بقلم : سالم فلاح المحادين
كانَ لحضورك بعد رحيل أمي طعم الغياب !!! طغت فوق محياك نكهة الشوق إليها !! أمضيتَ بيننا عاماً غارقاً في الأسى !! كنا نراقب المشهد عن كثب , تارةً نبكي تأثير العِشرة وعدم هوانها عليك , وتارةً نبتَسمُ ظناً منا أن بإمكاننا أن نصنع معكَ ولكَ الفرح في ظل إكتظاظ العُمر بتفاصيل منزلٍ يَفتَقِد بشدةٍ لأنفاس الحبيبة الغالية !!!! ذاتَ يومٍ باردٍ جداً وباهتٍ حد الوجع كنت على الوعد وكان القدر يخبئ لنا إكتمال لوحة الفقد .... فارقت الدنيا وأنا أخفي وجهي عنك إذ أحسست بأنك الآن تغادر إلى غير رجعة فلم أقل إلا _ إنا لله وإنا إليه راجعون _ ها أنا الآن أعيشُ وحيداً كما ينبغي لي أن أعيش , لن أسامحني إن فكرت بنسيانك , إن سَوَلَت لي نفسي إستيعاب غيابك فإنها وكما وعدتها ستلقى عقاباً قاسياً شديد اللهجة , لست أنت من يُنسى , ليس طُهركَ من يمضي دونما جرح عميق , ليسَ وَجهكَ سهل المنال لأفتقده بسلاسة , لم يَعُد البيت مشرقاً كما كان يمتلئ بنورك وقهوتك وشايك والكعك والربيع والخضار والشرفة التي أخالها تناديك .... ورغم قربك لست تسمعها !!!

أيُ عِبء نَفسي مُرهِق إستَدعَتهُ السِنين لِيَرسم الأبيَض على شكل شَيبٍ باهتٍ يَنسَلُ من بين الدموع لغايات الوقار ؟ أيُ غَباءٍ سأرتديه لأتحلى بِمنسوبِ ذكاءٍ يَكفيني للنسيان ؟ أيُ دِفءٍ سأحصُل عَلَيه بعد أن لَوَحت يدي مِن مشارف آذار للشِتاء بتحية الوداع ؟ أيُ صَبرٍ سأتحلى بِمرارَتِهِ لأكونَ على الوعد إبناً لِرائِعَين فارقا الحياة بَعدَ تأديةِ المَهَمة ؟ أيُ صَمتٍ أحتاج لأتَمَكَن من مُمارسة طُقوس الفَقد كما يَليقُ بحجم الغِياب ؟ أيُ عُصارةِ خِبرَةٍ سأسكُبها في مُواجَهةِ إبتسامة طِفلٍ كانَ بالأمسِ القَريب مَصدَرَ فَرَحٍ لأجدادٍ باتوا اليومَ تَحت التُراب ؟

بعض الغياب مدوي له صدى وعنفوان يصرخ في الداخل كل مساء وكل صباح وكل قطرة مطر وكل غفوة , و ما أكثر الغفوات التي ما زالت تأمل أن تضحي نوماً كاملاً متكاملاً ولو لساعات قصيرة .... بعض الغياب له إمتدادات أفقية ورأسية تملأ القلب والروح بالمشاعر المتناقضة وتمنحك بعداً إنسانياً أعمق لتتمكن من التعاطي بكفاءة مع المستجدات ومحاولة عناقها بدموع في صميمها بعض الراحة , غافلت احلامي في الكثير من الأحيان وتمكنت من طيها والمضي على الرغم من عبقها الذي يعانق الذاكرة بأحلى اللحظات التي لن تعود !! أسأل الله عزوجل أن تنعم أنت وأمي برحمة رب العالمين في جنات الخلد إن شاء الله ,,,, اللهم أغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا