21-11-2025 07:55 PM
سرايا - تتزايد التكهّنات في واشنطن بشأن تعديل حكومي مرتقب في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع حديث عن استعداد البيت الأبيض لإجراء تغييرات في بعض الوزارات بعد مرور عام على بداية ولايته الثانية.
إذ يجري بحث احتمال استبدال قيادات في وزارات أساسية، من بينها وزارة الأمن الداخلي، ووزارة الطاقة التي يتولاها كريس رايت، وهو مدير تنفيذي سابق في قطاع التكسير الهيدروليكي، وسط حديث عن توتر علاقته بالبيت الأبيض في الأشهر الأخيرة. وأكد مسؤولون أن أياً من القرارات لم يُحسم بعد، وأن التغييرات -إن حصلت- لن تُنفذ قبل مطلع العام المقبل، وفق ما نقلت شبكة "سي أن أن".
لكن النقاش حول التعديل الوزاري لا يُقرأ بمعزل عن صورة أوسع رسمتها صحيفة "واشنطن بوست" عن "صعود حكم المليارديرات" في السياسة الأميركية بشكل غير مسبوق، ودورهم المتزايد في تشكيل الإدارة وصناعة القرار، سواء عبر تمويل الحملات الانتخابية أو عبر توليهم مناصب رسمية رفيعة في الدولة.
مليارديرات في قلب السلطة
إذ اعتبرت الصحيفة أن إدارة ترامب الحالية تعد الأغنى في تاريخ الولايات المتحدة؛ حيث تقدر الثروة الصافية لأعضاء حكومته بحوالي 7.5 مليار دولار، أي أكثر من ضعف ثروة أول حكومة شكلها في ولايته الأولى، ونحو 64 ضعفاً مقارنةً بثروة حكومة الرئيس جو بايدن السابقة.
ولا يقتصر نفوذ الأثرياء على مقاعد الحكومة. فبحسب مراجعة لائحة "فوربس"، شغل ما لا يقل عن 44 مليارديراً أميركياً، أو زوجاتهم، مناصب منتخبة أو معيّنة على مستوى الولايات والحكومة الفيدرالية خلال السنوات العشر الماضية، بدءاً من مناصب وزارية ومروراً بحكام ولايات ووصولاً إلى عضوية مجالس استشارية مؤثرة.
كما تجلى هذا الحضور أيضاً بشكل رمزي لافت خلال حفل تنصيب ترامب لولايته الثانية، إذ جلس 17 مليارديراً في قاعة "الروتندا" في مبنى "الكابيتول"، من بينهم أغنى ثلاثة رجال في العالم، وهم إيلون ماسك، وجيف بيزوس، ومارك زوكربيرغ، إلى جانب كبار رجال الأعمال في التكنولوجيا والإعلام والموضة والمال، وهو مشهد اعتبره بعض المراقبين إعلاناً صريحاً بأن "الأثرياء يحكمون البلاد".
من تمويل الحملات إلى هندسة السياسات
وتُظهر أرقام "واشنطن بوست" أن نفوذ هذه الفئة لا يقف عند حدود الرمزية؛ إذ قفزت تبرعات أغنى 100 أميركي للانتخابات الفيدرالية بنحو 140 ضعفاً منذ عام 2000. ففي ذلك العام لم تتجاوز مساهماتهم 1% من إجمالي الإنفاق على الانتخابات، فيما موّلوا عام 2024 نحو 7.5% من التكلفة الإجمالية، أي أن واحداً من كل 13 دولاراً أُنفِق في الانتخابات جاء من بضعة من الأثرياء.
وتعود هذه الطفرة في النفوذ المالي إلى مزيج من العوامل، من بينها تركّز غير مسبوق للثروة في قمة الهرم، وثورة التكنولوجيا والأسواق، وسياسات ضريبية ميسّرة للأغنياء في عهدي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إضافة إلى قرارات قضائية مفصلية فتحت الباب أمام إنفاق شبه غير محدود عبر "لجان العمل السياسي العملاقة".
وفي انتخابات 2024، ذهب أكثر من 80% من تبرعات أغنى 100 أميركي إلى الجمهوريين، وفقاً للتقرير، الذي أفاد أن ماسك وحده أنفق نحو 294 مليون دولار لدعم ترامب ومرشحي الحزب الجمهوري، فيما ضخ عشرات المليارديرات من قطاعي التكنولوجيا والمال مئات الملايين الإضافية لصالح الحزب.
وترافق هذا السخاء المالي مع حضور مباشر داخل السلطة التنفيذية؛ إذ تضم إدارة ترامب الحالية عدداً من المليارديرات في مواقع حساسة، بينما تولى ماسك لبعض الوقت رئاسة جهاز جديد تحت مسمى "وزارة كفاءة الحكومة" DOGE، أشرف من خلاله على تقليص أجهزة الرقابة والحدّ من اللوائح التنظيمية التي تزعج الشركات الكبرى.
كما تبنّت الإدارة برنامجاً واسعاً لخفض الضرائب على الشركات والأثرياء، وسمحت بنقل ثروات تصل إلى 15 ملي
ون دولار للأبناء دون ضرائب ميراث، وذلك بالتوازي مع خفض برامج اجتماعية مثل "ميديكيد" التي يستفيد منها الفقراء وكبار السن.
وفي الوقت نفسه، تعرّض جهاز الضرائب لاختصار في عدد موظفيه، ما قلّص قدرته على ملاحقة المتهربين ضريبياً. بل إن بعض أولويات الإدارة باتت تُموّل مباشرة من تبرعات الأثرياء. فبحسب التقرير، ساهم ما لا يقل عن عشرة مليارديرات أو مؤسساتهم الخيرية في تمويل بناء قاعة احتفالات جديدة بتكلفة 300 مليون دولار في البيت الأبيض، فيما دفع الملياردير تيموثي ميلون 130 مليون دولار لتغطية رواتب العسكريين خلال إغلاق حكومي أخير.
وقد أثار هذا التشابك غير المسبوق بين المال والسياسة قلقاً متصاعداً لدى قطاعات واسعة من الأميركيين. وأظهر استطلاع مشترك لـ"واشنطن بوست" ومركز "إبسوس" أن غالبية الأميركيين ينظرون بسلبية إلى إنفاق المليارديرات في الانتخابات، وأن نحو ثلثهم يعتبرونه "أمراً سيئاً جداً".
في المقابل، يدافع بعض المليارديرات عن دورهم، معتبرين أن سياسات ترامب الضريبية والتنظيمية ضرورية لـ"اقتصاد مزدهر"، وأن انتقادهم يعكس "تحول الديمقراطيين نحو خطاب معادٍ لرجال الأعمال".
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-11-2025 07:55 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||