عما يجذب الجمهور ويحقق الربح الوفير دون مراعاة للجانب الانساني والأخلاقي أو حق الانسان في أن يخلو بنفسه أو بعائلته أو أو أصدقائه أو لوحده ليمارس حياته بتلقائية بدون تكلف أو قيود الظهور المجتمعية ،فيجب فهم الضوابط والعلة من الحكم كما يجب أن نوازي بين الحق في حرية التعبير وحق الانسان في خصوصيته دون مغالبة لأحدهما على الأخر لتحقيق التوازن بين القيم المجتمعية والصالح العام .
نظرا لتنوع و تتعدد صور الاعتداء على الحق في الصورة بشكل خاص وحرمة الحياة الخاصة عموما وفقا لتنوع و تعدد ادوات التصوير و مجالاتها مما جعل صور الاعتداء على حق الانسان في صورته غير قابلة للحصر الامر الذي وضع الفقه و القضاء امام مسؤولية تحديد الطبيعة القانونية للحق في الصورة و علاقته في الحياة الخاصة و بيان عناصر و سمات هذا الحق الذي وضع المدارس الفقهية القانونية باختلاف مرجعياتها ومورثها الثقافي والأخلاقي أمام مسؤولية حماية الحياة الخاصة والحق في الصورة بما يلائم القيم المجتمعية لكل مجتمع على حدا لأن مفهوم الخصوصية واحترامها مرتبط بالمستوى الثقافي للمجتمع وموروثه الأخلاقي والديني ومقدار جرعات (الحداثة ) التى تلقاها ومستوى الاستجابة لثقافة المدينة .
وبعد جدل قانوني فلسفي استمر لأكثر من سبعون عاما استقر القضاء الفرنسي على ان لكل انسان حق على صورته حتى لو كان النشر لا يمثل اعتداء على حياته الخاصة وعليه يعتبر نشر صور ضحايا الجريمة دون موافقة المجنى عليهم اعتداء على الحق في الصورة و لا يقبل تذرع الناشر بمبدا الحق في الاعلام و حرية الصحافة كما لا يجوز التقاط صورة لاحد المشاهير خفية بقصد بيعها لعشاق الفضائح .
وفي سياق متصل يحظر التقاط او نشؤر اي صورة تتضمن الاساءة لاي شخص و جعله موضع ازدراء و سخرية في نظر محيطه الإجتماعي هذا و من الواقع العملي كان قد اعترض شخص على نشر صورته و هو يرتدي ملابس المطبخ ومن جهة اخرى قضت محكمة التمييز الكويتية بالتعويض لشخصية عامة قامت جريدة بنشر صورته و هو بالطريق لحضور احد المؤتمرات حيث كتب تحتها عبارة تمثل سخرية من صاحب الصورة جاء فيها (اكتشف الاخطاء السبعة).
كما حظر القانون أية أفعال من شانها التزييف المادي للصورة سواء بشكل مباشر أوباستخدام الحيل و المؤثرات و التطبيقات الخارجية مثل الفوتوشوب و التي من شأنها ان تغير في العناصر الجوهرية للصورة الحقيقية و عادة تهدف هذه التدخلات الى الاساءة الى صاحب الصورة و الحط من كرامته . و التزييف المادي للصورة يعد من اشكال المونتاج الذي حرمه القانون الفرنسي و اجمع الفقه و القضاء على حرمته .
اما في ما يتعلق برسم الكاريكتير و الذي يعتبر عملا فنيا مشروعا بذاته و فقا لمبدا حرية التعبير و لكن قد ينقلب هذا العمل المشروع الى صورة من صور التعدي على حقوق الغير و انتهاك خصوصيتهم و عندها تجب مؤاخذة الفاعل لتجاوزه الحدود المعقولة للنقد المباح وهذا ما خلصت اليه محكمة بداية باريبس(تبين ا ن نشر صورة المجني عليه الكاريكتورية بين اثنين من رجال الشرطة تحت عنوان "النصاب" ينطوي على ذم و قدح و تشهير الامر الذي يخرج رسم لوحة كاريكتورية من ممارسة الحق في التعبير الى التعسف في استعمال الحق ).
