حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,14 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2623

د. أيمن الخزاعلة يكتب: الانفصام السياسي: بلاغ للرأي العام من قبة البرلمان

د. أيمن الخزاعلة يكتب: الانفصام السياسي: بلاغ للرأي العام من قبة البرلمان

14-12-2025 08:21 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. أيمن الخزاعلة
شهدت جلسات مناقشة موازنة الأردن لعام 2026 مستوى غير مسبوق من الصراحة والوضوح من النواب، حيث لم تقتصر المداخلات على النقد الاقتصادي التقليدي بل شملت مجموعة واسعة من المخالفات والتجاوزات والإشكالات الإدارية والمالية، فضلاً عن قضايا فساد محتملة تؤثر على الاستثمار والعدالة الاجتماعية. أشار عدد من النواب إلى وجود طلب رشوة مرتبط بمستثمر، وطالبوا الحكومة بفتح تحقيق فوري وشفاف للتأكد من عدم تكرار مثل هذه الممارسات التي تهدد بيئة الأعمال وتؤثر سلبًا على الاستثمار المحلي والأجنبي. كما نبه النواب إلى وجود تجاوزات مالية وإدارية في بعض الهيئات والمؤسسات العامة، تضمنت رواتب وامتيازات غير مبررة، مكافآت فلكية، ومنح سيارات وامتيازات إدارية تتناقض مع الوضع المالي العام، وهو ما اعتبروه هدرًا للمال العام وغيابًا للعدالة في توزيع الموارد. ولفت النواب إلى ضعف الرقابة على العطاءات والمشاريع الحكومية، معتبرين أن غياب الرقابة قد يكون سببًا رئيسيًا في تفاقم الفساد وإساءة استخدام الموارد، وعلقوا على سياسات الجباية الحكومية التي تفرض أعباء مالية على المواطنين بدل اعتماد إصلاحات اقتصادية حقيقية، واعتبروا ذلك خللاً إداريًا وماليًا يؤثر على العدالة المالية ويزيد من العبء على المواطن.
واعتبر النواب أن الموازنة مكررة ولا تختلف جوهريًا عن موازنة العام السابق، وأنها تخلو من رؤية إصلاحية واضحة، كما أن الإنفاق الرأسمالي ضعيف ولا يرتبط بنتائج تنموية ملموسة، بينما يزداد الإنفاق الجاري، ما يعكس خللاً إداريًا وغياب العدالة الاجتماعية. وانتقد النواب ضعف خلق فرص العمل وتشجيع الاستثمار، مؤكدين أن عدم وجود خطة وطنية للتشغيل وغياب ربط الإعفاءات الضريبية بالتوظيف الفعلي يؤدي إلى تكرار نفس النتائج الاقتصادية الضعيفة، ويزيد من فجوة البطالة بين الشباب. وأشاروا إلى تهميش المحافظات نتيجة المركزية في توزيع المشاريع التنموية، وعدم معالجة مشكلة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة التي تهدد القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدين أن الموازنة لم تقدم حلولاً عملية لهذه المأساة الاقتصادية.
وعلى الصعيد الرقابي والسياسي، أكد النواب أن الموازنة لا تعكس استراتيجيات واضحة لمكافحة الفساد ولا سياسات شفافة لإدارة المال العام، ودعوا إلى إصلاح الإدارة المالية وربط الإنفاق بنتائج ملموسة، وتعزيز الرقابة على المشاريع الحكومية، والحد من الهدر المالي، وضمان العدالة في الرواتب والمكافآت والامتيازات الإدارية. واعتبر النواب أن جلسات مناقشة الموازنة قدمت للرأي العام ما يشبه البلاغ الرقابي الشامل، حيث سلط الضوء على ملفات فساد محتملة تتعلق بالممارسات المالية والتجارية، وتجاوزات إدارية ومالية واضحة داخل بعض المؤسسات والهيئات، وضعف الإنفاق الرأسمالي وعدم قدرته على خلق وظائف أو تحفيز النمو، واستمرار غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين، وغموض توزيع الموارد والمخصصات مع تهميش المحافظات، إضافة إلى ضعف الرقابة والمساءلة في تنفيذ الموازنة.
ورغم كل هذا، مرّر النواب الموازنة وكأن شيئًا لم يكن، وهو ما يعكس الانفصام السياسي المعتاد الذي أصبح محل تندر الشعب، إذ أوسعتهم شتما وفازوا بالابل، مستمتعين بالجدل والصخب تحت القبة بينما يمارسون التصويت بما يرضي السياسات التقليدية. كل ذلك حدث أمام أعين الحكومة اليوم، التي يجب عليها أن تتحمل مسؤولياتها، وأن تقوم بالتحقيق في الملفات المثارة، وإصدار توضيح رسمي، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الشفافية ومساءلة المخالفين، وإعادة ثقة المواطنين بالمؤسسات المالية والإدارية.
إن خطاب الموازنة 2026 لم يكن مجرد نقاش مالي، بل رسالة للرأي العام تؤكد الحاجة الملحة لمتابعة الحكومة للملفات المالية والإدارية والفساد، وضمان إدارة عادلة وشفافة للمال العام، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وحماية الاقتصاد الوطني والمواطن البسيط من التجاوزات المستمرة.











طباعة
  • المشاهدات: 2623
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-12-2025 08:21 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تجر فرنسا وبريطانيا وألمانيا أوروبا لحرب مع روسيا رغم خطة ترامب لحل النزاع بأوكرانيا؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم