25-02-2018 09:06 AM
بقلم : روشان الكايد
في العلاقات الدولية مدركان ، أما الأول فهو أن العلاقات لا تحمل طابع الديمومة ، بمعنى أن عدو الأمس صديق اليوم أو العكس ، وهذا ما يتعذر على المشاهد العربي ، ومتواضع الخبرة في السياسة من أن يفهمه ، أما المدرك الثاني هو دوران العلاقات الدولية في بحر المصالح العليا ، أي أنها تموج وتتنافر وتتجاذب حسب المصلحة ، وفي معظم الأحيان يكون هنالك بدائل وخيارات مفتوحة ..
وعلى ذكر البدائل والخيارات المفتوحة لا يسعني أن أنسى الخيار التركي القوي والمعزز والمعروض على طاولة تعاونات الأردن الجديدة والجادة والعميقة ، فهي جديدة بمنحاها الذي بات يتضح ، وبجديتها بتماسك الطرفين حول قضايا هامة ومحورية ، والعميقة بالتنبؤ حول عمق التعاونات المتوقع المضي بها ..
فعلى هامش مؤتمر ميونيخ للأمن والمعقود في ألمانيا ، انتقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ، بسبب الضغوط التي يتعرض لها الأردن من أعضاء في الجامعة العربية حول ملف القدس ..
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الانتقادات تحمل بعدا جادا يحاكي مستقبل العلاقة الأردنية التركية ، وتوافق في الملفات ومواءمة مع المستجدات ، ففي الوقت الذي غابت وتغيبت فيه بعض الدول العربية عن تضافر مجهوداتها في إطار المجهود العربي الكبير في قضية القدس التي أشعل فتيلها ترامب ، نجد أن تركيا لعبت دورا هاما في رفض واستنكار ما يحدث ..
وللمتساءل حول الأسباب التي تدفع تركيا لتعميق علاقتها مع الأردن ، فعلى الرغم من تعدد الأسباب إلى أن قوة الأردن على خلق بيئة دبلوماسية مع أهم الفاعلين الدوليين ، تجعل من فكرة التعاون معه أمرا جيدا وفكرة مستحبة ، هذا بالإضافة إلى ما سبق ذكره هو وجود ملفات مشتركة وعلى رأسها القدس ..
من المؤسف حقا ، أن نجد دولة ليست عربية ، تفتح لنا الآفاق ، في حين أن هنالك من هم من أبناء جلدتنا ، وأخوة لنا في العروبة واللغة والدين يتناسون الدور الاقليمي الهام الذي يلعبه الأردن ، ويتباطؤون في التعاطي مع ملف القدس ، ويتقاعسون عن مقاسمة الأردن في تحمل المسؤولية الكبيرة التي يحملها وحده في ملف اللجوء السوري وملف القدس وغيرها من الملفات الشائكة والمرهقة ..
تأتي تلك التصريحات الواضحة بدعم الأردن والوقوف إلى جانبه نتيجة صريحة لا لبس فيها ، وانعكاسا نقيا لصورة مميزة ترسم تعدد علاقات الملك عبد الله الثاني وعميقها وجولاته الهامة والتي كان أحدثها زيارته للرئيس فلاديمير بوتين في روسيا ، وانعقاد قمة أردنية روسية ..
فإن مثل هذه الزيارات وسعة الترحاب وواسع الإدراك لقوة حضور وفاعلية جلالة الملك في كل مكان يذهب إليه، يمنح الثقة التركية بضرورة تأطير العلاقة مع الأردن بشكل أفضل وعلى مستوى أعلى مما سبق ..
والسؤال الموجه لأذهاننا اليوم ، هل سينتهي هذا القليل من الصمت العربي والكثير من التخاذل عن تثمين جهود الأردن ودعمه كما انتهى صمت الولايات المتحدة عبر عودة مساعداتها ، أم سيتجه الأردن للمحور التركي بعد انتظار طويل ؟؟