حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,3 مايو, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 15192

جـدليـات الـهـويـة قراءة في تجربة الناقد محمد حوّر

جـدليـات الـهـويـة قراءة في تجربة الناقد محمد حوّر

جـدليـات الـهـويـة قراءة في تجربة الناقد محمد حوّر

02-10-2016 10:14 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - تُظهر القراءة الفاحصة في تجربة الناقد محمد حوّر الإبداعية ذاتاً مثقفة ما برحت تنشغل بهاجس السؤال، وتلامس تخوم المحتمل واللامتوقع في البنى النصيّة، حتى تتجاوزها إلى فضاءات لا متناهية من التناوش الدائم مع النصوص المنتجة عبر سيروراتها التاريخية الفاعلة قديماً وحديثاً.

وتبدو هذه التجربة الثرية الممتدة سنين عدداً ذات منطلقات رؤيوية في الفكر والفلسفة لا يهدأ ربّانها في رحلته الشاقة والماتعة في البحث عن المعنى قصد الكشف عن التجليات وما وراء المعنى نفسه.

إنّها رحلة نقديّة تتجاور مع رحلة جلجامش في البحث عن الخلود أو معنى الخلود بوصفه هوية أو قل صياغة الهوية واستيلادها من المستحيل، بيد أنّ الإياب يتمظهر مقترناً باللاممكن، الأمر الذي يجعل حدث التجريب والفعل الإنساني لا يتوانى عن اعتماد التكرار طقساً لاستنبات الرؤية مرة أخرى بغية القبض على المعاني/ الإشارات المنزلقة والهاربة.

لقد كان انشغال النّاقد حوّر بموضوعة الهوية (Identity) علامة سيميائية واضحة بصورة قصدية أو خفيّة في نتاجه الفكري والنقدي الذي بلغ خمسة عشر مؤلفاً وأزيد، وهذا ما يلمح صراحاً وبواحاً في مؤلفاته: «فلسطينيات: ألوان من الحماسة الأدبية المعاصرة» (1980)، و»تربية الأبناء في الشعر العربي حتى نهاية العصر الأموي» (1980)، و»رثاء الأبناء في الشعر العربي حتى نهاية العصر الأموي» (1981)، و»فلسطين في الشعر المعاصر بمنطقة الخليج العربي» (1984)، و»النزعة الإنسانية في الشعر العربي القديم» (1985)، و»الحنين إلى الوطن في الأدب العربي حتى نهاية العصر الأموي» (1989)، و»بكاء رمز: جمال عبدالناصر في مراثي الشعراء» (1997)، و»هكذا تألّم المعرّي» (2007)، و»انتهاء بمؤلفه: الهوية العربية في الشعر المعاصر: من وهم الحقيقة إلى حقيقة الوهم» (2015).

يشير الناقد الفرنسي «رولان بارت» (Roland Barthes) إلى أن النصّ «ليس كياناً متفرداً مبتكراً لا نظير له» (بحسب المفهوم الرومانسي المبتذل لما يسمّى «الإبداع»)، بل إنّه متشكّل مما يسمّيه بارت: «الماسلف»: ما سلف قراءته وكتابته ومشاهدته، أي «النّص المجتمعي والثقافي». ويرى بارت كذلك أن قراءة النّص هي أساساً، اشتغال للمعنى، وكتابة، وإنتاج. ولهذا يؤكد بارت أن المعنى بالنسبة له، ليس إمكاناً، وليس أحد الممكنات، إنّه كينونة الممكن نفسها أو كينونة التعدّد.

وانطلاقاً من هذه الرؤية البارتية لجدلية العلاقة بين النص والقراءة وإنتاج المعنى، تتصور القراءة الآنية في إبداع الناقد حوّر منهجيّة ناظمة ومنطقية اختطّها صاحبها في تواليفه هذه محورها الركين الهوية نفسها بما هي تصوّر أو حلم يتموضع بين نقيضين: الكينونة/ العدم، والمحرّكُ لتداعيات هذين النقيضين سلباً أو إيجاباً هو الإنسان بنزعاته وأشواقه وآلامه وآماله، وبما يملكه من حنين يتجاوز حدود الزمان عبر التاريخ.

وهكذا تظهر عنوانات المؤلفات التي أبدعها حوّر بوصفها علامة سيميولوجية ذات أبعاد ارتدادية ومرجعية تختزله الأقطاب: الإنسان، والمكان، والزمان، التي تتمركز الهوية في بنيتها بوصفها نسقاً عابراً للمعنى.

يثير كتاب «الهوية العربية في الشعر المعاصر» بعنوانه وفصوله أسئلة قلقة حول مسألة الهويّة العربية بما هي وسم للكينونة والوجود، إذ إن الهوية باعتبارها تمثلاً (Identity-as-sameness) يتم إدراكها أولياً عبر الاحتكاك، بما هو مختلف، بينما الهوية بوصفها تفرداً (Identity-as-uniqueness) ترسّخ، إلى حد كبير، عبر نقطة تقاطع فئات الهوية بوصفها تمثلاً. وهذا القلق وكذلك التمثّل يسهم في إثارتها العنوانُ نفسه، وتحديداً العنوان الفرعي؛ «من وهم الحقيقة إلى حقيقة الوهم». وهو عنوان مكثف ونسقي في الوقت نفسه؛ إذ إنّه يتضمن حركة إنسانية واعية وفاعلة نحو تحقيق الهدف أو الحلم «معنى الهوية»، إلاّ أن هذه الذات سرعان ما تبدو مرتبكة أو متلاشية أمام ثنائية الوهم/ الحقيقة، ذلك أن سعي الإنسان إلى بناء أو تأسيس معنى الحقيقة يتطلّب وعياً نهضويّاً شاقّاً، وعملاً إنسانياً لا ينبتّ عن الحراك الدائب؛ ولكنّه عندما يكتشف في نهاية المطاف أنّ سعيه نحو تأسيس الحقيقة كان واهماً، فإن العلاقة أو التجانس بين الهوية والوهم يضحي حقيقة صادمة ولا متوقعة تحقق دلالات: التشتّت، والانسلاخ عن الواقع، والضياع (نلحظ أن لفظة «هوية» مشتقة من أصل لاتيني Sameness، وتعني الشيء نفسه، مثلما تقترن بمعاني التماثل، والتطابق، والوحدة).

وتبدو إشكالية الهوية وإمكاناتها الدلالية: اللغوية، والفلسفية، والاجتماعية، والثقافية، وما تثيره من جدليات متراوحة بين ثنائيتي الحلم/ اللاحلم ماثلة في نسقيّة الإهداء الذي قدمه حوّر إلى الناقد محمود السّمرة بقوله: «إلى الدكتور محمود السمرة.. رائحة العشب في الهجير». وهذا الإهداء نصٌّ موازٍ، وعتبة نصيّة إحاليّة (النص الموازي، والعتبة النصية مفهومان مستمدان من طروحات الناقد الفرنسي جيرار جينيت)، بحيث يضمر هذا الإهداء الدالّ مفارقاتٍ حادّة بين رائحة العشب (الحياة، الاخضرار، الوجود، التغيّر، والتمركز)، والهجير (ضياع الهويّة، والاحتراف، والاندثار... إلخ) في ضوء سياقات التكريس القصدي لمنطق «نظرية المؤامرة» (Conspiracy Theory).

وقد بدأ الناقد حوّر مسكوناً بهاجس المفارقات الدرامية المتعلقة بموضوعة الهوية عبر فصول الكتاب. ومن خلال مقدمة مكثفة وتمهيد ضافٍ شغلا زهاء ستّ وخمسين صفحة، عمد الناقد إلى استحداث مسار رحلي يجسّد صوت النّص الشعري الهائم بقضية الهويّة بدءاً من الجاهلية وانتهاء بزمننا المعاصر، إذ يلخص الناقد قانون الضديّة الذي اعترى الهوية العربية، تاريخياً، بقوله: «وفي ضوء هذه الحقائق، سارت الدراسة (الهوية العربية في الشعر المعاصر) وهي تحمل بين طياتها (الضدية) بين الأمل والطموح اللّذين يراودان الخيال في الحرية، والحبّ، والرّخاء، والرّفاه، والوحدة، وينطلقان من تراث غنيّ، ومعطيات تبدو منطقية بالأرض، والتاريخ، والعقيدة، واللغة، والوعي، وبين الواقع الذي يقف سدّاً منيعاً عالياً أمام (الأمل والطموح)».

لقد برزت الجذور التاريخية للهوية العربية في الشعر العربي، كما يرى حوّر منذ العصر الجاهلي، إذ كان للبيئة أثر كبير في تشكيل شخصيته العربية قبل الإسلام، وفرضت البيئة العربية قبل الإسلام على ساكنيها مزاجاً حادّاً، قلّما يشاركهم فيه أحد من البيئات الأخرى، وتمثل هذا المزاج في المفارقات الضدية التي تثير العجب، وتدعو للتساؤل عن أسبابها: الشجاعة والجبن، والوفاء، والغدر، والكرم والبخل، والأمانة والخيانة.

ويتجلى مفهوم الهوية في الشعر الجاهلي وفقاً لرؤية حوّر في تلك الحروب التي انشغل بها العرب ردحاً من الزمن أو ما يطلق عليها «أيام العرب»، إذ تتمظهر النزعة القبلية في الشعر بوصفها نسقاً ثقافياً معبّراً عن فكرة الهوية، ومفهوم الوجود/ المصير. واتسع نطاق الدفاع عن الهوية في الخيال الشعري العربي القديم، كما يذهب حوّر، من أفقها الضيق: القبلي/ القبلي إلى فضاء أكثر رحابة وشساعة يؤطره البعد الحضاري: الهوية العربية: الذات العربية/ الآخر المختلف والمتعدد، إذ تعدّ معركة ذي قار نموذجاً لإمكانيات هذا المنحى، ومن ثمّ استنساخ هذا النموذج في المرحلة الإسلامية.

وأمّا عنوانات الأبواب والفصول، فقد شملت الإشارات الآتية: «في وهم الحقيقة» (الباب الأول): «في البحث عن الهوية»، و»ملاذ اللغة»، و»أسطورة الوحدة»، و»ملهاة فلسطين»، و»مغناة الجزائر»، و»سقوط الأقنعة»، و»أحداث عربية محدودة زماناً ومكاناً: الثورة العربية الكبرى، ونكبة دمشق، والعدوان الثلاثي على مصر، وبيروت». و»في حقيقة الوهم» (الباب الثاني)، ويشمل الفصول الآتية: «غربة العربي في بلاده»، و»يأس العربي من بلاده»، و»تعرية العربي لواقعه»، و»غزو العربي لبلاده».

تندرج هذه العناوين في إطار موضوعة كبرى تبدو على تماسّ جذري بموضوعة الهوية، وأعني بها قضية «التابع» كما تجلّيها النظرية الاستعمارية أو نظريات ما بعد الكولونيالية (Post-Colonialism).

فالوطن العربي منذ القرن التاسع عشر للميلاد، كان يعاني أو يعاين أزمة في الهوية والانتماء، لا سيّما بعد أن أضحت الدولة العثمانية تعاني من الضعف والتّخلّف، إذا ما قيست بمحيطها الغربي في أوروبا. ويرى الناقد حوّر أن الوطن العربي كان أشدّ ضعفاً لفقدانه مقوماته الذاتية التي تسعفه في التقدم والتطور، وظهر هذا جليّاً في محاربة لغته التي هي عنوان هويته.

ولهذا فإن حضور الاستعمار الغربي بأدواته العسكرية والفكرية والثقافية، ومن ثمّ سعيه المطلق إلى الهيمنة والاستحواذ على البلاد العربية جعل مسألة الهوية بالنسبة للإنسان العربي قضية وجود، وهو ما يمكن أن يلمح مثلاً في صوت الأمير عبدالقادر الجزائري أثناء مواجهة الاستعمار الفرنسي إذ يقول:

إلى الصّون مدَّت تلمسان يداها

ولبَّت، فهذا حُسْن صوت نداها

إنّ رفض التبعية للآخر/ المستعمِر تجسده نماذج شعرية كثيرة، إذ إنَّ الركون إلى التبعية، كما يرى الشعراء، يعني انطماس الهويّة، وإلغاء الوجود، ونسيان اللغة، التي اتخذها عدد من الشعراء (محمد المختار السوسي، وخليل مردم، والعقّاد، والبارودي، وبدوي الجبل، والرصافي) رمزاً للكينونة العربية. يقول الرصافي:

وتجمعنا جوامع كبريات

وأكبرهن سيّدة اللغات

ولا شك في أن إلغاء التبعية للآخر/ المستعمِر يتطلّب فعلاً تضحويّاً يجسّد حقيقة الخلاص والتحرّر انطلاقاً من مكوّنات العقيدة، واللغة، والأرض، والتاريخ. ولهذا باتت الدعوة إلى القومية العربية والوحدة العربية، كما يقول حوّر، هي الشغل الشاغل لكلّ ذوي الفكر والرأي والسياسة. وقد بدأ الشعر محرّكاً ومحفزاً لتحقيق هذا المفهوم كما يبرز عند خير الدين الزركلي، وفؤاد الخطيب، وجميل صدقي الزهاوي، ومعروف الرصافي وغيرهم.

لقد كانت الوحدة، كما يشير حوّر، أهزوجة الشعراء العرب، حدوا بها، وترنّموا بحروفها، إلاّ أنها، للأسف، كانت إلى الصدى الذي يقرع الآذان، دون أن يحقق فعلاً، أقرب من الصوت الذي يجد من يلبّي النداء.

وقد أدّى تبخّر الحلم العربي بفكرة «الوحدة» إلى فتح كوى مأساوية لفقدان المكان العربي: كما تنمذجها الدراسة (ملهاة فلسطين، ومغناة الجزائر، والعدوان على مصر، وبيروت) على الرغم من وجود الفعل الإنساني المقاوم لمشروع الهيمنة الاستعماري، وهذا المنحى/ المعنى عبّر عنه الشاعر حبيب الزيودي في قصيدته «يا حادي العيس» بقوله:

يا حادي العيس أفنيت الفتـــى شجنا

أيقظت فـــــي قلبه الموجوع مــــــــا سكنا

مــــــا مرّت الريح مـن صحراء قاحلة

إلاّ تحـــــــرّك فــــــــــــي أعطافــــــــــها فننـــــــا

يا حادي العيس ذا شعبي وذا وطني

ما ذاقت العين من أوجاعه الوسنا

إنَّــــــا فــــــــرشناه طيبــــــاً غامــــــراً ونَــــدىً

وقـــــــد ملأناه زهــــــــراً عابقـــــــــاً وسنى

وقـــــــد رفضنـــــاه سجناً نستريح بــــــه

وقـــــــــد رضيناه كي نحيا بـــــــــه كـــفنا

وفي هذا السياق، يستعرض حوّر قائمة طويلةً من أسماء الشعراء الذين تعنّوا بالثورة الجزائرية منذ انقداح شرارتها في تشرين الثاني 1954، ومن هؤلاء الشعراء: محمود درويش، وتوفيق زياد، وكمال ناصر، ومحمد العدناني، وسميح القاسم، وفدوى طوقان، وعبدالوهاب البيّاتي، وعبدالعزيز المقالح، ومحمد الفيتوري، وأحمد عبدالمعطي حجازي، ومحمد بن إدريس العمراوي، ومحمد بن رفعة، وبدر شاكر السيّاب، ونزار قباني، ونازك الملائكة.

ووفقاً لهذا المسار، يمكن القول إن نصّ الانتفاضة أو نصّ الثورة يشكل على المستوى الثقافي خطاباً رمزياً لبرهنة الهويّة وتجذّرها، وبالتالي فإن النصوص الشعرية في هذه المرحلة تجسّد صورة الخطاب المقاوم للتبعية، وهو خطاب قيمي يتوسّل بالثوابت بغية مجابهة الخطاب الكولونيالي الذي يمثل نظاماً من التقارير التي تحرَّر عن المستعمرات والشعوب المستعمَرة، ومن السلطات الاستعمارية وعن العلاقة بين هذين الاثنين: إنه نظام المعرفة حول العالم الذي تحدث فيه أفعال الاستعمار.

ولهذا؛ فإننا نلحظ أن نمذجة القناع في هذه النصوص الشعرية تشكل ظاهرة لافتة للنظر، كما يمكن أن يلمح في نموذج المناضلة الجزائرية «جميلة بوحيرد»، إذ وقف حوّر على خمسين قصيدة قيلت في هذه المناضلة الأسيرة.

وعلى الرغم من تشكل حالة الوعي الشعري العربي بمقاومة الكولونيالي، فإن صدمة الذات الشعرية بسقوط الأقنعة، وتبدّي مظاهر الزّيف، والوهم، والانشراخ كانت هي الحدث السائد لا سيّما بعد هزيمة الخامس من حزيران.

وقد عبّر عن هذا المعنى عدد من الشعراء أبرزهم: نزار قبّاني، وأمل دنقل، والجواهري، ومحمد إبراهيم أبوسنة، ومحمود درويش، وغازي القصيبي، وفدوى طوقان. يقول نزار قباني:

«إذا خسرنا الحربَ، لا غرابة

لأننا ندخلها

بكل ما يملكه الشرقيّ من مواهب الخطابة

بالعنتريّات التي ما قتلت ذبابة

لأننا ندخلها

بمنطق الطبلة والربابة».

لقد كانت سياسة المستعمر بالدرجة الأساس طمس معالم المكان العربي: بيروت، بغداد، دمشق. وفي هذه السياسة إشارة قصدية إلى طمس هوية الإنسان العربي، وجعله يحسّ الغربة والنفي، واليأس في مكانه/ وطنه، وهذا يعني ضمناً إلغاء وجوده وكينونته.

ولعلّ أخطر ما سلكته الكولونيالية المعاصرة هو إستراتيجيتها الماكرة في خلق صورة التشظّي الإنساني، أو الانشراخ الفكري الإثني (الإثنيات)، بحيث يتجلّى في هذه الحالة الصراع بين التابع للآخر الذي يتبنى فكر المستعمر ويروّج له ويتخذه نموذجاً حضارياً، وهذا النموذج السلبي اقترنت صورته في الشعر العربي بالعمالة، والفساد، والسمسرة، والخذلان، والعدميّة، في حين أخذ النموذج الإيجابي المقاوم الاستشهادي على عاتقه الاستمرار في مشروعه وحلمه آملاً في تحقيق المبتغى بفعل القبض على جمر الملمّات والنوائب.

وقد توسل الشاعر في هذه المرحلة، كما يقول حوّر، بالقناع التاريخي رغبة منه في تشريح الواقع العربي المأساوي وتوصيفه ومحاورته، فكانت زرقاء اليمامة، وقريط بن أنيف، وطرفة بن العبد، وأبو العلاء المعرّي، والحلاّج، نماذج نسقية لولادة المفارقات القائمة.

تركيب

لا شك في أنَّ عمليّة استكناه تجربة محمد حوّر النقدية تنفذ إلى نتيجة مؤداها هذه الفضاءات اللامتناهية التي تستأهل مزيداً من الكشف والقراءة، ولعلّ سبب هذا المؤدّى ناجم عن حضور ناقدٍ عارِفٍ مشّاء يتماهى مع النّص بوصفه حادثة ثقافية وهوية معرفية تنفلت من خطيَّات الزمن وحدّيات المكان.

ولهذا تصبح قراءة المتجدّد في نقود حوّر بمنزلة العبور إلى الضرورة؛ ذلك أن ثمة منهجية عالِمة تنفتح على الكوني والمشكل لتولّد نتائج مدهشة، وبفعل هذه المنهجية يسهم التفاعل الذكيّ مع النصوص الشعريّة، والحال هذه، في موضعة المتلقي أمام نماذج نصيّة/ شعرية لا متوقعة تحتاج إلى رؤية عميقة، وتأويل مضاعف لجدلياتها الشائكة.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 15192

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم