حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,3 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5614

الخطيب يكتب: الإعلام بين السجال والمسؤولية… الأردن أولا وأخيرا

الخطيب يكتب: الإعلام بين السجال والمسؤولية… الأردن أولا وأخيرا

الخطيب يكتب: الإعلام بين السجال والمسؤولية… الأردن أولا وأخيرا

02-12-2025 12:24 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عقيد متقاعد محمد الخطيب
في البرامج الحوارية على محطاتنا الفضائية، وعبر منصّات البودكاست التي بات لها أثر واسع في تشكيل الرأي العام، كان يُؤمَل — بل كان يجب — أن تكون بوصلة الإعلام الوطني موجّهة نحو الأردن أولا وأخيرا........ لا خلاف على حق الاختلاف، ولا على مشروعية النقد، بل إن النقد المسؤول هو ركيزة أي إعلام مهني حيّ.
غير أنّ الإشكال الجوهري يبدأ حين تضيع الأولويات، ويتحوّل النقاش من مساءلة السياسات العامة والخيارات الاقتصادية والإدارية إلى تصفية حسابات شخصية، أو مزاودات خطابية، أو اصطفافات تخرج عن سياق المصلحة الوطنية. فهنا يفقد الإعلام دوره كسلطة رقابية واعية، ويتحوّل — من حيث لا يُراد أحيانا — إلى ساحة سجال واستقطاب لا يخدم الدولة ولا المجتمع.
الإعلام الوطني ليس مطالبا بتجميل الواقع، ولا بالصمت عن الأخطاء، لكنه مطالب قبل أي شيء بـترتيب الأسئلة، وتقديم القضايا التي تمس حياة المواطنين ومستقبل الدولة على كل ما عداها، وبالتمييز بين النقد المهني المسؤول وبين الانفعال أو الإثارة. فحين تكون البوصلة واضحة، يصبح الاختلاف قوة، ويغدو النقاش أداة بناء لا معول هدم، ويبقى الأردن هو العنوان الأول والأخير.
أما في ما يتعلّق بالموقف السياسي الخارجي حول العدوان على غزة، فقد كان الموقف الأردني واضحا وضوح الشمس: دولة تتحرك بوعي ومسؤولية، تنحاز للحق دون تهوّر، وتحمي مصالحها الوطنية دون أن تساوم على ثوابتها. لم يكن الأردن يوما غامضا في مواقفه، ولا مترددا في الدفاع عن قضاياه، لكنه أيضا لم يكن يوما دولة انفعال أو حسابات عابرة.
النقاش الجاد الذي يستحق أن يُخاض الان ولا يحتمل التأجيل أو التهميش، هو مسألة مديونية تتفاقم، بطالة ترهق المجتمع، تضخّم يضغط على معيشة الناس، واقتصاد يحتاج إلى قرارات شجاعة تعيد الاعتبار للإنتاج والعدالة الاجتماعية. هذه القضايا تمسّ كل بيت أردني، وهي الأولى بأن تتصدّر النقاش العام والجهد الإعلامي، بدل استهلاك الوقت والطاقة في معارك جانبية لا تغيّر واقعا ولا تبني حلا.
الأردن اليوم يمرّ بمرحلة دقيقة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية، وهي مرحلة مفصلية تتطلب خطابا إعلاميا يرتقي إلى مستوى التحدي والمسؤولية. فالإعلام الوطني مطالب بأن يكون شريكا واعيا في هذا المسار، يسلّط الضوء على جوهر هذه الإصلاحات، يشرحها بموضوعية، يناقشها بعمق، ويراقب تنفيذها بما يراكم الثقة ولا يهدمها، وبما يدفع باتجاه التصويب لا التشكيك.
إن التركيز الإعلامي يجب أن ينصبّ على نوعية السياسات، وكفاءة الإدارة العامة، وعدالة القرارات الاقتصادية، وأثرها المباشر على حياة المواطنين، لا على الأشخاص ولا على الاصطفافات. فبهذا الدور فقط يصبح الإعلام قوة دفع للإصلاح، ومساحة للحوار الوطني المنتج، ومنبرا يحصّن الدولة بدل أن يستنزفها، ويؤكد أن الأردن، في كل مرحلة وفي كل نقاش، هو العنوان الأول والأخير.
الأردن يحتاج اليوم إلى خطاب عقلاني شجاع، يضع إصبعه على الجرح الحقيقي، ويعيد ترتيب سلم الأولويات، ويؤمن بأن النقد الحقيقي يبدأ من الداخل، وبأن الأردن أولًا ليس شعارا، بل منهج تفكير وسلوك ومسؤولية. فالتحديات لا تُواجَه بتجاهلها أو الانشغال عنها بسجالات لا تمسّ هموم الناس، بل بمواجهة الأخطاء بصدق، وتوجيه الجهد العام نحو ما يحمي الاستقرار ويصون المستقبل.
واخيرا الوطن لا يُحمى بالصوت العالي، ولا يُخدم بالاستقطاب، ولا يُبنى بتخوين الداخل.








طباعة
  • المشاهدات: 5614
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
02-12-2025 12:24 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم