حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,23 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4931

المحامي علي بني خالد يكتب: معدل قانون التنفيذ الشرعي: حين تنتقل العدالة من منطق العقوبة إلى منطق الحل

المحامي علي بني خالد يكتب: معدل قانون التنفيذ الشرعي: حين تنتقل العدالة من منطق العقوبة إلى منطق الحل

المحامي علي بني خالد يكتب: معدل قانون التنفيذ الشرعي: حين تنتقل العدالة من منطق العقوبة إلى منطق الحل

23-12-2025 08:24 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي الشرعي علي ثامر كساب بني خالد
لطالما شكّل التنفيذ الشرعي المرحلة الأصعب في مسار التقاضي، ليس لأنه يفتقر إلى النصوص، بل لأنه يتعامل مع بشر لا مع أرقام، ومع أسر لا مع ملفات. فالحكم الشرعي، مهما كان عادلًا، يفقد معناه إن لم يُنفّذ بطريقة تحفظ الحق ولا تهدر الكرامة.

من هنا، يكتسب معدل قانون التنفيذ الشرعي أهمية خاصة، ليس بوصفه تعديلًا إجرائيًا فحسب، بل لأنه يعكس تحولًا حقيقيًا في فلسفة التنفيذ، وانتقالًا من منطق الضغط والعقوبة، إلى منطق الحل والتمكين.
هل كان الحبس هو الحل دائمًا؟
لسنوات طويلة، كان الحبس التنفيذي هو الأداة الأبرز لإجبار المحكوم عليه على التنفيذ، خصوصًا في قضايا النفقة والديون الشرعية. ورغم مشروعيته القانونية، إلا أن الواقع العملي أثبت أن الحبس في كثير من الحالات لا يؤدي إلى الوفاء بالدين، بل يعمّق الأزمة، ويحوّل المحكوم عليه من شخص متعثر إلى شخص عاجز كليًا عن السداد.
فكيف يُطلب من محبوس أن ينفق؟
وكيف تتحقق مصلحة المحكوم له إذا انقطع مصدر الدخل نهائيًا؟
المراقبة الإلكترونية: عدالة أكثر واقعية
ما يميز التعديل الجديد أنه لا يلغي الحبس، ولا يُفرغه من مضمونه، لكنه يضعه في موقعه الطبيعي كخيار أخير، ويفتح الباب أمام بديل أكثر واقعية وإنسانية، يتمثل في المراقبة الإلكترونية.
هذه الآلية لا تعني التساهل مع المماطلة، بل تعني إخضاع المحكوم عليه للرقابة مع إبقائه فاعلًا في المجتمع، قادرًا على العمل، والإنتاج، وسداد ما عليه. وهي مقاربة ذكية تعالج أصل المشكلة بدل الاكتفاء بعلاج نتائجها.
توازن دقيق بين الحق والكرامة
من الناحية القانونية، يلفت الانتباه أن التعديل حافظ على حقوق المحكوم له كاملة، فلم يلغى الحبس ، ولم يمنح المحكوم عليه حصانة، بل اشترط:
• طلبًا صريحًا من المحكوم عليه.
• قناعة جهة التنفيذ بوجود مصلحة حقيقية.
• التزامًا صارمًا بشروط التنفيذ.
• عودة فورية إلى الإجراءات الجبرية عند الإخلال دون مبرر.
وهذا يعكس توازنًا تشريعيًا نادرًا، يضمن عدم استغلال المرونة، وفي الوقت ذاته يمنح فرصة حقيقية للإصلاح.
قضايا النفقة… الاختبار الحقيقي للتعديل
في الواقع العملي، تبقى قضايا النفقة هي الميدان الأهم لاختبار فاعلية هذا التعديل. فالنفقة ليست دينًا عاديًا، بل حق مرتبط بالعيش الكريم، وباستقرار الأطفال والأسرة.
ومن وجهة نظري كمتخصص في القضايا الشرعية، فإن أي إجراء يسرّع وصول النفقة إلى مستحقيها، ولو عبر أدوات غير تقليدية، هو إجراء محمود، شرط أن يُطبّق بحزم، ودون تهاون مع من يثبت تعمده التهرب.
التنفيذ الشرعي… من الردع إلى الإصلاح
أهم ما يحسب لهذا التعديل، أنه يعيد تعريف وظيفة التنفيذ الشرعي. فالتنفيذ لم يعد مجرد وسيلة ردع، بل أصبح أداة إصلاح وضمان، تهدف إلى:
• تقليل الأضرار الاجتماعية للحبس.
• الحفاظ على القدرة الإنتاجية للمحكوم عليه.
• إيصال الحقوق بأسرع وقت ممكن.
• تخفيف الضغط عن المحاكم ومراكز الإصلاح.
وهذا النهج ينسجم مع مقاصد الشريعة، التي قدّمت حفظ النفس والكرامة على العقوبة المجردة، متى أمكن ذلك دون إهدار للحق.
خلاصة القول معدل قانون التنفيذ الشرعي ليس نصًا مثاليًا، لكنه خطوة في الاتجاه الصحيح. نجاحه الحقيقي لن يكون في مواده، بل في طريقة تطبيقه، وفي قدرة القائمين على التنفيذ على التمييز بين المتعثر والمماطل، وبين من يستحق الفرصة ومن يسيء استخدامها.
فالعدالة لا تُقاس بعدد المحبوسين، بل بعدد الحقوق التي وصلت، وبعدد الأزمات التي جرى احتواؤها بدل تعقيدها.
المحامي علي الخالدي











طباعة
  • المشاهدات: 4931
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
23-12-2025 08:24 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنجح إدارة ترامب وحكومة الشرع في القضاء على "داعش" بسوريا؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم