12-12-2025 10:13 AM
بقلم : عايدة المعايطة
في عالم كرة القدم، يبدأ كل شيء بصافرة… ومعها لا تنطلق الكرة فقط، بل تنطلق معها قلوب الأمهات تخفق مثل طبول صغيرة لا تهدأ. تلك الكرة المجنونة التي تركض فوق المربّع الأخضر، تجرّ خلفها نبضات متسارعة، ودعوات صامتة، وأنفاسًا محبوسة بين رجاء وخوف.
أنا — مثل كثير من الأمهات — لا أستطيع متابعة مباراة كبيرة، خصوصًا حين يكون الفريق من وطني. الجميع يتحلّق حول الشاشة بأعين متوتّرة، أما أنا فأختبئ في مكان بعيد، أراقب من مكان آخر..اقرأ... اشغل نفسي بأي عمل وقلبي يقفز بألف نبضة في الدقيقة.
أسمع من بعيد أصوات الدعاء، خطوات القلق، إدارة المباراة، ثم تتلاحق الهمهمات… وفجأة تنفجر صرخة طويلة أعرفها جيدًا: "جووووول!"
عندها فقط أركض، كالأرنب الخائف، لأفرح معهم واراقب قفزاتهم في الغرفة ، وعندها ألتقط أنفاسي، وأمدّ قلبي بقليلًا من الراحة… ثم اتابع هروبي لأخبّئ وجعي وقلقي في مكان آخر، بانتظار فرحة جديدة أو صدمة أخرى.
وإذا كان هذا حالي وأنا البعيدة…
فكيف بأمهات اللاعبين؟
كيف يخفق قلب أمّ ترى ابنها يركض وحده في مواجهة العالم؟
كيف لا يرتجف قلبها حين يسقط، حين يتألم، حين يضيّع فرصة أو يصنع مجدًا؟
إن لكل لاعب أُمّ تصلي أكثر مما يتدرّب، وتخاف أكثر مما يهاجم، وتحلم أكثر مما يسجل.
هي تشاهده لا بعين المشجّع، بل بعين الأم التي ترى الطفل الصغير داخل الرجل الذي يقف تحت الأضواء.
وفي المدرجات، هناك أمهات يخبئن خوفهن خلف أعلام الوطن، وأخريات تغرق عيونهن بالدموع قبل صافرة النهاية.
وفي البيوت، هناك أمهات يرفعن أيديهن للسماء، يطلبن لطفًا، نصراً، وسلامة أقدام تحمل أحلامًا كبيرة.
كرة القدم لعبة ملايين…
لكنها حكاية أمهات أيضًا،
قلوبهن تلعب المباريات قبل أبنائهن، وتحتفل قبلهم، وتبكي بدلًا عنهم،
وحين تنتهي المباراة — بالفوز أو الخسارة — تبقى الأم هي النبض الأصدق، والفرح الأقرب، والدعاء الذي لا يخسر أبدًا.
وعندما تعلو الصافرة أخيرًا مُعلنةً الفوز…
تهدأ القلوب التي ظلت معلّقة في الهواء، واغادر كهفي. للأحتفال مع عائلتي وتملأ الفرحة البيت والوطن وتتنفّس الأمهات الصعداء وكأنهن انتصرن على العالم بأسره.
تتساقط الدموع، بعضها فرح، وبعضها امتنان، فالنصر عند الأمهات ليس مجرد نتيجة…
إنه لحظة يُعانق فيها الابن حلمه، ويعانقن هنّ الطمأنينة.
تبتسم الأم وهي ترى ابنها يرفع يديه للسماء،
فتتذكر كل لحظة خوف، وكل دعاء همست به، وكل نبضة زادت عن حدّها.
وفي تلك اللحظة، لحظة الانتصار، تشعر الأم أن كل ذلك الخوف كان يستحق…
فالفرح حين يأتي، يأتي مضاعفًا، يأتي دافئًا، يأتي كضوء يمر في القلب ويشعل فيه الحياة.
للنشامى لاعبي المنتخب الأردني الله و قلوبنا معكم دائما مع تمنياتنا لكم بالفوز الكبير .
عايدة معايطة .
#الحياة_حلوة
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-12-2025 10:13 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||