04-12-2025 02:04 PM
بقلم : محمد الواكد
في خطوة تُحسب لحكومة دولة الرئيس جعفر حسان، وبدعم مباشر من معالي وزير العمل الدكتور خالد البكار، جاء التوجّه الحكومي الأخير لمعالجة إشكالية التقاعد الإلزامي لمن أكمل 30 سنة خدمة في القطاع الحكومي، كقرار وطني مسؤول يراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي معًا، ويعكس فهمًا عميقًا لواقع سوق العمل والتحديات التي تواجه الموظفين وأسرهم.
إن إحالة الموظف إلى التقاعد عند عمر مبكر نسبيًا – كعمر 52 أو 53 سنة – لا يمكن اعتبارها تقاعدًا طبيعيًا، بل هي في الواقع تقاعد مبكر إجباري يضع الفرد في دائرة العطالة القسرية، في مرحلة عمرية يكون فيها في ذروة العطاء والخبرة، وفي الوقت ذاته في ذروة المسؤوليات الأسرية؛ من أقساط مدارس، ونفقات جامعات، ومتطلبات معيشية، والتزامات مالية لا يمكن تجاهلها.
كما أن التقاعد المبكر يؤدي في معظم الحالات إلى انخفاض دخل الموظف إلى ما يقارب النصف، الأمر الذي ينعكس سلبًا بشكل مباشر على مستوى معيشته واستقرار أسرته، ويحوّل موظفًا منتجًا كان يسهم في التنمية الاقتصادية إلى باحث عن عمل في سوق يعاني أساسًا من محدودية الفرص، وبذلك نكون قد خلقنا متعطلًا جديدًا بدل المحافظة على عنصر منتج في سوق العمل.
ومن ناحية اقتصادية أوسع، فإن سياسة الإحالة الواسعة على التقاعد المبكر تمثل ضغطًا كبيرًا على مؤسسة الضمان الاجتماعي، حيث تزداد أعباء الرواتب التقاعدية، مقابل انخفاض عدد المشتركين الفاعلين، ما يشكل خطرًا مستقبليًا على موجودات صندوق الضمان واستدامته المالية، ويؤدي إلى خلق مشكلة مالية جديدة بدل حل مشكلة إدارية مؤقتة.
وهنا تتجلى الحكمة في ما أشار إليه معالي وزير العمل الدكتور خالد البكار، بأن خلق فرص عمل حقيقية في السوق هو الحل الأمثل لمعالجة الترهل الوظيفي وتحفيز الاقتصاد، بدل اللجوء إلى حلول سريعة كالتقاعد المبكر، التي قد تُخفف ضغطًا آنيًا لكنها تولّد أزمات اجتماعية واقتصادية لاحقة.
إن التوجّه الجديد يُعد رسالة طمأنة للموظف الحكومي، ويعزز مبدأ العدالة الوظيفية والاستقرار الأسري، ويؤكد أن الدولة تنظر للموظف على أنه ركيزة أساسية في عملية التنمية، وليس مجرد رقم يمكن الاستغناء عنه عند بلوغه سنوات خدمة محددة دون النظر لظروفه الإنسانية والمعيشية.
وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نتقدم بجزيل الشكر والتقدير لحكومة دولة الرئيس جعفر حسان، ولمعالي وزير العمل الدكتور خالد البكار، على هذا التوجّه الوطني المسؤول، الذي يجمع بين الحفاظ على كرامة الموظف، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، وصون موارد الضمان الاجتماعي، وتنشيط سوق العمل بدل إثقاله بمزيد من المتعطلين.
إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، نأمل أن تُستكمل بسلسلة من الإصلاحات التي توازن بين متطلبات الإدارة العامة وحقوق الإنسان الوظيفية، بما يخدم الوطن والمواطن معًا.
محمد الواكد
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-12-2025 02:04 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||