19-11-2025 08:29 AM
بقلم : فيصل تايه
اثار تصريح وزير الزراعة بان سعر لتر زيت الزيتون المستورد سيكون ما بين خمس الى خمس ونصف دينار اردني اهتمام الرأي العام، وهو الخبر الذي اوردته وكالة سرايا الإخبارية ، وجاء على صفحة الكاتب الصحفي الأستاذ هاشم الخالدي "فيسبوك" ، والذي حاول إتاحة الفرصه للقراء ابداء آرائهم ، والذين تفاجأوا بهذا السعر ، وعبّر كثير منهم "من خلال تعليقاتهم" عن قلقهم من ان يكون مرتفعا مقارنة بالقدرة الشرائية للناس، مما اثار جدلا حول جدوى الاستيراد بالسعر المعلن ومدى تأثيره على المواطن العادي.
اننا نعلم ان وزارة الزراعة لجأت الى خيار استيراد الزيت من الخارج بهدف معالجة النقص الكبير في الانتاج المحلي وضمان توفر المادة في الاسواق ، ورغم ان التوجه بحد ذاته منطقي من منظور ادارة السوق، الا ان الطريقة التي يطرح بها السعر المتوقع "خمسة دنانير ونصف" للتر تثير تساؤلات جوهرية حول مدى توافق هذا السعر مع الهدف المعلن وهو "مساعدة المواطن" ، وليس فتح باب لتحقيق ارباح للمستوردين على حساب جيبه ، فالمواطن الاردني، الذي يواجه ارتفاع تكاليف المعيشة، ينظر بعين الحرص الى كل دينار يصرف على الضروريات الغذائية، والزيت جزء لا يتجزأ من هذه الضروريات ، فمن هنا، فان اي سلعة غذائية مستوردة لا تخفف العبء عنه، او تفتح هامش ربح كبيرا للمستوردين، يخرج عن جوهر الهدف ويثير قلقا مشروعا.
المعروف ان السعر النهائي للزيت المستورد يتكون من عدة عناصر، يجب ان يكون المواطن على علم بها ليثق بالسعر والقرار ، حيث البداية من سعر الزيت في بلد المنشأ ، اذ تتراوح الاسعار حسب الجودة بين مستويات مختلفة، ويجب ان يعرف السعر الاساسي قبل اي رسوم او شحن، مرورا بتكاليف الشحن والجمارك والضرائب التي تشمل النقل ، التأمين، التخزين، الفحص، الرسوم الجمركية، ورسوم الضريبة المحلية، ثم تكلفة التعبئة اذا تطلبت ، اضافة للتوزيع داخل الاردن لتجار الجملة والتجزئة ، كل هذه العناصر تشكل تكلفة حقيقية يجب ان تعكس السعر النهائي، مع تحديد هامش ربح معقول للمستوردين دون ان يتحول القرار الى منفعة تجارية على حساب القدرة الشرائية للمواطن.
كما وان الاستيراد بهذا الشكل يحتاج الى شفافية مطلقة وفحوص صارمة لضمان الجودة، وتطبيق رقابة صارمة على الاسعار والحد من الاحتكار، مع نشر تحليلات مالية ولوجستية واضحة من منشأ الزيت حتى وصوله للمستهلك ، فالمواطن يستحق معرفة سبب الرقم المتوقع المعلن ، وما اذا كان يعكس فعليا تكلفة الاستيراد الفعلية، ام مجرد هامش ربح غير مبرر يستفيد منه فئة محدودة.
كما يجب ان يكون هذا الاستيراد مؤقتا ومضبوطا لضمان الا يؤثر سلبا على المنتج المحلي الذي يحتاج للدعم والمساندة، ومع مراعاة القدرة الشرائية للمواطن ليكون الهدف الحقيقي هو مساعدته، لا زيادة العبء عليه ، كما ويجب ان يصحبه توعية حول كيفية اختيار الزيت المستورد والتمييز بينه وبين الزيت المحلي، لتظل حقوق المستهلك محفوظة، ولتكون الاسعار عادلة ومرتبطة بتكاليف حقيقية وليست مجرد تقديرات مفتوحة ، ومن هذا المنطلق، فان المواطن قادر على اعادة النظر في السعر المتوقع من قبل الوزارة بما يضمن ان يكون اقل من ذلك، ليتمكن من الحصول على هذه المادة الاساسية التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من حياة كل بيت اردني وضرورية لاستقرار الاسرة اليومية.
دعوني أتوجه الى السادة المسؤولين مخاطباً : ان المواطن الاردني ليس رقما في معادلة السوق، بل هو الغاية الاولى والاخيرة لأي قرار اقتصادي او زراعي ، فالاستيراد يجب ان يكون وسيلة لضمان استقرار الاسواق وتوفير الزيت باسعار عادلة، وليس فرصة لتحقيق مكاسب على حساب الناس الذين يعانون اصلا ارتفاع الاسعار ، فالتزام الوزارة والجهات المختصة بالشفافية، الرقابة الصارمة، وفحص الجودة سيجعل من الاستيراد نجاحا استراتيجيا يخدم المواطن والاقتصاد المحلي في آن واحد ، فالهدف يجب ان يكون بان يشعر المواطن ان الدولة الى جانبه، وان كل قرار اقتصادي يبدأ به وينتهي عنده، لا ان يكون عبئا اضافيا على جيبه، بل وسيلة حقيقية لدعم حياته اليومية في ظل ارتفاع اسعار الضروريات، وتمكينه من الحصول على الزيت باسعار عادلة ومنطقية لكل بيت اردني.
والله ولي التوفيق
مع تحياتي
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-11-2025 08:29 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||