ورغم ان الاصل العام يحضر التقاط و نشر صورة اي شخص بدون موافقته الا ان هناك استثناءات على هذا الاصل العام فهناك حالات يجوز فيها نشر صورة شخص بدون الحصول على اذنه بالنشر ومثال ذلك جواز نشر صورة تتعلق باشخاص ذوو صفات رسمية او عامة او من المشاهير (و لا يقصد بمعيار الشهرة الشهرة الإيجابية فقط فكم من ذميم مجرم حقق من الشهرة ما عجز عن تحقيقه نادي نوبل ) و هذا يقودنا الى التساؤل حول الضوابط و المحددات لما هي شخصية عامة ام لا و ما هو مقدار الشهرة الواجب توفره لدى شخص معين حتى يعتبر شخص مشهور و ما هونطاقها الجغرافي و الزمني !!!
و نظرا لعزوف المشرع عن تعريف محدد لمفهوم الشهرة او الشخصية العامة وضوابطهما اخذ الفقه و القضاء على عاتقه مهمة تعريفها و تحديد ماهيتها و نطاقها و هذا ما ساعمل على بيانه في مقالة لاحقة ان شاء الله.
و ينبني على ماسبق أن التقاط الصورة في مناسبات عامة علنية مثل الندوات و المؤتمرات و الاحتفالات العامة و جلسات مجلس الامة لا تحتاج مثل هذه الصور لاذن بذلك و هذا يحتم علينا تحديد وفهم المقصود بالمناسبات العامة التي ما أن تحققت كان التصوير والنشر مباح بدون اذن .
فوصف العمومية لايلحق بالمناسبة وفقا لعدد الحضور أو مكان الانعقاد رغم أنها دلائل أو امارات ولكن لايركن اليها كمعيار ثابت فمثلا المناسبات الخاصة العائلية كالأفراح والمائتم وأعياد الميلاد يدعى عليها عادة اشخاص كثر وتقام في أماكن غالبا عامة كمطعم أو على شاطىء بحر أو بركة سباحة أو حديقة عامه ونلاحظ أن هذه المناسبات العائلية رغم انعقادها في مكان عام وربما متاح للجمهور وبصرف النظر عن عدد الحضور لتلك المناسبات الا أنها لاتكتسب صفة العمومية الكافية لاباحة التقاط صورهم ونشرها بدون اذن من صاحب الصورة حتى لو كان التصوير في شارع عام كمواكب الافراح و الجنائز.....
و لما كان الاصل العام هو حظر التصوير الا بموافقة و الاستثناء منه اباحة التقاط الصور ونشرها اذا توافرت ظروف منها موضوعية و منها شخصية الا انه يبقى الاستثناء مقيدا و لا يجوز التوسع في تطبيقه او تفسيره و تحميله اكثر مما يحتمل فلا يجوز مثلا التقاط صورة لشخصية عامة رسمية او مشهورة في اماكن خاصة و اوضاع خاصة يحميها القانون و من ثم التذرع بظرف العمومية ذلك لان العمومية وصف يلحق باعمالهم و تصرفاتهم المرتبطة بطبيعة عملهم و لا تنسحبه الى حياتهم الخاصة و حياة عائلاتهم .
و الجدير بالذكر ان السلطلات المختصة تملك حق نشر الصور لاشخاص معينين بذاتهم بغية لتحقيق مصلحة عامة كالارشاد و التحذير على سبيل المثال نشر صور المفقودين و لا يفوتوني الاشارة الى الطبيعة القانونية لانتشار الكاميرات في الشوارع و الميادين و المحلات و الاسواق و المخصصة للصالح العام فلا يجوز الخروج بها عن الغاية المخصصة لها و الا اعتبر ذلك انتهاك لحق الانسان في صورته واخيرا بقي ان نقول ان محتوى الصورة و عناصرها ذو اثر كبير حيث قضت محكمة الجنايات الكبرى الاردنية في العديد من قراراتها بان التقاط صورة لذكر كانت ام انثى يظهر فيها مواطن العفة التي يحرص اللانسان على سترها و يذود عنها بكل قوته يشكل كافة اركان جريمة هتك العرض .
في الخاتمة لا يسعني الا ان اقول ان مواقع التواصل الاجتماعي و ما تنطوي عليه من سرعة نشر الصور و انتهاكات لخصوصية الانسان و خدش كرامته و التي تكدر صفو الحياة وما الى ذلك من نزاعات و كراهية فان لابد من المشرع الاردني ان يولي حرمة الحياة الخاصة في مجملها و في مقدمتها حق الانسان في صورته حماية خاصة بنصوص واضحة الدلالة ضمن قانون خاص لحماية الحياة الخاصة استجابة للاعلان العالمي لحقوق الانسان و المبادىء الدستورية و مقتضيات قواعد العدالة و الإنصاف .








طباعة
  • المشاهدات: 11217
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم