24-12-2025 05:15 PM
مريم النويران
في ظل تطور التشريعات والسياسات المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن، يظل هناك العديد من التحديات التي تواجه فئة أصحاب إعاقة العرج، فبالرغم أن هناك نصوصًا قانونية تهدف إلى تعزيز حقوق هؤلاء الأفراد، حيث يكفل القانون بمنح أصحاب هؤلاء الإعاقة " بطاقة تعريفية"، إلا أن تطبيق هذه القوانين لا يخلو من التناقضات والازدواجية، إذ من جهة، يتم منع الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية من الانضمام إلى بعض المؤسسات أو ممارسة بعض الأنشطة بسبب إعاقتهم، ومن جهة أخرى، لا يتمكنون من الاستفادة الكاملة من الحقوق التي يُفترض أن يحصلوا عليها بموجب القانون، مثل الإعفاء الجمركي أو الحصول على بطاقات معفاة من رسوم المواصلات العامة " الباص السريع".
ازدواجية القوانين: قيود العمل ومؤسسات الدولة
في الأردن، يعاني الأشخاص ذوو إعاقة العرج من منعهم من الانضمام إلى بعض المؤسسات المهنية أو الحكومية بسبب إعاقتهم، بما في ذلك الانضمام إلى القوات الأمنية مثل الشرطة أو الجيش، فهذا المنع يتخذ مبررات مرتبطة بما يُفترض أن يكون متطلبًا بدنيًا عاليًا، مثل القدرة على الجري أو التنقل السريع، رغم أن العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية يمكنهم القيام بمهام أخرى داخل هذه المؤسسات، مثل العمل الإداري أو القيادي، بل ويمكنهم المساهمة بشكل فعّال في حفظ النظام الأمني.
أما في المجال الرياضي، فالأمر لا يختلف كثيرًا. إذ يُستبعد أصحاب العرج من المشاركة في الأندية الرياضية أو الالتحاق بكليات الرياضة والإعداد البدني في الجامعات، بناءً على فكرة سائدة أن الرياضة تتطلب قدرة بدنية كاملة، ما يتجاهل حقيقة أن هناك أنواعًا من الرياضات التي يمكن أن تتناسب مع الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، مثل الرياضات المائية أو الرياضات التي تعتمد على استخدام العجلات أو حتى الرياضات الذهنية.
الحقوق المفقودة: الإعفاءات الجمركية ووسائل النقل
في المقابل، وعلى الرغم من أن الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية في الأردن يحملون بطاقات تعريفية تُثبت إعاقتهم، إلا أنهم لا يتمتعون بحقوق كاملة في العديد من المجالات، فأحد الحقوق التي يُفترض أن يحصلوا عليها هو الإعفاء الجمركي على الأجهزة والمعدات التي قد يحتاجونها لتحسين جودة حياتهم، مثل الأجهزة التعويضية أو المركبات الخاصة، ولكن كثيرًا ما يتم تهميش هذه النقطة، أو تقتصر الإعفاءات الجمركية على بعض الفئات دون غيرها.
أيضًا، رغم أن القانون الأردني يضمن للأشخاص ذوي الإعاقة إمكانية الحصول على بطاقة معفاة من رسوم المواصلات العامة " شبكة الباص السريع"، إلا أن التطبيق الفعلي لهذه الحقوق لا يتم بشكل موحد أو دائم، في بعض الأحيان، فقد يواجه الأشخاص ذوو إعاقة العرج صعوبة في الحصول على هذه البطاقة أو قد يُحرمون من استخدامها في مواقف معينة، مما يزيد من العبء المالي عليهم.
الأسباب التي تؤدي إلى هذه الازدواجية
تكمن الأسباب وراء هذه الازدواجية في التشريعات الأردنية في عدة عوامل، أولًا: نقص الوعي المجتمعي حول احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة فيما يتعلق بالإعاقات الحركية مثل العرج، ففي كثير من الأحيان، يُنظر إلى هؤلاء الأشخاص على أنهم غير قادرين على الانخراط في مجالات العمل أو الرياضة بناءً على إعاقتهم فقط، دون مراعاة إمكانياتهم الحقيقية وقدرتهم على التكيف مع متطلبات العمل أو النشاطات.
ثانيًا، هناك تصور سائد بأن الشخص الذي يعاني من إعاقة حركية يجب أن يكون محدودًا في فرصه المهنية والرياضية، ما يعزز فكرة الحواجز الاجتماعية التي لا تعكس الواقع، هذه التصورات تؤدي إلى استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة من بعض المجالات التي يمكن أن يسهموا فيها بشكل كبير.
الحاجة إلى التعديل والتطوير التشريعي
لتحقيق العدالة والمساواة، يجب إعادة النظر في العديد من القوانين المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بحيث تشمل جميع فئات الإعاقة بشكل عادل، إذ يجب أن تُفتح الأبواب أمام الأشخاص ذوي إعاقة العرج للالتحاق بمؤسسات مثل الشرطة أو الجيش، وذلك عبر تعديل شروط القبول لتأخذ في اعتبارها تنوع القدرات والإمكانات، وليس فقط العوامل البدنية التقليدية، إذ يمكن تخصيص وظائف ومهام يمكن أن يؤديها هؤلاء الأفراد داخل هذه المؤسسات، مثل المهام الإدارية أو القيادية.
كما يجب تعزيز تطبيق الحقوق الخاصة بالإعفاء الجمركي للأدوات المساعدة التي يحتاجها الأشخاص ذوو الإعاقة الحركية، وتفعيل نظام النقل العام بحيث يُمنح كل صاحب إعاقة بطاقة معفاة من الرسوم بشكل تلقائي عند تقديمه بطاقة تعريفية تثبت إعاقته، فهذا سيسهم في تحسين حياة هؤلاء الأشخاص، بالإضافة إلى تخفيف الأعباء المالية عليهم.
وتأتي هذه المطالب نتيجة ازدواجية المعايير المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي إعاقة العرج في الأردن، والتي تشكل تحديًا كبيرًا نحو تحقيق المساواة الفعلية بينهم وبين بقية فئات المجتمع، من جهة، كما تُفرض عليهم قيود تمنعهم من الالتحاق ببعض المؤسسات أو ممارسة بعض الأنشطة بحجة إعاقتهم، ومن جهة أخرى، إذ أنهم لا يعاملون معاملة الأصحاء بشكل كامل، ولا يتساوون من باقي إعاقات بشكل عادل.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-12-2025 05:15 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||