حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3638

شوابكه يكتب: الثانوتولوجي " علم الموت "

شوابكه يكتب: الثانوتولوجي " علم الموت "

 شوابكه يكتب: الثانوتولوجي " علم الموت "

25-12-2025 09:13 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : كريم عبدالرحمن شوابكه
يُعد الموت من أكثر القضايا التي شغلت الفكر الإنساني لما يحمله من غموض وتساؤلات وجودية، وقد أدى هذا الاهتمام إلى نشوء علم يُعرف باسم الثانوتولوجي، وهو العلم الذي يختص بدراسة الموت والاحتضار والفقدان والحزن من الجوانب النفسية والطبية والاجتماعية والثقافية. ويهدف هذا العلم إلى فهم تجربة الإنسان مع الموت، سواء كان الشخص المحتضر نفسه أو المحيطين به، والسعي إلى تخفيف المعاناة النفسية المرتبطة بهذه المرحلة الحساسة من الحياة.
يركز علم الثانوتولوجي على تحليل التغيرات الجسدية والنفسية التي تسبق الموت، كما يهتم بدراسة مشاعر الخوف والقلق والحزن التي تصاحب الفقدان، ومراحل التكيف النفسي التي يمر بها الإنسان بعد وفاة شخص عزيز. وقد ساهم هذا العلم بشكل كبير في تطوير أساليب الرعاية التلطيفية، التي تسعى إلى تحسين جودة حياة المرضى في المراحل الأخيرة، مع الحفاظ على كرامة الإنسان واحترام قراراته الأخلاقية والطبية.

ومن أبرز الموضوعات التي يتناولها علم الثانوتولوجي تجارب الاقتراب من الموت، وهي تجارب يمر بها أشخاص كانوا على حافة الموت نتيجة حوادث خطيرة أو توقف القلب أو الغيبوبة، ثم عادوا إلى الحياة ليصفوا تجارب متشابهة إلى حد كبير. يروي كثير منهم شعورهم بالخروج من الجسد، أو المرور عبر نفق مظلم نحو ضوء ساطع، إضافة إلى الإحساس بالسلام والطمأنينة ورؤية أشخاص متوفين أو استرجاع مشاهد من حياتهم الماضية. وقد تركت هذه التجارب أثرًا عميقًا في حياة من مروا بها، حيث أصبحوا أكثر تقبلًا للموت وأقل خوفًا منه، وأكثر اهتمامًا بالقيم الإنسانية.

سعى العلماء إلى تفسير هذه الظواهر من منظور علمي، فذهب بعضهم إلى أن هذه التجارب ناتجة عن نقص الأكسجين في الدماغ أو عن إفراز مواد كيميائية مثل الإندورفين التي تُحدث شعورًا بالراحة والانفصال عن الواقع، كما ربط آخرون هذه الظواهر باضطرابات في نشاط مناطق معينة من الدماغ المسؤولة عن الوعي والإدراك. ومع ذلك، فإن تشابه الروايات بين أشخاص من ثقافات وبيئات مختلفة لا يزال يثير تساؤلات عميقة حول طبيعة الوعي البشري وحدود التفسير العلمي التقليدي.
وتُظهر المراجعة العلمية لتجارب الاقتراب من الموت أن هذا المجال ما زال مفتوحًا للنقاش والبحث، إذ لا يوجد تفسير قاطع يجمع عليه العلماء. فبينما يؤكد الاتجاه العلمي العصبي أن هذه التجارب يمكن تفسيرها بيولوجيًا، يرى اتجاه آخر أن تجاهل البعد الإنساني والروحي قد يُفقد هذه الظاهرة معناها الكامل. ومن هنا تأتي أهمية علم الثانوتولوجي في الجمع بين التحليل العلمي والفهم الإنساني المتوازن.

في الختام، يُعد علم الثانوتولوجي علمًا إنسانيًا بالغ الأهمية، لأنه لا يدرس الموت بوصفه نهاية للحياة فحسب، بل يسعى إلى فهم تأثيره العميق على الإنسان نفسيًا واجتماعيًا وروحيًا. ومن خلال دراسة تجارب الاقتراب من الموت ومراحل الفقدان والحزن، يساهم هذا العلم في تخفيف الخوف من الموت وتعزيز الوعي بقيمة الحياة، مما يساعد الإنسان على التعايش مع هذه الحقيقة الحتمية بوعي واتزان.


بقلم كريم شوابكه











طباعة
  • المشاهدات: 3638
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
25-12-2025 09:13 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنجح إدارة ترامب وحكومة الشرع في القضاء على "داعش" بسوريا؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم