23-12-2025 09:11 AM
بقلم : حسني عايش
يعتبر جملة الأميركيين الرئيس فرانكلين روزفلت أعظم رئيس أميركي في التاريخ ، فقد تم انتخابه للرئاسة أربع مرات، وصار كل مرشح ديمقراطي للرئاسة يومئ إليه وكأنه يستوحيه في أثناء حملته الانتخابية. ولكنه كان في نظر كاتب هذا المقال نورد ديفيس من مؤسسة نورث بوينت أسوأ رئيس أميركي لما فعله في مدينته درسدن الألمانية.
كانت ليلة باردة في أوروبا في 13 شباط سنة 1945 وكان هتلر يتقهقر وكانت الحرب العالمية الثانية على وشك الانتهاء. وكان اللاجئون الألمان يركضون في كل اتجاه هرباً من القصف، وبخاصة نحو مدينة درسدن التي ظنوا أنها مدينة آمنة، لأنه لا توجد قواعد عسكرية فيها، ولا مصانع ألمانية للأسلحة أو للذخيرة، حتى بالقرب منها أي لم تكن منغمسة في الحرب بأي شكل من الأشكال حتى أنه لم يكن بها دفاع جوي.
كانت درسدن مليئة بالنساء والأطفال الذين كان أزواجهن وآباؤهم مجندين في الجيش الألماني، لقد كانت درسدن فعلاً مدينة آمنة طيلة فترة الحرب. لم تكن تقصف جواً ولو لمرة واحدة طيلة الحرب، إلا أنه في الساعة العاشرة وتسع دقائق مساء من يوم 13 شباط 1945 بدأت القنابل تسقط على رؤوس النساء والأطفال والناس اللاجئين في المدينة المزدحمة بهم، فقد أمطر التحالف العسكري بقيادة القائد الأعلى روزفلت ومن دونه أيزنهاور المدينة بالقنابل لمدة أربع وعشرين دقيقة وتحول مركز المدينة حالاً إلى بحر من النار مما أدى إلى عاصفة نارية مدمرة.
في تلك الأربع والعشرين دقيقة تم تدمير تلك المدينة الجميلة. ولم يكتف روزفلت وآيزنهاور بذلك بل أرسلا موجة ثانية من الطائرات القاصفة بعد ثلاث ساعات من الموجة الأولى لإجبار النساء والأطفال واللاجئين على الخروج من الملاجئ. وللهرب من العاصفة النارية تجمعوا في حديقة جروسي العامة التي تبلغ مساحتها كيلومترين وربع مربع.
وبدون أي تحذير انطلقت غارة ثالثة على المدينة الساعة 1.22 ظهراً. وكان عدد الطائرات القاذفات هذه المرة ضعف عددها في المرة السابقة. وفي دقائق مرقت الحديقة طبقة من اللهب اقتلعت الأشجار وطيرت الريح أوصال النساء والأطفال في الهواء وبعثرتها في أميال.
أما الذين بقوا في الملاجئ الأرضية فقد ماتوا اختناقاً من انقطاع الأوكسجين وكانت أجسامهم تبدو برتقالية اللون أو زرقاء في الظلام، وباشتداد الحرارة تحولت أجسامهم إلى بقايا محروقة أو ذابت في سائل كثيف ارتفاعه بمقدار قدمين في بعض الملاجئ. وفي الصباح الباكر ظهر عمود من الدخان الأصفر البني المتجعد وكانت مدينة اسمها درسدن هدفاً عسكرياً مُحي عن الأرض بالقصف الكثيف مع النية المسبقة لقتل أكثر ما يمكن قتله من المدنيين الأبرياء.
ومع هذا لم تنته المسألة هنا، فبعد العاشرة والنصف صباحاً من يوم فلنتين 1945، قامت أكبر أرمادا جوية بقصف المدينة مرة أخرى وقد استمرت الغارة 38 دقيقة مرت فيها الطائرات فوق الحطام الذي كان يوماً ما مدينة درسدن، وبدم بارد خال من الرحمة فقد طار المحاربون الأميركيون بطائرات موستانج ps1 على ارتفاع منخفض وأطلقوا النار على كل شيء يتحرك بما في ذلك سيارات الإنقاذ. كان في درسدن مستشفى عسكري كبير تظهر على سطحه علامة الصليب الأحمر واضحة تماماً، إلا أنه كان هدفاً مقصوداً للقصف. وفي أثناء الليل سحبت الممرضات البطلات مئات المرضى العاجزين إلى ضفة نهر إلي الذي كان المصدر الوحيد للعثور على الماء لهؤلاء الناس العاجزين وللأطفال والناس الناجين من القصف. لكن طائرات الموستانج وبأمر من آيزنهاور قصفتهم بموجة بعد أخرى، وألقتهم في النهر.
وهكذا تم قتل 250.000 إنسان خلال 14 ساعة معظمهم نساء وأطفال ولاجئون ومرضى في المستشفيات. لقد كانت غارات روزفلت على مدينة درسدن المذبحة الأكبر بربرية في التاريخ إلى حينه، فالغارات ضد المدنيين وضد القانون الدولي، وأحد أخس جرائم الحرب في التاريخ، وقد حجبت الصحافة الأميركية المعلومات عن هذه المذبحة، غير أنه وعلى مقربة من يوم فلنتين سنة 1991 بدأت غارات أضخم وأشد تدميراً في التاريخ على نساء وأطفال أبرياء في محافظة نينوى في العراق لقد قيل للأميركيين أن جورج بوش القائد الأعلى للقوات المسلحة أمر بقصف شمال العراق. أما السر العسكري فخلو نينوى من أي قواعد عسكرية. لا يوجد فيها شيء محدد للدفاع العراقي عنه. كما تبعد محافظة نينوى ستمائة ميل عن الحدود العراقية الكويتية، بل وأكثر من ذلك، فالنسبة الأكبر من سكانها كانوا مسيحيين أرثوذكس، إنها جزء من مملكة سليمان واسرائيل الكبرى، كما يدعي الكيان، ربما لهذا السبب ضحى بوش بأربعين ألف جندي أميركي.
يقول الكاتب: أنت في أميركا لم تشاهد الغارات على نينوى أما أنا فشاهدتها من عمان حيث كانت تحرق المحاصيل الزراعية في منطقة دجلة الفرات كي لا يتيسر للسكان غذاء.
عندما تقرأ مذبحة درسدن ثم مذبحة نينوى ثم مذبحة لينغراد في روسيا التي قادها هتلر وفشل تجد أن غزة النسخة الرابعة ولكنها الأبشع منها جميعاً، وإن كانت مطوّرة عنها، فإسرائيل تمنع حتى دخول البذور في الفواكه والخضار لغزة كيلا يزرعوها ويستفيدوا منها (ظهر هذا المقال في نشرة (ON Trget: 1990) النصف سنوية الصادرة عن نورث بوينت تيمز وكأنه كان يعدها لذلك مستقبلاً.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-12-2025 09:11 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||