03-04-2017 01:22 PM
بقلم : هاشم عواد المجالي
اذكر عندما كنا صغار،وكان عددنا افرادنا بالأسره مثل باقي عائلاتنا الاردنيه، كنا عشرة أخوة وأعمام اثنان وعمه، كنا نسكن بمنزل يتكون من غرفتين بدون صالة، يصل بينهما باب داخلي، و حوش خارجي(ترس حاليا) يطل على الحاره .
كان لدينا مصطبتين إحداهما أعلى من الأخرى، وكانت هناك حنفية مياه في الزاوية، ولا يوجد غيرها مصدر للمياه ،فهي متعددة الاستخدامات ، فكانت للجلي والغسيلات ، وللشرب والشطفات، ونغسل تحتها رؤوسنا والوضوءات .كنا مبسوطين يا حكومتنا.
كان يقابل حوشنا مطبخ لايحتوي إلا على نمليه وحيده، وكان بداخلها مجموعه من الطناجر والسدوره، والصواني والقدوره. وكان بجانب المطبخ حمام خارجي بقطعة قماش يغطى بابه ، وتحجب الرؤيا عمن بداخله، ونستخدم برقان المياه للوضوء بعد التنجايه وقضاء الحاجه. هذا كان بيتنا وكنا مبسوطين يا حكومتنا.
كان الخبز المغموس بالشاي فطورنا، والمجدره والشوربة والمفركه والقلايه غدائنا، والبيض المسلوق مع الزيت والزعتر وبركة الزيتون عشائنا ،وكنا مبسوطين يا حكومتنا .
كنا لا نملك سيارات ولا خلويات ولا حتى شاشات، كانت تلفيزيوناتنا أبيض وأسود. تتربع على أقدام أربع ، والباب السحاب كالأباجور، يحترم أمواتنا، ويجلل بشراشفنا، ولا يفتح إلا بعد انقضاء الحزن عن قريتنا ...كنا مبسوطين يا حكومتنا .
كانت مونتنا وتمويننا من دكاكيننا، وقمحنا وشعيرنا وعدسنا من حراثتنا وبذارنا لأراضينا، وكانت البركات من الرب وخالق السماوات تنهمر علينا، فتمتليء أحواشنا ودكاكيننا وساحاتنا بشوالات قمحنا وحبوبنا، وكنا مبسوطين يا حكومتنا .
كان رأس مالنا من منتجات أغنامنا وبيض دجاجاتنا ،وكان أثاث منازلنا من أصواف أغنامنا، ومنها هدايا اعراسنا وحلالنا ورأس مالنا،كنا مبسوطين يا حكومتنا.
كانت مدارسنا غرف مصفوفه، وأساتذتنا أعلام موصوفة، ونتائجنا بالإمتحانات معروفه ،كانت إجازات عساكرنا وجنودنا قصيره، وكانت تعليلاتهم عند عودتهم ممتعه ونصوحه، كنا مبسوطين يا حكومتنا .
خريفنا حراثه وبذار، وصيفنا بيادر وحصاد، وبركة مصمد الخليل اول قطف الثمار ، كانت أخبار الساعه الثامنه مشهوده ، وطلة المغفور له بإذن الله الملك حسين علينا مهيوبه ومحبوبه. كانت المسلسلات العربيه مشهوده، وفقرة الأطفال بعد السادسه مرصوده ،والإذاعة الأردنيه وأخبارها بالساعه السادسه والعاشره مرغوبه،
كنا نحب الصيف ولا نخاف الشتاء ، ولا نهكل هم فواتير المياه ولا الكهرباء . كانت افراحنا واتراحنا للكل سواء، الكل يشارك والكل يعزب، والضيف على القريه كل يوم له غداء ،كنا مبسوطين يا حكومتنا .
تعلمنا الأخلاق والقيم والعادات الأصيله، من مجالس الكبار والتعليله ، ولم يعاملوننا أننا صغار، الواجب يحترم والعيب محرم ، والكبير مصون و محترم ، في صيامنا نتشارك الصحون مع الجيران، وتكون الولائم لله ولتزكية الصيام ،وما كان بيننا جيعان، كنا مبسوطين يا حكومتنا .
أما الآن يا اصحابين الدوله ويا حكوماتنا ، فكله نفاق بنفاق،وكذب وإفتراء، وديون وإحتيال،وارتفعت من الأرض بركات السماء. فاصبحنا متعوسين ، عبدة أموال وجاه وسلطان.