حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,26 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4169

م. صلاح طه عبيدات يكتب: الصخر الزيتي الأردني بين الجدوى والإرادة

م. صلاح طه عبيدات يكتب: الصخر الزيتي الأردني بين الجدوى والإرادة

م. صلاح طه عبيدات يكتب: الصخر الزيتي الأردني بين الجدوى والإرادة

26-11-2025 08:11 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : م. صلاح طه عبيدات
لم يعد السؤال في الأردن: هل نملك موارد وطنية؟ بل أصبح: هل نملك الجرأة على تحويل هذه الموارد إلى قيمة اقتصادية؟ وبين هذين السؤالين يقف ملف الصخر الزيتي باعتباره أحد أكثر الملفات حضورًا وإثارة للجدل في مسار الطاقة الأردنية.

فالأردن، رغم ضيق الجغرافيا وشحّ المياه، يجلس فوق واحد من أكبر مخزونات الصخر الزيتي في العالم؛ ثروة جيولوجية خام تنتظر عقلًا اقتصاديًا قادرًا على قراءة الواقع كما هو، لا كما نأمل أن يكون.
هذه الثروة ليست اكتشافًا جديدًا، ولا هي حلمًا رومانسياً، بل حقيقة موثّقة في دراسات رسمية تؤكد وجود مليارات الأطنان ذات المحتوى النفطي العالي، خاصة في مناطق اللجون والسَّلطاني وزيزيا وغيرها.

ومع ذلك، تظل المفارقة قائمة: فالأردن الذي يملك صخور النفط يستورد النفط نفسه. لماذا؟
الجواب لا يكمن في غياب الرغبة، بل في تعقيد المعادلة: تقنيات الاستخراج مكلفة، البنية التحتية تحتاج استثمارات ضخمة، والضغوط البيئية والمائية ليست سهلة التجاوز.

كل مشروع نفطي من هذا النوع يبدأ بسؤال بسيط لكنه صارم:
كم يكلف البرميل؟
والحقيقة التي تظهرها النماذج الأولية أن تكلفة إنتاج برميل واحد من الصخر الزيتي قد تصل إلى ما بين 55 و70 دولارًا، حسب حجم المشروع ونوع التقنية.
هذه التكلفة تجعل الجدوى الاقتصادية محكومة بسعر السوق العالمي؛ فإذا انخفض السعر، تلاشت الجدوى، وإذا ارتفع عاد المشروع إلى الحياة من جديد.
إنه اقتصاد يتحرك على حافة السكين.

لكن القضية ليست اقتصادية فقط؛ إنها سياسية، اجتماعية، وبيئية أيضاً.
فالاستخراج السطحي يفتح جراح الأرض، ويستهلك الماء الذي لا نملكه إلا بالقليل، ويرفع أسئلة حول الانبعاثات والنفايات. أما الاستخلاص داخل الطبقات، رغم أنه أقل تشويهًا، فلا يزال بحاجة إلى إثباتات عملية واسعة النطاق قبل أن يتحول إلى صناعة راسخة.

ومع ذلك، وسط هذه التعقيدات، يظل ملف الصخر الزيتي فرصة وطنية حقيقية، شرط أن يُدار بعقل بارد وإستراتيجية بعيدة النظر.
الأردن بحاجة إلى ما هو أكثر من الأرقام والوعود؛ بحاجة إلى سياسة طاقة متوازنة تفتح الباب أمام هذه الموارد، دون أن تتجاهل ثمنها البيئي والاجتماعي، وبحاجة كذلك إلى شراكات مدروسة مع شركات عالمية لديها خبرة عملية، وإلى إطار حكومي تشريعي واضح يعطي المستثمرين ثقة، ويمنح الدولة حقها.

إن مستقبل الصخر الزيتي في الأردن لن يُحسم بقرار واحد، بل بسلسلة من القرارات الشجاعة:
قرار بتجربة حقيقية على الأرض، لا بدراسات ورقية؛
قرار بتبني تقنيات أقل استهلاكًا للمياه وأكثر توافقًا مع البيئة؛
قرار بوضع مصالح الدولة فوق المصالح قصيرة الأمد؛
وقرار أخير بأن الأردن قادر على أن ينتج بعضاً من طاقته بدل أن يظل رهينة لأسعار لا يتحكم فيها.

الصخر الزيتي ليس الحل السحري، لكنه جزء من حلٍ أكبر يمكن أن يعيد صياغة معادلة أمن الطاقة الأردني.
وفي لحظة التحديات الاقتصادية الراهنة، يصبح التفكير الجاد في هذه الثروة واجبًا وطنياً لا يمكن تأجيله.

فالفرصة موجودة…
وما ينقصنا ليس المورد، بل الإرادة.











طباعة
  • المشاهدات: 4169
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
26-11-2025 08:11 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم