حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13066

الدكتورة عائشه الرازم تنعى خالها اللواء عبد العزيز ابو فضة

الدكتورة عائشه الرازم تنعى خالها اللواء عبد العزيز ابو فضة

الدكتورة عائشه الرازم تنعى خالها اللواء عبد العزيز ابو فضة

23-02-2019 08:33 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - يا خال ...عبد العزيز أبو فضة شهيدا اليوم وفي كل حين ...
بقلم : عائشة الخواجا الرازم

يا خال ... اليوم يغطيك الثرى الذي ناضلت من أجل كرامته مع رجاله الأحرار ...
اليوم وعند تكبيرة حظك العظيم من الله يجتمع المصلون من أصقاع الإيمان ... يضعون علم الأردن وعلم فلسطين ويسجدون في صلاة الجمعة الجامعة ويكبرون ...
نيالك يا خال ... يرونك يتلمسون وداعك حيث يتمطى الشتاء ويرطب بالندى هواء السجاجيد المفروشة في ساحات الصلاة ... فتتدفق دموع الغيوم حنانا عليك يا زين الشباب ...
يا خال ...خلي امنا علينا تلمنا ..
وامسى المسا يا خال
وين نبات ؟
ظلت الدنيا في قلبك الصادق النابض بأسطورة النضال مغروسة بالشوك والورد ...إذن خذ الورد واترك لنا رائحة من غبار بساطير الأبطال...علنا نحذو حذو طريق الغبار المعجون بدم البطولة .
فقد تجاوزنا يا خال الطريق المعبد ببصيرة وقدرة عيون الرجال ...
يا خال .. يا خال ...كم يؤلمني ويؤلمنا أن الطريق الذي رصفته بمعجون دمك والتراب الطهور ... سيداس عليه بمرور الكرام ...ولكن عزاؤنا اليوم فيك انه ما زال لدينا الطريق الطويل المعبأ بزيت النضال في صدر القناديل ...ونعرف أنك تأملت مذاهب القتال كلها فيه .. فلم تقفز عن طواف الوفاء لأمتك العربية كلها...رغما عن عينيك اللتين تشاهدان الآن استباحة فلسطين شبرا شبرا ...وتوجه لرؤيتك النائمة اليقظة قبل بضع لمحات من عمر تحية وداعك ... وذهبت تحمل دمعك الناشف المكتوم ونحن في حيرة ما الذي تبقى لنا ؟
ذهبت لأراك مع الخال أبو الرائد ...كانت فوانيس الشرفة تنوس كلها وكأنها تعزف في نبضي معزوفة العمر الذي رأيتك فيه محاصرا بأخوتك وأحبتك يوم ضاع غازي ...وأنت تجوس الديار تبحث عن ملامحه بين الشباب ...أصبحت بعد ذلك فانوس بيروت تضاء أمامك القنابل وكتفك لا تلين تحت وقع البنادق والآر بي جي ...
وحين أسألك عن آخر قبلة على خد غازي يوم الوداع ؟ فتجيبني بأنك ما زلت تنتظر القبلة الثانية على خد غازي .. والثالثة ستطول على نور الشباب والجبين .

ستصافح غازي اليوم ... وغدا يا خال ...ستلتقي الأكف وتتعانقان تحت نسيم حنان الله ...فإن الله يحب من عباده الصالحين الذين افتدوا تراب شرفهم بالدماء ..وأكرم عنده الشهداء ...
اليوم يا خال ...ستلتقون وتتعانق أرواح الأبطال..وتروق أنفسكم راضية أمام ملائكة الله الراضين عن صبركم وعذابكم والصبر على دماء جراحكم التي هطلت مع التراب والقنابل في قلاع الجهاد والصمود ...ها أنت يا خال ترحل شوقا إلى علامة امتحانك في هذه الدنيا العامرة بأقمارها...وأنت كوكب دري بين أفكارها... تشهد لك صيحات فتيان وأبطال قلعة الشقيف وأنت بطلها ...وتشهد لك حرية لهيب الجنوب وأنت قائد القطاع والبطل العتيد الأسير القوي بما استطاع ...وتشهد لك جحافل جند الكرامة وعمر اشتداد صدرك المنذور للضفتين لا يشق له ضلع أبدا في الوطن ..
سيحتضنك أحبتك وتحلق روحك فوقنا ...

سيرقد قلبك البطل القوي الشهيد منذ زمن ويصحو عليه الشهداء أحبابك في حنان خالقك : يا أبو محمود أهلا ...
صحيح أنك تغادر ولا تحمل على كتفيك الآر بي جي ولا متاع دنيا ولكن الاغتسال بالدم الكثيف ينظر نحوه ملائكة العظيم الرحيم ... صحيح يا خال بأنك تكفلت بلفلفة أحبابك الشهداء وربما واريتهم الثرى بدمع عينيك ولم تجد الماء يتوضأ به الشهداء ... فيممتهم بالتراب وبالأرض ...لكنك اليوم اغتسلت بندى عطر الجنة ومباركة الرحمن لطيب حياتك والنضال ...ولكن يا خال أدري بأن سيغسلك الدعاء وتغسلك الملائكة بماء الورد من فردوس الشهداء ...وهل أعظم من جهادك وجراحك لتؤهلك شهيدا على ندى مدى دروب الجهاد ؟
سر يا سيد الساحة...وشيخها ...فهناك من ينتظرك ...أسرابا من الشباب الرافعين رماح النور الملعلعة باستقبالك...إني أرى شهداء الجنوب والشقيف...والكرامة ... وبطولة فلسطين وأبطالها الذين دربتهم وأنشأتهم يحفون خفافا وثقالا وعلى جوانبهم أجنحة تلونها قطرات دموع في استقبالك ... يحيطون بك ... يورثون أهل الجبارين صرخة عالية : على الدرب يا زين الشباب سائرون ..

يا خال إني أراهم من كل فج عميق ينسلون... يعرفون صبرك واشتداد قبضتك على الآر بي جي فيهرع لشعاع الشهيد فيك ....
...يرونك في الجنوب في جبهة القتال تحفر في صخر الأرض ملاذات وفي الجبال ورؤوس التلال ... لا تلين بربعك قناة في الدفاع والقتال والصمود ولا في الحدود ...
الشباب يرونك في معركة الكرامة وفي الشمال وفي قتال فتنة اليهود التي جعلت لأيلول سوادا كما وقع عليهم ذاك الكف الأسود فبرعوا بخلق سواد أيلول يا خال ...ردوا علينا بنفس المصطلح حين كان الكف الأسود في أذرع الأبطال الأردنيين وأخوتهم الأبطال الفلسطينيين يلاطمهم ...فأطلقوا على فتنتهم الشيطانية الإرهابية أيلول الأسود ...
لا أنسى كلماتك وأنت تصف الكرامة ...بأنها كانت وستبقى شرخا في ظهر العدو الغاصب ..وقلبا لن يخف نبضه بين الضفتين...
كنت وستبقى كتابا تضج الشمس في ذراعيه بين المناضلين ...يتلمسون من سطوره حياتهم وقيمة ذرات تراب وطنهم .. !
...سيشتاق إليك الثرى الصابر الناطر الحرية حيث تغيب ويرحل أمثالك ...ولا ينساك الصحب حيث الصحب يحيطون بذاكرة الرجال ...
كنت زهرة النار النابتة بين صفوف المقاتلين..يسارع الأشبال إليك لاقتباس قبس من شعلة رجولة الأبطال... هم اليوم يلتفون حولك حيث يحتضنك تراب الأردن الذي أويت إليه وفيا لدم رجاله وشهدائه في كرامة وعز فلسطين ...وهزيمة الخبل العربي حيث يظل الوطن قبلة الأبطال ...
أنت يا خال كتاب يتمتى كل قاريء لمجد الرجال ان يجلس بجانب صفحاته كي يقرأ سطوره ...ويتعلم من حروف عطائه وأخلاق النبلاء ... نحن يا خال ترعرعنا على حروف كتاب كتبه بدم جباههم شرفاء الحرية وأنت من صفوف ندرة هؤلاء ... كتبت صفحات فيه فتيا وتمكنت منه ولم تهمله على رفوف الكتب المندثرة ...يا خال ظلت حياتك قنوعة راضية بالجراح والنزيف فداء الأرض والعرض ...ظل الصبر ينبع من باطن روحك ...
وحين نسمعك نشعر أن روحك تفيض كالنهر والرضا وابتسامة الأقوياء...فلا نخشى عليك وجع الجراح في كل مبضع في الجسد ...والروح تأبى التوجع...
لم تصرخ يوما ولم تتظلم لذاتك والقيادات تسير حاملة مآرب المناصب وتخلف المقاتلين وراء السواتر يزرعون معادن الأجساد والعتاد ...
ظلت القلوب النابضة بالشرف تأبى الصوت وضجيجه المفزع العالي وتضع الأجوف من طبول القابعين القارعين على جانب الصمم الشرعي لسلطة الحياكة!
كنت تهمس للحجر فيستجيب دمعا بين يدي الشباب والفتيان ...وكنت وبقيت وظللت حرا والحرية هي مبدأ الجرأة والبطولة ...نعم بقيت حرا ...فالحرية منهج الرجال النبلاء الأقوياء بالله ثم بالحق وتحرير الهواء من فرط البلاء ...كانت وظلت الحرية يافطة فكرك ...متحررة من قيود المعادن والجنازير الثقيلة الجرارة في السجون التي حفرت بأظافرك فيها نفق الشمس ...
لم أسمعك يوما تتحدث عن آثار قيود في رجليك ويديك.. لكنني كنت أقرأها وأراها...ولم تنبس ببنت شفة عن قيود قهرية أو صحية وأنت المبتسم الفاقد لقدرة الجسد ونطق العصب الصامت ...تتحدث وتبتسم وتصلي ولا تنام بين الصامتين ..
كان في حنجرتك وفي سمعك أصوات المعركة المتواصلة الانفجارات في قلعة الشقيق وأنت قائدها ومعركة الكرامة وأنت في قطاعها تشد على قبضات جنود وطنك وتسميهم واحدا واحدا ... أبطالا...كنت مؤمنا بأن الكرامة هي التي فازت وانتصرت وعلقت كرامة وعزة في صدور جنود الوطن ورجال النضال ..فقلت : هزموا... وانتصرنا...فلعبوا لعبة اليهود وصنعوا مقابل صفوف النضال بالكف الأسود أيلول الأسود ...وانتقموا لانكسارهم المريع وكان لهم ما لعبوا لعبته ... كنت تقول : إن الحرية هي القفز فوق أسلاك الإذعان والوقوف بشموخ على تمثال العبودية حتى يهتز وينهار ...وليس من وزن يهدم تمثال العبودية غير الدوس على تمثاله وتفتيت حجارته بالضغط عليه بالأقدام...وحين تقوى ضربات أقدام الواقفين على رأس تمثال العبودية تسطع شرارة الحرية بداية على الأرض النظيفة من رجس الظلم والمحتل...وتتصاعد نحو الفضاء شرف شمس الأحرار ...
ما زلنا نتعلم منك يا خال بأن الحرية في اختيار طريق الكرامة والشرف والعزة هي السبيل للوطن ...وهي الحقيقة التي يتجسد فيها دم الرجال وتصنع مباديء البطولة ...ودون عقيدة الحرية لا يمكن للأجيال أن تقاتل ...فتقول :
نعم كنا أحرارا لتنظيم خطواتنا ونهرس بإرادتنا والفداء تمثال العبودية ونهب الحق ...فعظمت الثورة وعظمت الأكف التي التقت لتقاتل القاتل الناهب الإرهابي ...
ورغم استطالة جسد الإرهابي وتوسعه في المجازر إلا أن للشباب والرجال كان الوطن يفتح أذرعه وينهض....
اليوم يقول الأعراب أن عبء القتال ثقيل ومسألة الموت في سبيل الأرض وزنها مرعب مخيف ....والكل لا يريد أن يموت واقفا على تمثال الاستعباد والعبودية يا خال ...ولا تهمه حرية الوطن بقدر حريته الفردية الخالية من فضاء الكرامة ...
يا خال ...انت دم الكرامة ودم الجنوب ودم الشقيف ودم فلسطين الأحرار...
أنت دم فلسطين من البحر إلى النهر ...فلقد خلفت أصناف القيود خلف رجليك وذراعيك وظلت الندوب تضيء عين الزمان ...
بقيت يا خال المناضل الحر الطويل القامة ...
حققت ما توجت أرضك بعمرك الذي انتهى اليوم ليبدأ في رضا الله وحنانه ومحبته للمؤمنين بيوم النصر المبين ولا يخشون الموت في سبيل فلسطين ...
بقيت طليقا من القيود المتراصة رغم أوزانها وأنت قيد الأسر وقيد الجراح وقيد الكفاح ...وتعالت للحرية عندك الصفحات متحديا مناضلا يا صاحب القيم ...ملتزما بجوهر شرف النضال وسوف يراك على ثراها كل شعب فلسطين ...منهم الذي رحل والذي يولد والذي سيولد إلى يوم القيامة ...ويطلب لروح الأبطال والمناضلين معك رحمة وفردوسا وجنة نعيم ينالها الأكرمون ...يا خال ...


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 13066

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم