26-10-2017 10:53 AM
بقلم :
... أين يقظة الدولة من ضجيج الاحداث وتفاهمات ال أصدقاء والاعداء؟ ... العاصمة الإدارية الجديدة... يتناقض مع اللامركزية ... مخاوف من الفشل!
ابدأ حديثي مما انتهى اليه جلالة الملك عبدالله الثاني الى وكالة الأنباء الأردنيّة الرسمية "بترا" في 13 سبتمبر / أيلول 2017 حيث قال في حينها " اي الملك - واقتبس " إن الأردنيين يعانون نتيجة التحديات الاقتصادية، وإن الواقع الذي لا بدّ أن يدركه الجميع أنه لن يقوم أحد بمساعدتنا ان لم نساعد أنفسنا أولًا ، ولا بد من الاعتماد على أنفسنا أولًا وآخرًا " انتهى الاقتباس - ، وباستعراض الحالة الاقتصادية والشأن العام في بلادنا نجد بان هناك العديد من التحديات والتي ادت الى تفاقم التبعات السياسية والاقتصادية على البلاد ومنها ما اصبح متناول الحديث السياسي والاقتصادي على الدوام وهو الامر المتعلق بأزمة اللاجئين السوريين والتي أدّت هى الاخرى إلى تفاقم التحدّيات السياسية والاقتصادية ومعها تحدّيات الموارد المزمنة في البلاد " كان الأردن ينظر إلى تدفّق اللاجئين باعتباره يمثّل فرصة لدفع عجلة التنمية الوطنية "، ومع ذلك وفي رأينا تبدو جذور التحدّيات التي تواجه البلاد أعمق من أزمة اللاجئين، وإذا ما تُرِكت من دون معالجة فسوف تشكّل إرهاصات لحالة من عدم الاستقرار ، وإذا ما أردنا مواجهة التحدّيات الوطنية وتزداد وتيرة الاستياء العام والتوتّرات الأخرى، وفي ظل غياب الدعم الدولي للدول المانحة وعلى رأسها دول الخليج العربية...
كما هو معلوم ان الاردن دولة جرداء وفقيرة بالموارد فقد اعتمد أمن الأردن ورخاؤه إلى حدٍّ كبير على مصالح اللاعبين السياسيين الخارجيين منذ العام 1921، كما ان التاريخ الجيوسياسي للأردن هيّأه لمواجهة التحدّيات المعاصرة. الأردن ضعيفٌ اقتصاديا بسبب فقره في الموارد، والمصادر المحدودة لإيراداته الداخلية، ونموّه السكاني المفرط، لدى الأردن، الذي يقع على مفترق طرق منطقة مضطربة سجلٌّ طويل في توفير اللجوء للأشخاص المضطهدين باعتبارها استمراراً للاستجابة التاريخية لتدفقات اللاجئين إلى البلاد " حيث وفد اليها اللبنانيون إبان الحرب الاهلية هناك والفلسطينيون وعلى موجات ثم الأردنيين العائدين من الكويت ثم العراقيون والسوريين والله اعلم من القادم لا سمح الله ". وفي شيء من الواقع أن حجم أزمة اللاجئين السوريين قد مثّل تحدّياً صعباً للدولة والشعب الأردني معاً وخاصة في ظل غياب الدعم الدولي لهذا الكم من اللاجئين الامر الذي خلق على كاهل الدولة عبئا ماليا وسياسيا ثقيلين...
هل تداعيات الوضع الاقتصادي الأردني وضعته في عين العاصفة؟
في سياق ما قدمت اليه من تداعيات الوضع الاقتصادي المتفاقم في بلادنا ، يستعد الاردنيون لايام قادمة تشتد قساوتها " انا لست من المهولين للمشهد " ولكن محاكاة الواقع بعقلانية تجعلني ارى الوضع العام فيه شيئ من عدم وضوح الرؤيا الذي يقابلة عدم اكتراث حكومي جاد الذي يلزمة التحرك وبسرعة وعلى مستوى الوطن واشراك الشعب بتداعيات الوضع الاقتصادي وهل نحن اصبحنا في عين العاصفة ، وهو ذات التحذير الي اشرت اليه في صدر مقالي ما قاله الملك عبدالله الثاني - إن الأردنيين يعانون نتيجة التحديات الاقتصادية – برغم ان الملك داعمٌ للسياسة الحكومية في إطار برنامج جدلي للإصلاح الاقتصادي مع صندوق النكد الدولي، وأن المملكة لم تعد قادرة على الاعتماد على المنح التي كانت تقدّمها دول الخليج العربية ..
وللتوضيح من خلال متابعتي لاتفاقية الحكومة الاردنية مع بنك النكد الدولي، حيث تلقّى الأردن قرضًا بقيمة 723 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات وافق عليه صندوق النقد الدولي في أغسطس/ آب 2016 مدّته 36 شهراً لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي ومن المتوقع أن تعتمد الحكومة الأردنية في إطار هذا البرنامج إجراءات مالية لخفض الدين العام، البالغ حاليًا 26.2 مليار دينار أردني (أي حوالي 37 مليار دولار)، أو 94.1٪ من إجمالي الناتج المحلي. وعلى الرغم من توقيع الأردن على اتفاق سابق مع صندوق النقد الدولي والذي انتهت مدّته في شهر أغسطس / آب 2015، استمر العجز في الميزانية والذي بلغ 1.2 مليار دولار أو 2.8٪ من إجمالي الناتج المحلي في العام 2017، وهنا وامام هذه الارقام المحبطة وفي اعتقادي فقد ساهمت أخطاء الحكومات المتعاقبة بإعادتنا إلى استعمار صندوق النكد وبرامجه القاسية.
وفي موازاة ذلك البرنامج الاصلاحي الاقتصادي - وعلى ذمة الحكومة - فقد فرضت الحكومة في إطار سعيها للإيفاء بالتزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي ضرائب وتعريفات جديدة لدعم ميزانية للعام 2017 بمبلغ إضافي وقدره 450 مليون دينار كما هى اليوم جادة في سعيها إلى إيجاد طريقة لتوفير 520 مليون دينار للعام المقبل 2018 و 570 مليون دينار للعام 2019 ، وفي متناول الحديث عن التغييرات التي سيتم احتمال فرضها لتطال قانون ضريبة الدخل غير واضحة المعالم بعد، كما أن التغييرات ستقضي على الطبقة الوسطى وارتفاع حجم البطالة ومستويات الفقر ،وامام هذه المعطيات فإننا امام تحديات كان الله في عوننا على مجابهتها في ظل تربص اجراءات حكومية لم تجد امامها الا جيوب المواطنين لكي تسد عجز موازنتها في ظل غياب اجتهادات وبرامج اقتصادية لتجاوز هذه المحنه التي بدأت تطل برأسها علينا واهل الحزم والعزم والننخب السياسية يتناحرون لا بل ويتبارون على السباق في مغنم كرسي او وزارة لتعديل او ترقيع قد يأتي على الحكومة العتيدة في قادم الايام...
أين يقظة الدولة من ضجيج الاحداث وتفاهمات الأصدقاء والاعداء؟
البداية في هذا الإطار هو الازمة السورية ومجريات احداثها، حيث ان الامر وفي هذه الأيام تحديدا لا يحتاج الى مزيد من النباهة بأن يدرك بان الازمة السورية في الخمسة دقائق الأخيرة من فصولها، حيث بدأ الجيش السوري يسيطر على الحدود مع الاردن والمخافر بدأت نشاطها وقد نجحت الحكومة الأردنية في هذا السياق بان يحرز تقدما على تعديل الاتفاق الروسي الامريكي بحيث لا يكون لإيران ممثلة بالحرس الثوري ولا حزب الله أي تواجد على الحدود الأردنية والتركيز على تواجد الجيش السوري فقط ، وللتذكير في هذا الاتجاه ما تم في لقاء “ بوتين - ترامب " على هامش قمة "مجموعة العشرين" في ألمانيا يوم 7 يوليو/ تموز 2017، لمناقشة مبادرات متعلقة بالحرب على الإرهاب وإيجاد حل سياسي للحرب في سوريا ، حيث أن تبادل موسكو وواشنطن رسائل مشفرة في شؤون العلاقات الدولية أحدث حالة اضطراب في مواقف كافة دول العالم ، الامر الذي واكب هذا الاجتماع الى الخلوص الى تفاهمات جدية والانتهاء من مسألة المناطق الامنة وبما يحافظ على وحدة سوريا وكيانها السياسي وأيضا التوصل لوقف لإطلاق النار جنوبي سوريا..
وعلى غرار ما تقدم " قرب انتهاء فصول الازمة السورية " اعتقد جازما بأن لا احد يستطيع معرفة التحولات التي ستجري في المنطقة العربية خلال الاشهر القليلة القادمة وخاصة في غياب لقاء " عربي - عربي " يمهد الطريق لتصالحات وتفاهمات بين دولنا العربية بسبب التجاذبات السياسية ودخول دولة الكيان الصهيوني على منظومة دولنا العربية والتي مهد لها الرئيس الأمريكي " ترامب " بترأسه لمؤتمر القمة العربية الإسلامية الأمريكية بحضور ممثلين عن 55 دولة في والتي عقدت بالرياض بين يومي 20 و 21 مايو / أيار 2017 ، ناهيك عن نشوب ازمة الخليج الحالية والتي اتأمل اسدال الستار على فصولها وإعادة اللحمة الى منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، هذا التجمع الأخير والباقي للوحدة في المحيط العربي...
وفي محصلة ما تقدم بشأن وضعنا الاردني من ضجيج الاحداث وتفاهمات الأصدقاء والاعداء ، أقول بأن وفي استشراق لقادم الأيام فإن المنطقة مقبلة على نقل دفة حلبات الصراع من خلال ما تقوم عليه الإدارة الامريكية ، حيث تجر المنطقة من حرب فاشلة الى مستنقع دم اخر ، ولا ابالغ وليعذرني القارئ بان سياسيات الإدارة الامريكية من فيتنام والى منطقتنا وخلال الـ 30 سنة من بيروت 1983 والى افغانستان والعراق وسوريا كلها مشاريع حروب فاشلة وما تقوم عليه الان من حبس انفاس العالم بالتغريدات التويترية مع كوريا الشمالية - وهنا لا ابرئ ساحة زعيم كوريا الشمالية - فكلاهما في استعراضات بهلوانية لا يعرف الا الله اين سينزل مطر غيومهم السوداوية... وهنا يتطلب حرص ويقظة الدولة الأردنية لما تخطط له دولة الكيان الصهيوني المتمثل بحكومة اليمين المتطرف من خلال سياستها بالنظر الى الأردن على اعتباره بوابة احد الحلول لمشاكلها في ظل غياب حراك عربي نشط ارخى بظلاله على حالة الوهن العربي من المحيط الى الخليج...
وعليه ولما تقدم وامام مقتضى الحال “يتطلب من دولتنا اخذ العبرة والخروج بالنتائج " السلبية والايجابية " من موضوع الازمة السورية – البعد السياسي والأمني واللاجئين - وعدم التزام الدول المانحة بتكاليف ما تحملته دولتنا في هذا الاتجاه فالحكومة مستنزَفة، على وجه الخصوص، على نحو يتجاوز قدرتها على توفير الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم وإدارة النفايات في البلديات الأكثر تضرّراً من أزمة اللاجئين السوريين. وبما أن جودة الخدمات تتدهور، لم يعد المواطنون الأردنيون يُلقون المزيد من اللوم على اللاجئين السوريين وحسب، بل أيضاً على الحكومة بتدني جودة تقديمها للخدمات العامة، وتشكّل هذه الديناميكية تحدّياً سياسياً كبيراً للحكومة وتحدّ من نطاق الخيارات المتاحة لها للاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين، وما هو انعكاس ذلك على المواطن الأردني الصابر على المحن ومجريات الرياح العاتية من كل حدب وصوب..
العاصمة الإدارية الجديدة... يتناقض مع اللامركزية ... مخاوف من الفشل!
لقد اباحت حكومتنا العتيدة سرا وعلى لسان رئيسها السيد هاني الملقي مؤخرا عن نية الحكومة البدء بإنشاء عاصمة إدارية جديدة، - وكأنها عدوى انتقلت الينا على غرار إنشاء العاصمة الإدارية المصرية الجديدة - وفي ظل وضعنا الاقتصادي الرازح تحت تسونامي مديونية غير مسبوقة في تاريخ البلاد والتي تزامنت مع انقطاع المساعدات الدولية والعربية الخليجية كما اسلفت ... هنا أتساءل كمهندس وكان لي الحظ في المشاركة في المشاريع الاقتصادية العملاقة " ليس من باب التشكيك بل للعلم بالشي" ... وهنا تخوفي من تفاقم الأزمات المالية، في ظل الانفاق الضخم المتوقع للمشروع إذا لم يرافقه دراسة جدوى شاملة " اقتصادية استثمارية، بيئية، اجتماعية، تنظيمية ... الخ "... ما الهدف من بناء أو إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة؟ ومن قال إن العاصمة الجديدة ستخفف الضغط والزحمة على الناس في عمّان؟ السؤال الجوهري: هل قامت الحكومة بعمل دراسة إحصائية أو نموذجًا واحدًا بالأرقام بأن نقل الوزارات سيخفف مشكلة التكدس أو المرور في عمّان؟ وهل تبين هذه الدراسة عدد المواطنين القادمين الى العاصمة من مختلف مناطق الأردن؟، هل هم الموظفون العاملون في الوزارات والمؤسسات الحكومية؟ أم هم من المواطنين المراجعين الى دوائر الدولة ولهم طلب مع الوزارات فقط لإنهاء معاملات مصالحهم؟ اعتقد انه لن يخف الزحام او الضغط على العاصمة بسبب نقل الوزارات...
كنت أتمنى على حكومتنا ان تفكر في اتجاه اخر بديلا عن انشاء هذه العاصمة الإدارية الجديدة ان تعمد على انشاء مدينة سكنية " في أراضي الخزينة " على غرار مدينة أبو نصير " لتوفير المساكن والشقق للموظفين العاملين في الوزارات والمؤسسات الحكومية في عمّان وفي ذلك التيسير على الموظفين وايوائهم ومن ثم الاستثمار في البناء وبمشاركة القطاع الخاص على طريقة " الإيجار المنتهي بالتمليك "
لكن ما حيرني وجعلني اقف عاجزا امام هذا المشروع اللغز ... لماذا أقدمت الدولة على الإسراع بسن قانون اللامركزية واجرينا الانتخابات وفاز من فاز في المحافظات ... اليس هذا لتخفيف الضغط عن العاصمة وجعل كل المحافظات تقوم على متابعة وتنفيذ المشاريع الخاصة بها دون العودة للمركز، ثم اين تفعيل دور مدراء المؤسسات الحكومية في المحافظات ... اليس لديهم صلاحيات للبت وانهاء قضايا الناس في مكاتبهم ودون الرجوع الى العاصمة ... أسئلة كثيرة برسم الإجابة عليها ننتظرها من حكومتنا الرشيدة..
حمى الله بلادنا وادام علينا نعمة الامن والأمان ...
السلام عليكم ،،،
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub@aol.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-10-2017 10:53 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |