حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,4 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 14989

هاشم المجالي يكتب : الناسخ .. والمنسوخ

هاشم المجالي يكتب : الناسخ .. والمنسوخ

هاشم  المجالي يكتب : الناسخ  ..  والمنسوخ

09-04-2013 12:14 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - لست املك نواصي الحروف ولا اقدارها ولست امسك بأعنة الكلمات لاهدائها عندما تثور وتضرب بحوافرها سجون صدري وسياج عقلي ولم اتعود على التلويح بالسياط لاحرك الحروف كالقطعان على حظائر السطور ولست جنرالاً من جنرالات اللغة يضع النجوم الثقلية والنياشين الكثيرة التي تنوء بحملها الاكتاف والصدور وتخضع الى اوامره فيالق الكلام وكتائب النثر ودروع اللغة العربية وانا لست راعياً عند احد وكلماتي ليست قطعاناً لاغنام المدينة ولا لأي زعيم او متنفذ لست كل هؤلاء ومع هذا فأن كل كلماتي تعرفني وكل الحروف تأبى الا ان تصافحني لأحكي لها حكاية المساء ولأنني انا من يمشط شعر القوافي بأمشاط وطنية ويطقلها من سجون التقاليد والنفاق فالكلمات تعشق من يواعدها تحت المطر وليس في حفلات الصالونات السياسية لاضع على اكتاف الكلمات وشاحاً عندما تغفوا في برد المساء كي لا تصيبها علل النفاق ان كل عناقي للكلمات وكل رقصاتي مع حضورها وكل ما لدي من كنوز الصور والمشاهدات كل ما لدي لم ينفع امام رؤيتي ومشاهدتي للناسخ والمنسوخ فكل محاولاتي المتعاقبة باءت بالفشل لفهمي لشخصيات سياسية متقلبة . حقاً انني في وضع غريب في هذا الوطن احتار القلم ان يوصفها فالرجل الذي شاهدناه يناكف الحكومة غير الرجل الذي اشاهده يهادن النواب بخطبه الرنانة ومقابلاته الصحفية وتألمه لاوجاع الوطن وشعبه الذي يعاني ويعاني .
احس واشعر بعد التأمل والتدقيق في كلا الشخصيتين المتناقضتين بينما كان نائباً بالضفة الشرقية والان اصبح مسؤولاً كبيراً بالضفة الغربية .
فأحس ان هناك لغز وأحجية معقدين واصاب بالدوار في محاولة لحل هذا اللغز فأنا بين شخصية انقضت وتلاشت والاخرى ظهرت طافية على سطح بحيرة الحرص الوطني والغيرة على انقاذ الميزانية لتأمين توفر الامتيازات التي عهدناها كان مشاغباً حماسياً مدافعاً عن مصلحة الشعب وقضاياه والشخصية الثانية معاتباً محاكياً مداعباً الشعب لتقبل رفع الاسعار وكل ما من شأنه انقاذ الميزانية حتى ولو كان ذلك على حساب لقمة العيش .
وعندما اشاهد الاعلامي وهو يدير المقابلة معه تلفزيونياً ليبرر اجراءاته وقراراته بحق الشعب تحس ان المذيع يكاد يصاب بإنفصام الشخصية فهو لا يفهم مع اي نسخة يتحدث فهناك نسخة النائب السابق المشاغب ونسخة الحريص على ميزانية الدولة فنكهة النيابة شيء مختلف عن نكهة المسؤول ، حقاً انها شخصيتان مختلفتان ناسخ ومنسوخ .
ففي لحظة صراحة مع نفسي اغلقت دفاتري فلم يعد هناك اي مجال للمقارنة بين الموجب والسالب بين الابيض والاسود .
فلقد رفع الكلام الرايات البيضاء ولكن ليس كلام الصدق فقط من يقدر على احراج البلغاء بل كلام الفقراء والعاطلين عن العمل هو الذي يقدر ان يقتحم قماقم مكاتبكم وهؤلاء الشباب والمقهورين والفقراء والعاطلين عن العمل لا يريدون الحرية التي تأتي معطرة من الغرب بنياشين المنظمات الدولية الداعية للحقوق والاتفاقيات الملغومة والمفبركة باشكالها وانواعها والوانها ، فانها كلها لا تساوي عطر ماء الورد الذي تصنعه اصابع الصبايا في بلدنا لتسقي بها حلوق هؤلاء الشباب ولا تساوي عطر الليمون الذي يفوح على اشجار بلادي صباحاً لا نريد الحرية التي يرسلونها إلينا من الغرب كحرية حيوانات السيرك وما اكثرها فلقد شاهدناها وما اكثر المصفقين والمشجعين في مسارح السيرك لها .

المهندس هاشم نايل المجالي

hashemmajali_56@yahoo.com








طباعة
  • المشاهدات: 14989

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم