حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 47954

إلغاء وزارة تطوير القطاع العام

إلغاء وزارة تطوير القطاع العام

إلغاء وزارة تطوير القطاع العام

15-10-2018 09:00 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عادل بصبوص
حمل التعديل الوزاري الذي أجري مؤخرا على حكومة د. عمر الرزاز عدة مفاجآت لعل من أبرزها وأكثرها أثرا إلغاء وزارة تطوير القطاع العام، وهي خطوة مفاجئة وغير متوقعة لم يتم التمهيد لها مسبقاً، مما دفع الكثيرين للتساؤل عن الرسالة التي يمثلها ذلك، خاصة وأن إصلاح القطاع العام هو بند ثابت ومستمر على أجندة الحكومات المتعاقبة، هل إلغاء الوزارة والإكتفاء بوزير دولة لتطوير الاداء المؤسسي يمثل مؤشرا على تراجع الإهتمام بهذا المحور، أم هو مجرد تغيير في الأسلوب والأدوات لضمان كفاءة وفاعلية أفضل في التعامل مع هذا الملف.
تم إنشاء وزارة تطوير القطاع العام في عام 2006 بهدف العمل على تطوير هذا القطاع من خلال عدة محاور أبرزها إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية وتنظيمها، وإدارة وتنمية الموارد البشرية، وتحسين نوعية الخدمات الحكومية وتبسيط الإجراءات، وقد تمت إضافة محاور عمل أخرى لاحقا أهمها متابعة أداء مؤسسات القطاع العام في تنفيذ السياسات العامة والأولويات الوطنية، وبالرغم من مرور أكثر من إثني عشر عاما على إنشاء الوزارة، ما زال القطاع العام بمجمله يعاني من الترهل وتدني الكفاءة والفاعلية وضعف الإنتاجية، الأمر الذي يرى فيه كثيرون إخفاقا من الوزارة في تحقيق الكثير من الأهداف التي أنشئت من أجلها، لا بل أن بعض الانشطة والمهام التي كانت تقوم بها الوزارة، إنما تمثل تكرارا لانشطة تقوم بها جهات مختصة أخرى، ويذكرون في هذا المجال دراسات ومسوح تماثل تلك التي يقوم بها مركز الملك عبد الله الثاني للتميز ضمن جائزة الخدمة الحكومية المتميزة، إضافة إلى أن مهام رئيسية أخرى للوزارة تتقاطع مع مهام ديوان الخدمة المدنية فيما يتعلق بإدارة وتنمية الموارد البشرية، ومع مهام معهد الإدارة العامة في مجال التدريب وبناء القدرات.
أما فيما يتعلق بإعادة هيكلة المؤسسات الحكومية وتنظيمها، فقد أظهرت السنوات السابقة إنجازات لم ترتقي إلى مستوى التحديات والاهداف المتوخاة، فما زالت العديد من المؤسسات الحكومية تعمل وفق هياكل تنظيمية بعيدة كل البعد عن مبادىء وأساسيات الإدارة السليمة، فالكثير من المديريات والوحدات الإدارية لا مبرر لوجودها والكثير من الأقسام صوري لا يضم ألا موظفا واحدا او إثنين، أما فيما يتعلق بمتابعة أداء المؤسسات العامة، فلا أعتقد أن هناك إنجازات يمكن الحديث عنها في هذا المجال.
لقد كانت الوزارة تعمل ضمن أطر غير ملزمة لأحد، فالكثير من المنهجيات وأدلة العمل التي كانت تطورها بهدف زيادة الكفاءة والفاعلية، لا يتم العمل بها من قبل غالبية الوزارات والمؤسسات الحكومية، وهذا ينطبق على الخدمات الإستشارية الأخرى التي كانت تقدمها الوزارة، ويحضرني في هذا المجال تجربة عايشتها شخصيا بحكم عملي في القطاع العام سنوات طويلة، حيث طلب احد الوزراء السابقين والذي كانت تتبع له مؤسسة حكومية خدمية، من وزارة تطوير القطاع العام إعادة هيكلة تلك المؤسسة والتي كانت تعاني من الترهل وضعف الإنتاجية، وقد إستجابت الوزارة لذلك حيث عكفت المديرية المعنية فيها على دراسة واقع المؤسسة وإعداد البدائل والسيناريوهات اللازمة للخروج بهيكل تنظيمي وفق الممارسات الفضلى في هذا المجال، جهد كبير ووقت كثير أستنفذ لإعداد التصور المقترح، والذي تم رفعه إلى الوزير المعني الذي كان قد طلبه أصلا، فما كان من معاليه بعد إطلع على مضون التصور والذي لم يجد قبولا لديه لأسباب لا نعلمها، ألا أن ألقى به في غياهب الأدراج المغلقة، حيث إنتهت القصة عند هذا الحد، ولم تقم وزارة تطوير القطاع العام بمتابعة الوزير المعني بهذا الخصوص، بالرغم من قناعة وزارة تطوير القطاع العام بأن وضع المؤسسة المعنية، يتطلب تدخلا لإتخاذ الإجراءات الإصلاحية اللازمة دون إبطاء.
إن جزءا كبيرا من المشاكل التي يعاني منها الوطن يعود إلى ترهل الجهاز الحكومي بشكل عام، وإن الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لإتخاذ إجراءات جادة وحقيقية ليس من ضمنها إطلاقا إلغاء وزارة تطوير القطاع العام، وهي الذراع التنفيذي للحكومة لتطوير هذا القطاع، حيث يمكن مراجعة دور الوزارة ووضع الآليات ومنهجيات التنفيذ والأدوات الملائمة التي تضمن تنفيذ المهام المطلوبة منها، فالموضوع يجب أن لا يكون مفاضلة أو إختيارا بين وضع قائم غير مفعل للوزارة وبين إلغاء الوزارة بالكامل، فالحل لمن لديه سيارة كثيرة الاعطال يكون بإصلاحها، وليس بتركها تتدحرج إلى قاع الوادي ومتابعة السير ماشياً.
ختاما أرجو أن يكون القرار الذي أتخذ بهذا الشأن قرارا مدروسا بعيدا عن التعجل والإرتجال، وأن تكون الرؤية واضحة لدى من إتخذ القرار، بان الترتيبات الجديدة في هذا المجال ستكون مجدية وسوف تقود إلى إصلاح حقيقي متدرج للقطاع العام الذي أضحت أمراضه مزمنة تكاد تستعصي على العلاج.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 47954
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم