27-12-2025 08:25 AM
بقلم : محمد مطلب المجالي
ليس من السهل أن تُختصر سيرة الرجال الكبار في كلمات، فكيف إذا كان الحديث عن رجل من الرعيل الأول في جهاز الأمن العام، ممن حملوا الأمانة في زمن كانت فيه الرجولة عنوانًا، والانضباط عقيدة، والخدمة شرفًا لا يُساوَم عليه.
الخال المرحوم ياسين ضامن المجالي *أبو لؤي* لم يكن مجرد رجل أمن، بل كان مدرسة في الانضباط، وقدوة في السلوك، وصورة ناصعة لمعنى الانتماء الصادق للوطن ومؤسساته. خدم بإخلاص، وأدى واجبه بصمت، ومضى في دروب المسؤولية بثبات، لا يطلب شكرًا ولا ينتظر ثناءً، مكتفيًا برضا الضمير ونقاء اليد.
دخل جهاز الأمن العام في مرحلة تأسيسه الأولى، حين كانت المهام شاقة والإمكانات محدودة، لكن الإرادة كانت كبيرة، والإيمان بالرسالة أكبر. فكان أبو لؤي من أولئك الرجال الذين صنعوا الهيبة بهدوئهم، وفرضوا الاحترام بعدالتهم، وتركوا أثرًا لا يُمحى في نفوس من عملوا معهم وتتلمذوا على أيديهم.
وحين غادر الخدمة، خرج بشرف، كما دخلها بشرف؛ نظيف السيرة، مرفوع الرأس، لم تُثقل كاهله شبهة، ولم تُدنّ صفحته إساءة. وهي ميزة لا يحظى بها إلا من فهم الوظيفة العامة على أنها أمانة، لا مغنم، ومسؤولية، لا وجاهة.
لم يكن تأثيره محصورًا بزملائه فقط، بل امتد إلى طلبته وتلاميذه، الذين ما زالوا يذكرونه بالخير، ويستعيدون سيرته مثالًا للانضباط والالتزام، ورمزًا لرجل الأمن الذي يجمع بين الحزم والإنسانية، وبين القانون والأخلاق.
إن الحديث عن المرحوم ياسين ضامن المجالي هو حديث عن جيلٍ بنى الدولة بصبره، وحمى المجتمع بصدقه، ورسّخ قيم الأمن قبل أن تُكتب في الأنظمة والتعليمات. جيلٌ آمن بأن هيبة الدولة لا تُفرض بالقوة وحدها، بل تُصان بالعدل، ويُحافظ عليها بالأخلاق.
رحم الله أبا لؤي، وجزاه عن وطنه خير الجزاء، وجعل سيرته الطيبة صدقة جارية في ميزان حسناته، وبقي اسمه حاضرًا في الذاكرة، كما بقيت بصمته شاهدة على أن بعض الرجال، وإن غابوا، لا يرحلون.
محمد مطلب المجالي
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-12-2025 08:25 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||