22-09-2009 04:00 PM
عمان القديمة... الحياة والناس كان والدي "محمد نديم" رحمه الله ، موظفا في دائرة النافعة التي تسمى اليوم وزارة الاشغال العامة. وقد انتقل عمل الوالد من مدينة معان الى مدينة عمان العاصمة في عام 1955. واختار الوالد لنا بيتا في جبل الجوفة بالقرب من مدرسة خالد بن الوليد ، التي درست فيها مع اشقائي احسان وغسان في المرحلة الابتدائية آنذاك. انني لست بصدد سرد قصة حياتي ولكنني أود ان اسرد قصة عمان القديمة وحياة الناس فيها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. فقد كانت عمان مدينة صغيرة .. عشقناها منذ نعومة اظفارنا عندما كنا صغارا نغوص في ثناياها في ازقتها في شوارعها .. في جبالها حيث اطلق عليها مدينة الجبال السبعة ، ناهيك عن تسميتها قديما بربة عمون وفيلادلفيا . وقد ارتأيت سرد قصتها على شكل محطات كما يلي: شارع الملك فيصل: كان في وسطة وبالتحديد في الجزيرة الوسطية مطعم صغير وبجانبه مواقف سيارات الشام خاصة وهو من اشهر شوارع الوسط التجارى في المدينة ، ناهيك عن دخلة منكو بمحلاتها المشهورة والفنادق الصغيرة وكذلك المقاهي التي مايزال بعضها شاهدا على تلك الحقبة من الزمن. السيارات في عمان: كانت السيارات من النوع القديم المتداول آنذاك وخاصة التكسي حيث يفتح الباب الامامي من جهة الموتور اي عكس السيارات الحالية . باصات النقل العام: وهي من النوع القديم حيث لم يتوفر فيه اشارة الكترونية بعد فقد كان هناك قطعة من الصاج على شكل سهم طوله حوالي 30 سم وضع من جهة السائق حتى يرفع هذا السهم في حال انعطافه الى تلك الجهة اثناء المسير. الملعب الرئيسي: كان الملعب الرئيسي في عمان هو ملعب الكلية العلمية الاسلامية بجبل عمان حيث تقام عليه المباريات الداخلية والخارجية . وكانت الكلية العلمية الاسلامية قد حظيت بجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال ان يكون على مقاعدها في المرحلة الابتدائية. وكانت ارقى واشهر مدرسة في عمان. النوادي الرياضية: كانت النوادي في عمان في تلك الفترة متعددة ومن اشهرها نادي الجزيرة الذي كنت لاعبا فيه. كذلك نادي الاهلي والنادي الفيصلي ونادي الشباب ونوادي اقل درجة كنادي الجزائر. وفي تلك الفترة كانت المدارس هي التي تخرج اللاعبين لينضموا الى النوادي. مقاهي عمان: كان المقاهي الشهيرة في عمان هي في وسط البلد وخاصة في الخمسينيات مثل مقهى الجامعة العربية ومقهى السنترال ومقهى حمدان. اما مقهى الجامعة العربية فقد كان له شرفة (بلكون) يطل على ساحة المسجد الحسيني وشهد هذا المقهى النشاطات الحزبية آنذاك . فكان يقف امناء الاحزاب على هذه الشرفة ويلقون الخطب الرنانة التي يتجمع الناس حولها في ساحة المسجد ليستمعوا الى الخطيب . بالاضافة الى ان من رواد هذا المقهى النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية ايضا. اما مقهى حمدان فقد احتضن المؤتمر الوطني الاول عام 1928. فندق الملك غازي: فقد بني في العشرينات من القرن الماضي في شارع السعادة بوسط البلد وكان من رواده ونزلائه شيوخ العشائر الذين يحضرون الى عمان من كافة مناطق المملكة والمبيت فيه. فندق فيلادلفيا: وكان من ارقى فنادق عمان على الاطلاق وخاصة انه احتضن المغفور له الملك المؤسس الملك عبدالله الاول في بداية الامارة. وكان يقع امام المدرج الروماني . نادي الملك حسين: ويقع في جبل عمان قرب مجلس الامة سابقا وكان من رواده النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتجري فيه الاجتماعات واللقاءات. مطعم ومقهى الدبلومات: ويبعد عن نادي الملك حسين حوالي 200 متر حيث يقدم الخدمة على الرصيف ويلتقي فيه المثقفون والعشاق. الراديو: كان جهاز الراديو هو المتداول بين الناس آنذاك ويتنقلون من محطة الى محطة عبر مفاتيحه وكان من الحجم الكبير او الحجم الصغير (الترانزيستور) ليستمعوا الى اخبار الدنيا والاغاني والموسيقا والمسلسلات الاذاعية، حيث لم يكن قد اخترع جهاز التلفاز بعد. المدرج الروماني: لقد كان مسرحا رئيسيا في عمان حيث تقام عليه الحفلات الفنية لكبار المطربين مثل وديع الصافي وفريد الاطرش وغيرهم وكذلك حفلات الملاكمة بين فهد الطنبور واديب الدسوقي ابطال الشرق الاوسط في تلك الفترة ، كذلك الفرق الاجنبية كفرقة التزلج على الجليد. الخط الحديدي الحجازي: وقد بدأ العمل به عام 1908 ولحسن الحظ انني ركبت انا واهلي بالقطار من مدينة معان الى عمان عام 1955. وينقل هذا القطار الركاب والبضائع مابين الشام وعمان وكذلك معان. كلية الحسين الثانوية: وتقع في جبل الحسين ومازالت. فقد كان لها طابع خاص حيث خرجت النخب من رجالات الاردن واذكر المرحوم الاستاذ نظمي السعيد مدرس الرياضة المشهود له بتخريج ابطال الرياضة من لاعبي كرة القدم وغيرها من الرياضات الاخرى. مدرسة رغدان الثانوية: وتبعد عن كلية الحسين حوالي 300 متر وكانت ايضا مدرسة مشهورة في عمان ولاننسى اننا تعلمنا فيها دروس التدريب العسكرى حيث كنا نذهب للرماية في طبربور. ومن مدرسيها الاساتذة هاني ابوعبود ونايف العساف وفتح الله والصلاج وغيرهم وكان من زملائي محمد العمايرة وفايز الخطيب ومحمود الشنقيطي ومحمد المجالي ووليد هويدي . الاناشبد المدرسية: كنا ننشد في طابور الصباح في المرحلة الابتدائية والاعدادية اناشيد وطنية وقومية معبرة وذلك بعد انشاد السلام الملكي ، نشيد دمت ياشبل الحسين او بلاد العرب اوطاني او حماة الديار عليكم سلام او نشيد الجزائر وغيرها من الاناشيد العربية. جبل عمان: وكان من ارقى واشهر جبال عمان منذ نشؤ الدولة الاردنية حيث يضم السفارات والوزارات والمراكز الثقافية مثل المعهد البريطاني والمعهد الامريكي ورئاسة الوزراء وقصر زهران والفنادق العريقة كفندق الاردن وكذلك مبنى شركة التأمين على الدوار الاول ومستشفى ملحس من اقدم مستشفيات عمان. وايضا شارع الرينبو نسبة الى سينما الرينبو ويقع فيه المعهد البريطاني الذي تعلمنا فيه دورات في اللغة الانجليزية. كذلك تقع فيه المدرسة الاهلية للبنات العريقة. جبل اللويبده: وهو جبل عريق هادىء له نكهة خاصة وكنا نسميه جبل الثقافة والرقي وتقع فيه مدرسة التراسنطة ومدرسة كلية الشريعة ومدرسة ضرار بن الازور وغيرها. وكان الناس يحلو لهم المشي (الكزدرة)عبر شوارعه ويتجمعون عند الدوار و بجانبه مطعم سيزار الشهير حيث يقام فيه الاعراس والحفلات. بالاضافة الى وجود المركز الثقافي الفرنسي فيه ناهيك عن المتحف والمتنزه. متنزهات الرصيفة: كانت العائلات واهل عمان عموما ، عندما يريدون قضاء اوقات العطل الاسبوعية او الرسمية فانهم يذهبون للجلوس في متنزهات الرصيفه المشهورة في تلك الفترة وخاصة لقرب الرصيفة من عمان ويخترقها سيل الزرقاء الذي يأتي من رأس العين بعمان حيث تصب مياه الامطار من الجبال المحيطة وتسير هذه المياه عبر السيل في وسط عمان الذي كان مفتوحا قبل عملية سقفه وتم عمل شارع فوقه تسير عليه السيارات . ولاننكر بان امانة عمان الكبرى انشأت الصروح الثقافية على هذا المجرى. المستشفيات: اذكر بعضها مثل مستشفيات فلسطين والمعشر والطلياني وملحس وذات يوم ألمت بوالدي وعكة صحية نام على اثرها بالمستشفى وصدف ان كان اول ايام عيد الفطر فما كان من جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله الا ان فاجأنا بالمستشفى بزيارة تفقدية تحدث مع والدي واطمأن عليه وعلى بقية المرضى وقدم هدايا للمرضى ايضا. فكانت لفتة كريمة من لدن جلالته رحمه الله حيث صافحت جلالته لاول مرة في حياتي تركت في نفسي الاثر الطيب وما زلت اذكر ذلك. المثقفون: لاغرابة ان الاردن قد خرج من رحمه الاديب والشاعر والفنان والكاتب والموسيقي. ومن هذه الاسماء الشهيرة في بلدنا اذكر بعضهم مع حفظ الالقاب: مصطفى وهبي التل ، عبدالمنعم الرفاعي، روكس العزيزي، حسني فريز، تيسير السبول، عبدالحليم عباس، عيسى الناعوري وغيرهم الكثير. ومن الفنانين: اسماعيل خضر وجميل العاص وسلوى وسامي الشايب وفهد نجار وتوفيق النمري ومن المخرجين المخرج زيد الكيلاني والمخرج هاني صنوبر. ومن المذيعين القدامى محمود الشاهد وحيدر محمود وابراهيم الذهبي وعلي اسعد وغيرهم. وكما قال الشاعر حيدر محمود: لغير عمان هذا القلب ماخفقا وغير فرسانها الشجعان ماعشقا ولااحبت عيوني مثل طلتهم على الروابي رماحا تنشر العبقا الكاتب/ بسـام محمد العـوران e-mail Bassam_Oran@hotmail.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-09-2009 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |