سرايا - نستمع بين الحين والآخر إلى جلسات مجلس النواب ، وفي كل جلسة ، يثار موضوع الفساد الذي لا يمل الحديث عنه ، وتكون النتيجة، كمن يلتمس نارا من
( يراعة ).

فالذي يطالب بالإصلاح ، تغتال شخصيته بشتى الطرق : إما بالتهميش ، وإما بالسجن ، وإما بالحرمان ، وإما ... فمثله كمثل الطائر الذي تقدم بنصيحة إلى مجموعة من القردة ، فقتلته .

وقصة ذلك : أن جماعة من القردة ، كانت تسكن في رأس جبل ، فجاءت عليهم ليلة شديد ة البرودة ، فأخذت تبحث عن نار ، فرأت يراعا ( واليراع : ذبابة تظهر في الليل كأنها شرارة نار ) ،فأسرعت في جمع الحطب ، وألقته عليها ، وأخذت تنفخ في النار حتى تعبت ، والنار لم تشتعل بعد . وكان على مقربة منها طائر ينظر إلى جماعة القردة ، فنادى عليها من بعيد : لا تتعبوا أنفسكن ، فإن الذي وضعتم عليه الحطب ، ليست بنار ، بل هي حشرة تكون مضيئة بالليل ، ولكن جماعة القردة لم تصغ إليه ، فاقترب الطائر منها أكثر ، ليقدم لها النصيحة ، فمر به رجل ، فعرف ما عزم عليه الطائر ، فقال له : لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم ؛ فإن الحجر الصلب ، لا تجرب عليه السيوف ، والعود الذي لا ينحني ، لا يعمل منه قوس . لكن الطائر لم يطعه ، فتقدم إلى جماعة القردة ناصحا ، فهجم بعضها عليه ، فضرب في الأرض ، فمات .
فجذور الفساد متأصلة ، فهي محمية بالمال، والقرار , والظلم ، ومع كل هذا لا يعفي الشرفاء المخلصون من أبناء الأردن، أن يستمروا في مطالبة الإصلاح ، معذرة إلى الله ــ عز وجل ــ مصداقا لقوله تعالى :( وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) الأعراف/ 164/ 165.



أ . د / غالب محمد الشاويش

20/ 12 / 2015م .

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا