09-12-2025 10:36 PM
سرايا - لم تعد السيارات الحديثة مجرد وسيلة نقل؛ لقد تحولت بصمت إلى أجهزة ذكية متصلة بالإنترنت تراقب سلوك أصحابها بدرجة تفوق ما يتصوره معظم الناس. فبمجرد تشغيل المحرك، يبدأ نظام السيارة في تسجيل كل التفاصيل: الطريق الذي اخترته، سرعتك في كل لحظة، أسلوب قيادتك، وحتى كيفية تفاعلك مع الأزرار داخل المقصورة. ومع ازدياد اعتماد السيارات على البرمجيات وأنظمة التشغيل، أصبحت أقرب إلى حاسوب متطور يعالج البيانات لحظة بلحظة، ما يجعل قضية الخصوصية واحدة من أكبر التحديات التي يواجهها السائقون اليوم.
الشركات تجمع بياناتك دون أن تدرك
تقارير مثل تقرير Mozilla كشفت جانبًا مقلقًا من سياسات الخصوصية لدى شركات السيارات، إذ يبدو المشهد وكأنه جزء من عالم مستقبلي غامض يتعامل مع السائقين كمصادر بيانات لا تنضب. فشركة BMW، على سبيل المثال، اعترفت بامتلاكها بيانات من أكثر من عشرة ملايين سيارة، مؤكدة أن هذه المعلومات تساعدها على تحسين تجربة المستخدم. لكن الواقع أن حجم البيانات المجمّعة يتجاوز بكثير مجرد تحسين التجربة، فهو يشمل معلومات دقيقة عن عادات القيادة والتنقل اليومية، مما يثير أسئلة حقيقية حول مدى ما تعرفه الشركات عن سائقيها.
بيانات دقيقة وصعوبة تجاهلها
شركة Ford تُعد مثالًا واضحًا على هذه الإشكالية؛ إذ تظهر سياساتها أن السيارة قد تواصل إرسال موقعها الجغرافي حتى إذا قام السائق بإيقاف خاصية التتبع. وتقول الشركة إن الهدف هو حماية ممتلكاتها واسترجاع المركبات المتعثرة في السداد. أما Hyundai فتمضي أبعد من ذلك، إذ تجمع بيانات تتعلق بالأداء والموقع، بل وحتى بيانات بيومترية محتملة. وبينما تدّعي هذه الشركات أنها تسعى لتحسين الأمان والراحة، فإن كمية البيانات الفعلية التي تُخزن وتُحلل تتجاوز بكثير ما يوافق عليه المستخدمون عادة وغالبًا دون علمهم.
سيارات تتحول إلى أدوات مراقبة متقدمة
التطور السريع في الكاميرات والمستشعرات داخل السيارات جعلها قادرة على تسجيل مئات الجيجابايت يوميًا، من داخل المقصورة وخارجها على حد سواء. وهذا لا يعني فقط أنها تراقب السائق، بل ترصد أيضًا كل ما يحدث حول المركبة على الطريق. ومع اتصال دائم بالشبكة، تُرسل هذه البيانات إلى الشركات المصنعة لتحليل أنماط الاستخدام وتحديد الميزات الأكثر شيوعًا بل وربما تجهيزها لتحويلها إلى خدمات مدفوعة مستقبلًا. إنه نموذج عمل جديد يقوم على الربح من البيانات وليس فقط من بيع السيارات.
خط فاصل ضبابي بين الراحة والخصوصية
السؤال اليوم لم يعد: هل أصبحت السيارات حواسيب متنقلة؟ بل أصبح: إلى أي مدى تعرف هذه السيارات عنّا؟ فالتقنيات الحديثة باتت قادرة على رسم صورة شديدة الدقة لحياة السائق اليومية، بدءًا من الأماكن التي يزورها وصولًا إلى عاداته خلف المقود، وربما تفاصيل لا يلاحظها هو نفسه. وهذا يضع المستخدم أمام معادلة صعبة: الاستفادة من الراحة والتقنيات المتطورة، مقابل التنازل غالبًا دون إدراك عن جزء من خصوصيته.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-12-2025 10:36 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||