03-12-2025 09:05 AM
بقلم : م. صلاح طه عبيدات
ها نحن، منذ زمنٍ بعيد، نحصي اعتراضاتنا كما تُحصى الهزائم القديمة،
نضعها على لائحة سوداء،
ونعامل الأيام كخصمٍ دائم يحتاج إلى مراقبة وحذر.
لكننا لا نكتشف الحقيقة إلا متأخرين:
لم تكن المشكلة في الأيام، بل في أنفسنا التي خفنا أن نواجهها.
فنمنح ذاتنا هدنة خجولة،
لا لأنها أكثر رحمة أو أعمق فهمًا،
بل لأنها تملك القدرة على إغراقنا في ضجيجها الداخلي
حتى ننسى ضعفنا،
وتكدّس في داخلنا وجوهًا وصورًا وتوقعاتٍ
تمنعنا من رؤية وحدتنا بوضوحٍ موجع.
وفي عبثية التفكير،
نبدأ بإعادة تأويل ما نقوله لأنفسنا،
نهذّب حدّة الكلمات،
نبحث لها عن معانٍ أليفة،
كأننا نرجو أن تُنجينا من جرح الحقيقة.
فنضاعف الاستثناءات،
ونتوقف عن توثيق ما يؤلمنا،
كمن يخشى أن تُفضح روحه بسطور صادقة.
وحين يرهقنا الدوران حول أنفسنا،
نبتكر شكلًا جديدًا لهذه الهدنة،
نحوّلها إلى مساحة ضيّقة،
نريد القفز فوقها
لنختبئ في أعماقنا زمنًا أطول،
حيث لا محاسبة، ولا وجوه، ولا مرايا.
وفي لحظة نادرة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر،
نمنح ذواتنا عفوًا كاملاً،
نخرج من سجون الضجيج،
نضع الحذر جانبًا،
وندخل في مصالحة صافية
كحلمٍ يستيقظ في صدر عاشق.
عندها فقط،
تغدو الهدنة مع الذات ليست هروبًا،
بل شجاعة،
وتصبح الكلمة التي نهمس بها لقلبنا
قبلةً تُعيد إشعال الدفء،
فنقبل أنفسنا كما هي،
كما لو أننا نكتشفها للمرة الأولى،
ونكتشف معها نورًا
كان ينتظر منا أن نسامح…
لنعود ونحيا من جديد.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-12-2025 09:05 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||