حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12198

ماذا بعد الربيع الاردني

ماذا بعد الربيع الاردني

ماذا بعد الربيع الاردني

24-03-2019 01:31 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : اسامة الاسعد
بعد كل هذه الظروف الصعبة هنا و من حولنا، اجد دائما كما معظم الناس ان الحل على المدى الطويل و لأي مشكلة اقتصادية كانت ام اجتماعية او لأي من العناصر الحيوية المؤثرة في الاردن سيما لناحية تمتين جبهتنا الداخلية كونها الاساس، إنما هو الحياة السياسية الراسخة المتمثلة بوجود احزاب فاعلة تعتمد الفكر و البرامج فتدخل البرلمان و من ثم الحكومة، فتلك هي القاعدة ولا شيئ آخر، و بما ان الامور قد تبدو صعبة الآن بل قد تبدو انها لا حل لها، فإن في حياة الدول و الشعوب لا يوجد مشكلة مهما كانت إلا ولها حل توفره الإرادة، و كإجتهاد في هذا الموضوع الذي تناوله الكثير، و يتمنى حصوله الكثيرين.
و كخطوات بإتجاه هذا الهدف، فقد يكون المطلوب هو :
- حل البرلمان الحالي، تحله الحكومة الحالية و تستقيل بموجب التعديلات الدستورية خلال اسبوع من تاريخ الحل، ثم يكلف الملك حكومة جديدة لفترة انتقالية تهم بتعديل قانوني الإنتخاب و الأحزاب السياسية، و أن يصدرا كقوانين مؤقتة خلال فترة معينة محددة يقررها صاحب القرار بموجب الدستور في مثل هذه الظروف، كما تدير الحكومة الانتقالية الانتخابات و تعلن نتائجها، و بالتالي سيكون عليها أن :
- تجهز قانون مؤقت جديد للإنتخاب يسمح للناخب و المرشح خوض العملية على اساس القوائم الوطنية لا النسبية ولا الدوائر الوهمية، بل كتل وطنية يفوز بها الحاصلين على اعلى الاصوات و أن تكون كل محافظة دائرة واحدة بعدد مقاعد مناسب لتعدادها، بما في ذلك العاصمة بطبيعة الحال، و ان لا يكون هناك اي كوتة من اي نوع، فيفوز الأجدر بالفوز فقط، و كذلك قد يكون من المهم تقليل عدد النواب الى ثمانين او تسعين نائبا على سبيل الرأي، و اشتراط الشهادة الجامعية الاولى على الاقل للترشح، ولا بأس ابدا ان يبقى سن المرشح 30 سنة فما فوق، إذ ينتظر هذا النائب الكثير من العمل المميز.
- تجهز قانون مؤقت جديد للأحزاب السياسية واضح شفاف لا لبس فيه يتلائم و قانون الإنتخاب، على ان القانون الساري رقم 39 لسنة 2015 حقيقة لا بأس به و لكن قد يكون من المناسب مراجعة بعض مواده كي تتناغم و قانون انتخاب عصري مؤقت جديد ايضا، كما في الفقرة السابقة، و لكن يبدو من المهم رفع عدد المؤسسين في الحزب المتقدم للترخيص الى ما لا يقل عن 1000 شخص او اكثر من ذلك تكريسا للجدية، و مراجعة موضوع بند التمويل الحكومي لجعله اكثر ايجابية و تحقيقا لللأهداف، بل و إعادة النظر قانونيا في كل اوضاع الاحزاب المرخصة بالحوار و التوافق على اساس ان هذه الاحزاب اما ان تتكتل لخوض الانتخابات العامة و اما انها ستكون خارج العملية، بحيث يمكن للبلاد و من خلال هذه العمليات ان تنتج كتلا حزبية او بالنتيجة احزاب سياسية متحالفة قوية مؤثرة و الأهم برامجية، في الوسط و في اليمين و في اليسار.
- أن تتبنى الدولة الاردنية / الحكومة الجديدة الفكر الحزبي و تساعد ما أمكنها ذلك في كل المفاصل و القطاعات الحيوية في البلاد، من تربية و تعليم اولي و عالي و غير ذلك من مؤسسات داخل المجتمع بحيث تتظافر الجهود الرسمية و الشعبية الحزبية بهدف تقليل عدد الاحزاب المرخصة عن طريق الإئتلاف و الاندماج، و ان تطرح برامجها المتكاملة التي ستخوض الانتخابات على اساسها للحوار و إلا فلن يمكنها الاستمرار في الساحة، فيبقى منها الاصلح الذي يستشرف المستقبل، حيث عليها ايضا ان تبدأ في تطوير انظمتها الداخلية كي تصبح برامجية مؤثرة على مستوى الوطن كله فيما يمكنها من جذب اصوات الناخبين على مستوى المملكة، كما ان كل ذلك يجب ان يرافقه تأهيل لقياداتها كي تدخل معترك العمل العام و تنفذ برامجها التي طرحتها على الناخب فحصلت على صوته، و هكذا سيفرز الغث من السمين بشكل تلقائي، فيبقى القوي الذي سيشكل الحكومة ان حصد الاغلبية، و هكذا ايضا تحتدم المنافسة فيفوز دائما الوطن و الحزب الاقوى او الإئتلاف الاقوى في تحقيق مصالح البلاد العليا و ابناء الوطن، كل الوطن، و يلعب الثاني / حزب الاقلية دور حكومة الظل و هكذا في تداول حيوي سلمي.
و الحكومة البرلمانية بالتالي هي من سيكون لزاما عليها الاصلاح الاداري الى جانب الاصلاح السياسي و الاقتصادي بتواز يضمن السير المتدرج نحو الحكومة الرشيقة الفعالة نوعا لا عددا، و فكرا لا جهوية بحيث نبدأ بمعالجة كافة الاختلالات الهيكلية المتوارثة في معظم القطاعات بحزم مبدأ سيادة القانون، و هي من سيترتب على كاهلها نشر العدالة في الوطن، و هذا كله و غيره يفترض انه كان برنامج الحكومة البرلمانية الإنتخابي الذي أتت على اساسه بداية فحصدت اغلبية المقاعد، حيث تكون الرقابة عليها من حزب الاقلية بطبيعة الحال، اما النتائج فتكون بالتراكم و الممارسة فتترسخ المبادئ الجديدة مع مرور الوقت و مع مدى تغلغل الديمقراطية داخل المجتمع.
أما مجلس النواب الحزبي الفتي الجديد هذا الذي انتخب على اساس قانون مؤقت، مع الأخذ بعين الإعتبار مجمل ما تقدم، فإنه قد يرى تعديل القانونين الأساسيين (الإنتخاب و الأحزاب الساسية) فيثري من التجربة الفتية، و يشرع لقانونين جديدين إذ تزول الصفة المؤقتة عنهما للقادم من الوقت، و قد يرى اهمية لمراجعة القوانين الاقتصادية المؤثرة و غيرها سبيلا لتنفيذ البرامج الحزبية المتنافسة داخل المجلس.
بطبيعة الحال تبدأ مثل هذه التجربة عادة في الدول ولا تنتهي، و لكن تتطور بفعل الشباب المتعلم المثقف الطموح المسيس الذي سيدرك أخيرا ان مصلحته ليست في عائلة او شلة او قرية او مدينة بل في وطن يتسع له و لكل اقرانه من المواطنين الذين بذلك فقط تتحقق لهم المشاركة الفعالة في كل شؤون الوطن.
قد يظهر ان ذلك غاية في التعقيد او حتى السذاجة، و لكن الحقيقة انه عليه ان يبدأ في مرحلة ما، فما المانع ان يكون الآن، و لا يغيب عن البال ان كتب التكليف السامي وجهت لهذا الامر مرارا و تكرارا ضمن الرؤية الاصلاحية الشاملة لا سيما حول قانوني الانتخاب و الاحزاب السياسية، كما وجهت لتكريس اللامركزية (سبب أخر للتنمية و التطور لم يفلح للآن)، و ترسيخ سيادة القانون توخيا للعدالة، و لم تدع توجيها اقتصاديا إلا و تناولته بالتفصيل ملتمسة من كل حكومة ان تبني على ما انجز بالفعل و تمضي قدما في نقلات نوعية لا سيما على الملفات الحيوية كملف الطاقة المتعثر و ملف الاستثمار الذي يعاني من تداخلات و تعقيدات قانونية تنفيذية لابد من تفكيكها، كما ان جل كتب التكليف تناولت اهمية خلق فرص العمل و الاهتمام بالشباب أيما اهتمام، فأين نحن الآن من هذه التوجيهات على ارض الواقع ؟ و اين انجازات الحكومات المتعاقبة في كل هذا ؟
ثم ان الاوراق النقاشية الملكية التي سيلي التذكير ببعض منها تناولت موضوع الحياة السياسية بالتفصيل لناحية التوصل الى حكومات برلمانية حزبية يشكلها الحزب الفائز بأغلبية المقاعد على اساس برنامجه المتكامل و ينافسه الحزب التالي بالأغلبية و هكذا بما يضمن تلقائيا مشاركة وطنية واسعة تبحث عن الافضل لمستقبلها و مستقبل الوطن كله، فأسمته في الورقة الخامسة : "ترسيخ متدرج لنهج الحكومات البرلمانية تحت مظلة الملكية الدستورية، معززا بمشاركة شعبية فاعلة"، و كذلك تطرقت هذه الورقة تحديدا الى، و اقتبس : "و لنتذكر جميعا ايضا بأن الهدف النهائي لعملية الإصلاح السياسي النابعة من الداخل يترجم من خلال تمكين المواطنين من القيام بأكبر دور ممكن في صنع القرار عبر ممثليهم المنتخبين . و عليه فإن تعميق ديمقراطيتنا يترجم عمليا عبر تعميق تجربة الحكومات البرلمانية لنصل بها الى مرحلة متقدمة من الممارسة التي تتولى فيها الكتلة الحزبية او الإئتلافية ذات الاغلبية النيابية او إئتلاف من الكتل تشكيل الحكومات في حين تتولى الاقلية النيابية مهام حكومة الظل، من رقابة على الحكومات و مساءلتها و تقديم برامج بديلة و ضمان التداول الديمقراطي للحكومات". ثم قال : "يتوجب على المشرعين تطوير القوانين السياسية الرئيسية"، و أسهب في تفصيل ما على الاحزاب السياسية عمله كونها : "تشكل حافزا هاما لتطوير احزاب برامجية ذات حضور وطني".
فإذا كان دستورنا قد شكل الاساس لحياة ديمقراطية و سمح بكل ما ذكرنا، و ما علينا إلا التطور و مواكبة العصر، و إذا كنا قد عشنا ربيعنا الاردني الخاص بنا فنجونا من كل المخاطر التي شهدناها في ما سمي بالربيع العربي حولنا و في غير مكان، و الحمد لله، و إذا كانت قيادتنا المستنيرة و ما تزال تحض على الديمقراطية و المواطنة الفاعلة بهدف خلق حياة حزبية سياسية تصل بإصحاب البرامج الناجحة الى الحكومة، و إذا كانت كل كتب التكليف قاطبة تحث عل ذلك و اكثر كأساس لحل كل المعضلات، فنحن عندما نتحدث عن برامج فكرية حزبية متكاملة إنما نتحدث عن الاقتصاد الوطني برمته، التعليم، الصحة، الطاقة، النقل، البنى التحتية، البيئة و كل مناحي الحياة الاجتماعية في الاردن بإتجاه دولة مدنية، ملكية دستورية، عصرية تبني التجربة فوق اختها و تطور من آدائها و تستشرف المستقبل، فماذا بعد و ماذا ننتظر ؟ و اليوم هو للإنطلاق افضل من الغد، فالدين العام في تنامي، و العجز في اوجه، و معظم الملفات الاقتصادية تعاني و على رأسها ملف الطاقة، و كذا ملف الاستثمار و المشاريع الكبرى، و الأهم أن المواطن يعاني، و هو محور التنمية و هو آداتها و هدفها المقدس، و بدونه، و نحن نتحدث عن المواطنة الفاعلة، فإن شيئا لن يتحقق. هذا هو بديل اللغط و الفوضى المجتمعية، و هذا هو بديل الضعف و الترهل و الموروث الريعي المستشري، و هذا هو خط السير السليم نحو جبهة داخلية قوية متينة نواجه بها التلاطم السياسي مرتفع الموج في المنطقة و في الاقليم بأسره.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 12198
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم