حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,2 مايو, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 19242

مبيعات شركة سامسونغ تعادل 16 ضعف الصادرات الأردنية

مبيعات شركة سامسونغ تعادل 16 ضعف الصادرات الأردنية

مبيعات شركة سامسونغ تعادل 16 ضعف الصادرات الأردنية

03-04-2019 03:09 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :
أن يُقارن اقتصاد دولة باقتصاد دولة أخرى، فتظهر نتيجة دولة أسوأ من الأخرى، فقد يبدو مقبولاً من وجهة نظر المسؤولين الفاشلين الذين تشكل هذه المقارنات حرجاً شديداً لهم، لكن أن يُقارن أداء دولة بأداء بشركة، فتظهر نتيجة الشركة متميزة كثيراً على اقتصاد دولة بأكمله فأمر خارج حدود المألوف، لآن ذلك يكشف بمنتهى الوضوح مدى الفشل الذريع في إدارة شؤون الدولة الاقتصادية، ومثال على هذه المقارنة غير المتكافئة هو تفوق نتائج أعمال شركة سامسونغ الكورية أضعاف عديدة على الاقتصاد الأردني بأكمله في عدة مجالات منها الصادرات ، والإيرادات الحكومية وأرباح الشركات، مما يعكس المستوى الخطير والمتردي الذي وصل إليه الاقتصاد الأردني تحت إدارة وتوجيه وإشراف صناع القرار في الأردن.

ولإظهار المستوى الهزيل للتنمية الاقتصادية في الأردن فإن مبيعات شركة سامسونغ لعام 2018 البالغة 120 مليار دولار عادلت 300% من الناتج المحلي الإجمالي الأردني لعام 2017 البالغ 40 مليار دولار، 15.6 ضعف الصادرات الكلية الاردنية التي لم تتجاوز 7.7 مليار دولار أمريكي، وبينما بلغت الإيرادات (الأرباح) الصافية لشركة سامسونغ لنفس العام 40.3 مليار دولار أمريكي فلم تتجاوز الإيرادات المحلية للحكومة الأردنية بما فيها ضريبة الدخل وضريبة المبيعات والرسوم والمخالفات والغرامات والعوائد الأخرى 10.9 مليار دولار أمريكي في عام 2018، وبينما بلغت الأرباح الصافية التي حققتها شركة سامسونغ لمساهميها بعد دفع الضرائب Profit after income tax في عام 2017 ما يعادل 38 مليار دولار، فلم تتجاوز الأرباح الصافية بعد الضريبة لـ 277 شركة أردنية مساهمة عامة بما فيها البنوك والبوتاس والفوسفات ومصفاة البترول 1.2 مليار دولار خلال نفس العام، ومع ذلك يتنافح كبار مسؤوليها خيلاء وعجرفة على المواطنين.

في حقيقة الحال أن مؤشرات أداء الاقتصاد الأردني لا تليق بدولة معتبرة كالأردن الذي يستحق من التطور والإزدهار والتقدم أكثر من ذلك بكثير، فكيف يَقبل مسؤولوا الأردن ممن يجلسون على سدة الوزارات والدوائر والمؤسسات والشركات المساهمة العامة والشركات الحكومية والمفوضيات وهيئات التنظيم المعنية بالشأن الاقتصادي بهذه المؤشرات المتدنية بل الرديئة جداً؟ والجواب أنم معذورون ولا حرج عليهم لأنهم لا علم ولا دراية لهم بإدارة الشأن العام والشأن الاقتصادي حتى وإن أمضوا عقوداً في إشغال مناصبهم، فهم ليسوا أكثر من مخاتير بمظاهر كبار المسؤولين، ومن الكثير على غالبيتهم تعيين الواحد منهم كمسؤول عن بقالة أو شعبة بريد في منطقة نائية من مناطق المملكة!!
كنت أدرك أهمية الشركات الكبرى في بناء اقتصادات الدول ، لذلك كتبت ونشرت منذ أواخر تسعينات القرن الماضي وفي العقدين الأخيرين عدة مقالات ودراسات حول أهمية تأسيس الشركات الكبرى في الأردن، فكنت ولم أزل أرى أن بناء شركة واحدة أو عدة شركات كبرى وناجحة هو أفضل بكثير من هذا الغثاء الضخم من الشركات الأردنية القائمة حالياً التي تعد وفقا للمعايير العالمية من الشركات الصغرى حتى وإن بدت في الأردن من الشركات الكبرى، كما كتبت في ذات الفترة أيضا (حينما لم تكن شركة سامسونغ ولا منتجاتها معروفة في الأسواق العالمية) ونشرت عدة مقالات بصحيفة الرأي طالبت الجهات الرسمية والقطاع الخاص بولوج قطاع تصنيع أجهزة تكنولوجيا المعلومات بما فيها الحواسيب، وأشباه الموصلات التي تعتمد عليها صناعة تكنولوجيا المعلومات، والأجهزة المنزلية، وأجهزة الإتصالات الخلوية المحمولة، لكن دون نتيجة، وقدمت دراسات موسعة إحداها صدرت عام 2008 ركزت فيها على ضرورة إنشاء شركات مختصة في تصنيع هذه المنتجات، وقد سلمت نسخا منها لكبار مسؤولي الدولة الأردنية وأيضا دون جدوى، شعرت بعدها وكأنني كنت أخاطب أعجاز نخل خاوية لا تسمع ولا تستوعب ولا تعقل لا من أمرها ولا من أمر اقتصادنا الوطني شيئا، مع أنهم كانوا ولا يزالون يدعون بقدراتهم الخارقة على إدارة الشأن العام ، ومع أنهم يتقنون الفذلكة الكلامية الفارغة عن الاقتصاد، ويكثرون اللغو المنمق ظاهرياً عن تشجيع الإستثمار وتحفيز ريادة الأعمال وتمكين الشباب والنسوة وخلق الفرص وغيرها من المصطلحات الكبيرة الصماء التي حفظوها عن ظهر قلب، لكنهم لم يفقهوا من جوهرها ومضامينها الحقيقية ووسائل تحقيقها شيئا، لأن مستوياتهم الفكرية والذهنية والقيادية هي أدنى من مستوى بناء دولة مزدهرة اقتصادياً في مختلف المجالات، ولأن الصدف والظروف الطارئة والأساليب الإنتهازية والنفعية هي من جلبتهم وحطتهم على مراكز صناعة القرار ليحتلوا أماكن الكفاءات الحقيقية المنتمية بصدق لهذا الوطن، ممن يدركون كيف تبنى الأوطان وتنشأ الاقتصادات القوية المزدهرة على أسس صحيحة وناجحة، حيث إحتل المسؤول الفاشل والرديء في وطننا مكان الشخص المؤهل لإدارة دفة الشؤون الاقتصادية، على غرار القاعدة الاقتصادية التي مفادها "العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة" وها هو اقتصادنا الوطني يترنح من شدة هزاله مرمياً على الأرض بفعل العناصر الفاشلة والرديئة والفاسدة التي جثمت كالكابوس الثقيل على صدره، وما يعكس هذه الحقيقة أن شركة واحدة نشأت حديثا في العقدين الأخيرين كشركة سامسونغ تمتلك من القوة الصناعية والمالية والاقتصادية والإدارية أضعاف ما تمتلكة مجتمعة كل الجهات الرسمية والشركات الأردنية المساهمة العامة والحكومية، وأعتقد جازماً أن رئيس قسم أو شعبة في شركة سامسونغ، يمتلك من التميز والنجاح أضعاف ما يمتلكة أعداد كبيرة من حملة القاب أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة ورؤساء مجالس إدارة ومدراء الشركات المساهمة العامة الأردنية الكبرى، لأن النجاح لا يقاس بالإستحواذ على المناصب ولا بالتكبر والخيلاء والتجبر والتعجرف والتعنجه الفارغ والوجاهة المبتذلة المصطنعة والجلوس على كراسي المسؤولية بعد ان تسلقوا عليها بمعايير الواسطة والمحسوبية والانتهازية والشللية والتبعية، بل يقاس فقط بنتائج الأعمال، وبما ينفع الأوطان والمواطنين، وشركة سامسونغ في خدمتها للدولة الكورية ونتائج اعمالها الباهرة أكبر مثال على ذلك، وأسطع مثال على فشل المسؤولين الأردنيين في قيادة دفة شؤون الدولة الاقتصادية.
Email : kasasbehb@gmail.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 19242
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم