10-12-2025 10:44 AM
بقلم : خالد ملحم
الراية في مؤتة لم تسقط.. وها هي راية غزة لا تسقط. مشهدان يفصل بينهما أربعة عشر قرناً من الزمان، لكنهما يلتقيان في عمق الدلالة الإنسانية: التضحية الاختيارية في سبيل قيم لا تقبل المساومة.
"لماذا لم يسلم قائد المعركة الشهيد جعفر ابن طالب الراية؟" سؤال يطرحه عقل الحساب المادي. لكن صاحب المبدأ لا يحسب بالمعادلات نفسها. أهل غزة اليوم، كجعفر بالأمس، يختارون الموت واقفين على الحياة لا راكعين أو مستسلمبن. ليس لأنهم لا يخافون الموت بل لأنهم يخافون من موت الكرامة أكثر.
في غزة اليوم، كما في مؤتة بالأمس، يتحول الجسد البشري إلى آخر حصن وأول راية. فالصحابي الشهيد جعفر بن أبي طالب لم يكن يحمل قطعة قماش فحسب، بل كان يحمل شرعية الحرية و الحباة ضد جبروت إمبراطورية العبودية والطغيان . وأهل غزة اليوم، بأجسادهم التي تقف أمام أحدث آلات الحرب، يحملون شرعية الوجود في وجه آلة استئصال الأرض و الكرامة الإنسانية.
في القرن السابع الميلادي، كانت السيوف تُقطع الأيدي فتحتضن الراية بالأذرع. في القرن الحادي والعشرين، تُقطع الأوصال بذخائر ذكية، لكن الإرادة عنوانها الصمود .
كما إن للماضي دروساً فمن الحاظر دروس لن تُنسى .فمعركة مؤتة كانت مقدمة لفتح الشام. وغزة اليوم هي مقدمة لـفتح الضمير العالمي، وإن كان متأخراً. واصبح العالم يعيد صياغة تعريف للقوة فلم تعد في امتلاك أحدث الأسلحة، بل في امتلاك الإرادة التي لا تنكسر. فالجيش الذي لا يقهر يقف عاجزاً أمام شعب يرفض أن يغيب عن أرضه وموقفه العادل .
و إن موقف الصحابي قائد معركة مؤته جعفر ابن ابي طالب منذ 1400 عام، عاد ليفسر صمود أهل غزة لكرامتهم و صمودهم على أرضهم وهم في أقسى الظروف.
الخلاصة: عندما يصبح الضعف قوة.فالضعف المادي في مواجهة آلة الحرب ليس عيباً حين يكون مقروناً بالقوة الإيمانية و الأخلاقية. جعفر كان "ضعيفاً" بيديه المقطوعتين، لكنه كان "أقوى" بإيمانه الذي جعله يحتضن الراية ببقية جسده.
ختاماً :التاريخ لا يكتبه الأقوياء دائماً بل يكتبه الصامدون. وكما خلد التاريخ جعفراً وهو يحتضن الراية، سيخلد غزة وهي تحتضن إنسانيتها في وجه آلة تستهدف الأرض والأرواح لتهدم عرى الإنسانية.
في سهل موته استشهد جعفر وحمل الراية خالد فعاد منتصرا كرارا بفتح مبين. فهل من خالد يحمل راية الأقصى بطوفان جديد؟
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-12-2025 10:44 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||