01-12-2016 10:24 AM
بقلم : المهندس عصمت حداد
خمسٌ وأربعون عاماً مضت على استشهادكَ يا سيدي ، خمسٌ وأربعون عاماً مضت على ملحمةٍ كنتَ بطلها ، خمسٌ وأربعون عاماً مضتْ ودموعُ الحزنِ تنهمرُ ألماً على فِراقِ شخصكَ في يومٍ بكينا فيه كما لم نبكِ أبداً . يا سيد الشهداء .. نحن لم نبكيك شخصاً ؛ فالموتُ حقٌّ .. وكلنا زائلون ، وإنَّما بكيناكَ رمزاً عظيماً ، رمزاً لكل القيم النبيلةِ والمبادئِ الفاضلةِ والخِصال الحميدهْ ، بكيناكَ رمزاً فريداً للصمودِ والتحدي والثباتِ والنصرِ والصبرِ والرجولةِ والبطولةِ والوطنيهْ ، بكيناكَ رمزاً للتضحية والفداءِ والإباءِ ونكرانِ الذاتِ ، بكيناكَ رمزاً لِلشموخِ والعزةِ والكرامةِ والشجاعةِ والإقدامِ والعزيمةِ والإصرارِ والشرفْ .
قتلوكَ يا سيدي ، ولم يدركوا أن بموتكَ .. قد رفعوا شأنـكَ إلى عليين ، وبأنهم قد خَطُّوا حروف َإسمكَ بِذهبٍ في سجـلاتِ البطولةِ والشرفِ .. فَبقيتَ - كما أنتَ دائماً - علماً ورايهْ ، وظللتَ نبراساً وقدوةً وسيفاً ومجداً وصيتاً وذِكراً وصورةً حلوةً .. وذكرىً جميلةً خَلَّدها التاريخْ ، قتلوكَ بالأمسِ .. ففقدناكَ اليومَ يا جبلَ العروبة والوطنيهْ ، فقدناكَ اليومَ وأنتَ رَجُلُ الحقِّ في زمن الباطل والنذالةِ والكذبْ .
سيدي : أيها البطلُ الراحلُ المقيمُ بين شِغافِ القلبِ وحنايا الرُّوحِ .. وأَلَقِ الذاكرهْ ، يَعُزُّ على الأردنيين والشرفاءِ ذكرى رحيلِكْ ، يَعُزُّ علينا الغيابُ يا أجملَ الشهداءِ وأغلى الرجالْ ، كيفَ لِلأقلامِ أنْ تصفَ موتَكَ المكلَّلَ بالكبرياءْ ؟!! ، كيفَ لنا أن نَرثيكَ وكُلُّ المراثي عاجزةٌ لا تستطيعُ البوحْ ؟! ، سلامٌ عليكَ وعلى نفسكَ التي أبتِ الانحناءَ في زمانٍ لم يَعُدْ به غيرُ البغاءِ و الرذيلةِ والابتلاءْ ، سلامٌ عليكَ أيها الشجاعْ .. سلامٌ عليكَ أيها البطلُ العنيدْ ، سلامٌ عليكَ يا صاحبَ الشموخِ والكبرياءْ ، سلامٌ عليكَ يا حبيبَ قلوبِ الشُّرفاءْ ، سلام على الذي صان المبادئ ، سلامٌ على صاحبَ النخوةِ والرجولهْ ، سلامٌ على صاحب الكرامةِ الذي لم يخضعَ ولم يركعَ ولم يرضَ الذُلَّ والهوانْ ، سلامٌ على سيفِنا ورُمحَنا الذي لم يخفْ يوماً مِنَ الموتْ .
رحمكَ اللهُ يا وصفي ، رحمكَ اللهُ يا رجلَ الوطنْ ، ستبقَ سِراجاً في ذاكرةِ الأردنيينَ ، وحيَّاً في قلوب المخلصينَ الشُّرفاءِ ، وستظلُّ المثلَ الأعلى .. وذلكَ الفارِس الذي لنْ يتكرَّرْ .