بقلم :

 لم تكن الحالة الوحيدة التي اطلعت عليها وتكاد تكون حقيقة مسلم بها، حين يغيب طرف العلاقة بالموت أو بسبب الارتباط القسري بطرف آخر أو لأسباب مجهولة يبقى ثمة معذًب ومستعذِب لحالة الغياب، هو صورة من صور الحب الأول أو الحب الذي داهمته ظروف حالت دون استمرار الطرفين في العلاقة. كتب لي-عارضا مشكلته- وهو رجل أربعيني: حتى الآن لم أتزوج لأنني لم أستطع نسيان ماري، ماري البنت الانجليزية التي تعرفت عليها في الخارج وكنا على وشك الزواج بعد علاقة حب جمعتنا لمدة ثلاث سنوات لولا غيابها في ظروف لم تزل غامضة،ومنذ ما يزيد عن عشر سنوات وأنا على اتصال مع والدتها ، عشرسنوات مضت وأنا ووالدتها نحلم سويا بعودتها ، نريد أن نعرف كيف اختفت ولماذا وحين توفيت والدتها مؤخرا شعرت بأن حبل الوصال انقطع وأن حلمي في سماع كلمة تطمئنني عنها قد انتهى، كانت لديها روح الأنثى المعطاء التي أحب، ولم أتخيل أن أكون زوجا لغيرها ولم أزل في حالة وفاء غير اعتيادي لها في غيابها. هذه حالة واقعية من حالات "الوسادة الخالية" الوسادة التي تصبح يوما بعد يوم وعاما بعد عام سدا منيعا أمام أي محاولة استبدال، فالطرف الغائب يزداد حضورا وتزداد حالة الحنين المتزامنة مع مشاعر الوفاء الاختياري قصة هذا الرجل ذكرتني بحادثة اجتماع امرأة سبعينية وأرملة مع فارس أحلامها وقريبها الذي عاد بعد خمسين من الخارج وقد أصبح كهلا، حين شاهدته تلك المرأة التي تبدو عجوز الملامح انهارت في البكاء ولم تقو على مواصلة النظر في عينيه، هو بقي محتلا مساحات عاطفتها برغم الغياب ورغم مضي نصف قرن على غيابه وزواجه وزواجها وزاج أحفاد كليهما. حين أستمع أو أقرأ أو أعايش حالات مثل هذه وليس بإمكاني إسقاط عدد الذين فشلوا في الحياة الزوجية بعد علاقة حب لا يتبق لدي سوى تفسيرا واحدا وهو أن الغياب أي غياب المحبوب بسبب وفاة أو سفر أو عوائق زواج أو لأسباب غامضة يجعل المحب في حالة وفاء دائم ، هذه الغياب القسري منح المشاعر فرصة للاستمرار ولم يعط الطرفان الفرصة الكافية لكي تظهر خلافات واختلافات كليهما ليتحول الحب إلى رماد ولذا يمنحه عمرا متجددا ومشاعرمتقدة maisa_rose@yahoo.com

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا