حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 17836

أميرة عمان التي أعشق

أميرة عمان التي أعشق

أميرة عمان التي أعشق

11-06-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

 

(    في البال امرأة

في البال لحن...

هو لا يراها ،

 لكنه قال،

  تصبحين على خير...

ورحل........)

.......... منصور الطورة

 

 

 

يطوف في ذهني سؤال ، يا ليت أني أعرفه ، هي ثلاثون عاما من المسير ، ثلاثون عاما ولم أفككه....

سؤال العمر كم هو صعب ، يضيع بين الأنامل كسراب ، تلاحقه، لكنك غير مدركه...

ثلاثون عاما باحث ... وما أعياني المسير...

ثلاثون عاما ولا شيئ ، الا الطيف الجميل ، ومنفضة ملأى وفناجين...

ثلاثون عاما ، وهي هي...قبلتي ووطني وصلاتي وكأس شرابي...

وهي عزف البيانو وناي الأنين ،

ثلاثون عاما  وهي الحلم  بالجمال يلغي الصورة القبيحة ، وهي الأماني بالخير يأتي في نواصيها والأمل.......

 

 

ثلاثون عاما واليها المسير ، ما كانت تعييني خطاي ولا يضيرني فشل ، مصمم في مسيري ، فتى يحث الخطى   رغم ما في الروح من شلل....

 

أنت يا كل السنين...

 

ثلاثون عاما وهذا الحصان يتعلم كي يعشقك ، يتألم في انتظار الولوج لمعبدك ، لا دنيا يريد ، وانما ، ظل القداسة أن يحتويه في رؤيتك.... والنقاء ، يراه في ملامحك ، والله ، يعبد متنسكا ، اذ رحمة الله يرى في نظرتك...

 

وأخيرا كان يظن أنه قد وصل...

 

ورغم المدى البعيد ورغم الرحيل الطويل العظيم وما انقطع من جبال ووهاد وأرض وعر ، سار الفتى لا واحة تظله ولا مركب يستقل ، وئيد الخطى مضنا لكنما كنت المنى ...

 سار منذ أن ولد ، ما تعلم أن يحبو ، انه قد غادر الرحم جريا في سفر البحث العظيم ، وكان اذ ذاك رضيا رضيعا صغير ، لكنما حالم ، حائر حزين ، ورغم وحشة الليالي وطولها الأبدي ورغم الغيم الاسود والريح ورغم الخوف تحت الضباب الكثيف ورغم أشواك المسير   وجوع المسير وعذابات المسير..الا أنه قد وصل...

 

كان ذاك حين اختلطت عليه البحار مقتربا من قلبها الأرض، كل الطرقات تشابهت لكن رسم القديسة كان هداه ، يحث الخطى على الشاطئ المسحور حتى منتهاه ، هناك على الصخرة البعيدة كنت جالسة فما رآك من على بعد حتى وأبتسم ، ورغم الشعر الكث الطويل وأخاديد الوجه وعروق اليدين ، رغم أنه في الثلاثين ، الا أنه في مرآك ، كان ذلك الحائر الجميل ، طفلا رضيا صغيرا يبتسم....

 

ما أجمل الوصول !

 

ما أجمل النهر يقبل حواف المحيط ..........

 

ثلاثون عاما والشيخ لا زال يذهب للبحر ، الشيخ ينام جائعا ، يصحو جائعا ، يحيا جائعا، ليس الجوع يؤلمه انما الفكرة.........ليس الصيد يقصد وانما ليتأكد أنه لا زال يحمل نفس الوجه والأصابع واللسان، ليتأكد ، أن روحه ليست شبحا وأن دماءه في الأوردة....

 

ثلاثون  والفتى ما نسي ولا زل ، والفتى يخبئ السر ،ثلاثون وأنت المقصد وأنت المحج....

 

وها هو الآن

يجوب المتاهات مرددا...

أحبك

وعلى سمائي قد  رسمتك

 قمرا جميلا وشمسا تشع........

 

أحبك ، فخورا لكنما خجل ، لأن اللفظة قد تشوهت  ، جريئا لكنما حرج ، فلقد بات يصعب التمييز بين صائدي النساء   والعاشقين ، أشعر بالعار اذ أكتب كلمة حب هنا بينما آلاف الجرائم قد أرتكبت باسمه وآلاف الكبائر ، أحبك ، وفقا للمعنى الأصلي ، ذلك الأخلاقي والأنساني ، ذلك الاهلي الالهي ... أحبك ، شهادة على عصري وعصرك ، ورفضا لعصري وعصرك وايمانا بمستقبل تصنعه على هذه الأمة حرقتك....

 

أحبك ، اذا أناى للآن لا زلت أشمئز من الضآلة وأترفع عن الأشباه ...

اذا أنا لا زلت أترفع عن الأحلام الصغيرة والمعارك الصغيرة والأوطان الصغيرة...

 

وأنني اذ أحبك فأنما أطمئن أن الحصان في داخلي لما يزل يتقن الصهيل ، أطمئن أني لا زلت قادرا على رؤية الأرض تعبق بالمصانع والعرق والغلال ، تعبق بالعشب يبدأ من حواف الجداول حتى يغطي الجبال ...أتأكد أني لا زلت قادرا على  رؤية العمال يذهبون صباحا يحدوهم الأمل ،وأن الحياة سعيدة هنية ،طويلة الأجل......

 

أحبها......

 

لأنها اللقاء الجميل بين الشرق والغرب ، التمازج الرائع بين الاسلام السياسي والعلمانية ، لأنها التقاء العلم بالأدب ، التقاء الأمومة بالبكارة والتقاء القوة بالجمال...

 

لأنها الكرمة التي لا تمحل ، والحقول التي لا تمحل والينابيع الرقراقة ....

أحبها،

لأنها هي ، ولأنني أنا....

 

اذ أحبها فأنا اذا أحفر الشعر على جذوع الشجر وأعلم أن الصعلكة فرض عين وأن التسكع نافلة وبأن الجلوس مساءا على أبواب المقاهي تصوف ، وأن السهر تصوف والقهوة والتبغ والجنون ...

 

اذ ذاك ، أحس بأني لا زلت قادرا على قراءة البيان ولا زلت مؤمنا بالثورة والنضال ، مؤمنا  بأحلام الشعراء ومتاهات العاشقين .....

 اذ أحبها ، فهذا يعني أن الولد القوي الجميل لا زال يتذوق الوقت ولازال يصنع بحارا في المخيلة ومراكب ، وصوب عينيها يترك الواقع البائس ويسافر...

 

اذ أنا أحبك يا سيدة الزمن الجميل....... فأني أطمئن لسلامة قدراتي العقلية وسلامة  الذوق....

أطمئن أني لا زلت بخير وأني أصلح للحياة.......

 

اذ أحبك ، فهذا يعني أني لن ألبس يوما بنطالا نفطي اللون وقميصا من الدولارات وأني مستعد للشهادة الآن وأن الموت طوعا خيار جميل ، وأني لا زلت أحمل رصاصتي الأخيرة وأني في غربتي عن هذا الزمان وحيدا انما أنا على حق وما بقي هراء...

 

اذ أنا أحبك ، فان الكون يكون قد عاد لدورته الدائرة ، الفرسان يحلقون بالعشق ويموت الجبناء...

اذ أنا أحبك فانني متأكد أن القادم أجمل وأن الله لما يزل في السماء....

 

أنا لو لم أعشق الربيع وعطره،  لكنت مزور وغير حقيقي ولكانت كلماتي كذب وأحزاني ذل وأناقتي بشاعة ...ولكانت شمسي مطفأة وروحي وكل النجوم....

 

أنا لو لم يلفتني مرورك البهي يا سيدتي ،  لكانت عيوني مآق صلداء ورأسي جمجمة ميتة ولكنت كمن يصنع من التوليب صحن حساء...

 

مرة قلت أني أشعر أن سمعي بدأ يخف ، وبدأ يصيبني الطرش ، قالت أنها بداية الهرم ، وافقت ، لكني نفيت لنفسي قائلا ، بل لأني لا أسمعك.......

 

لكن صدقيني ، لا أسمع أحدا الا أنت  حتى ولو أنك لا تتكلمين ، وأراك   رغم أنك لا تحضرين ، وأحدثك ، عن غياب ، ان أراد القيد في الاصبع  أن يمنع فتمتنعين....ذاك لأن القرنفل يأتي في موعدة لحدائق البيت قدرا وغصبا حتى وان كان البيت جريحا حزين.......

 

 أنه العشق يا سيدتي

أفلا تعلمين....؟

أنه الحب يا سيدتي

يا عونها الله قلوب المحبين.......

 

الحب  زلزال يدمر كل شيئ كي تبنى المعالم من جديد ، انه الولادة ، والحياة والتقدم ، هو الشعور العميق بأنك سعيد والعالم جميل ، هو العودة لبكارة الدنيا حيث كل شيئ  يدب للمرة الأولى خطاه وحيث للتو كانت قد ابتدات   الحياة..

 

انه يأتيك مشردا فتمتلك البيت ، منفيا فتمتلك الوطن ، فقيرا فتغنى ، عطشا فتروى ، وحيدا....فتصير اثنين....

 

وأسير ، أقول لها ، هيا لنرقص فترتفع الموسيقى ، هيا نتسابق على المرج الاخضر أو لنغوص عميقا حد اللولؤ أو هيا لنطير مع الطيور المهاجرة ، فتقول هيا...بابتسامة الوليد...

 

وتراني وحيدا فتقول لماذا أنت وحيد ، تراني غاضبا ، فتمسح الصدأ بقطعة من حرير ، متعب ، فتأتي الي بالوسادة  ، حبيبتي هي باختصار...... أفول البدو وبدء الحضارة....

 

أقول لنأكل هنا فتقول هذا المكان لا يليق ، وأوافقها ..لنجرب النبيذ فتقول حرام وأوافقها ...وتخبرني عن الصمت  كيف   يعطي المهابة وعن الهدوء كيف يصنع عوالما من صخب وعن البهاء كيف أنه أغلى من الذهب.....تعلمني ما معنى أن أكون أنا وما معنى النسيم يهب...وتخبرني كيف أحب السماء أنيقة وقت الغسق....

 

وتخبرني كيف أنتقي ألفاظي وياقاتي وأقلامي وسجائري ..تعلمني معنى الكبرباء ، فهي الكبرياء ، وتلهمني كل الروعة حتى  كتاباتي ، أقول لها ، أشتاق أبكي ، فتمسح دمعاتي ، أشتاق أغني ، فتطربها آهاتي ، أشتاق أفرح ، فتصنع لي آلافا من المسرات....

 

ماذا أقول ؟

ليت أني أستطيع ان أقول..

 

ربما يعجز قاموسي الداخلي عن جذب مفردات تتماهى والسياق ، فالسياق ملحمة والبطلة ملاك ،فأي لغة تكفي كيما  أصف ... لو تعذروني قليلا ، فكلماتي هذا الصيف متمنعة كالربيع الذي مضى وكذلك

قلمي تخنقه الرقابة ويملأه الخوف....

 

حبيتي والورد الأصفر متشابهان ، جنونا وجاذبية وألق ، مفاجأة النظرة ، وديمومة الألق ، القدرة على احتلال المكان والزمان واضفاء الرقي ..

حبيتي مثل الورد الأصفر ، رمزا للمدنية والأناقة ..

 أراها تقطف الياسمين بيد ، وبالأخرى تصنع عالما من بشارة ،

 أراها آلهة تقبل بلقيس الملكة يدها وعند أقدامها ، تسجد الأباطرة ،

 وحبيبتي ، هي التي تنادي على الشمس فجرا فتأتي ، وتأمر العصافير تغني ، هي الماء ينزل على أوراق الزهر فيتضوج الصباح عبيرا وفيروزا وقهوة وتبغ....

 

حبيتي ، لم يهب الريح يوما على عمان الا كي يلامس خصلات شعرها ..

يا لشعرها!.....

 أنا لا أعلم كيف قد سرقت من الأسد خصلاته ، كيف استعارت من الثوار ثوراته ،أنا لا أعلم كيف مات الميتون ، ولماذا المرض ...

 حبيبتي ، خصلات شعرها آية للرب ، ففيه وعد بأن السنابل ستملأ البيادر دوما وأن الحقول سوف تغل ، فيه وعد بالشاي يملأ مساءاتنا والشعر ، بالصبايا الجميلات يردن النبع ويرقصن في الساحات حتى قبيل الفجر ، في شعر حبيبتي ، تسكن الكواكب ويستقر الف قمر....

 

يا أجمل الصبايا

يا فرحة الطفل

 

أتسامى لو تدرين  اذ أذكرك، وأقتل الحيوان ، أنا لا أبحث عن آلة ، اننا في عصرها ،لكنني  أتسامى وأرتقي ، انني أبحث فيك عن لحظة ايمان ...عن  تأمل وخشوع ....

 

وأتسامى بك ،كنبي مجهد ، فأصير روحا تطير مع العصافير في الجنة ، وشهيدا ينظف ملابسة من الدماء  قبيل الدخول للمقبرة ..

 

أنا اذ أذكرك ، يتوقف رصاص القتل في منتصف المسافة وتصير الدبابات أشجار ورد   والخناجر  تلين ،وأنا ، أصلي في داخلي ، بأن أحج لعينيك قبيل الحجيج وأن فلسطين سوف توقف البكاء وبأن يخرج الياسمين حالما  فرحا في أزمان ليست من رخام....

 

هو الحب يا سيدة الزمان ....

 

 أدخل المتجر ، أسلم على العم أبي خليل ، أختار أشيائي وأدفع الحساب ، لكنما دون تركيز ، أذهب لسيارتي ، حين اصل البيت أكتشف أني لم آخذ  اشيائي ، أعود للمتجر ، يبتسم الرجل لي ، يعطيني الأشياء شفقا بحالي مواسيا ، أن لعنة الله على الحب يا ولدي...أدعو الله أن يشفيك...

 

وأخرج قائلا ، الهي ، كلا ، أرجوك ....فلا تفعل ...

 

هو الحب يا بوح العصافير للقمر....

أمن الحب أشفى؟

يا لخ


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 17836
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
11-06-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم