16-11-2025 04:09 PM
بقلم : د. يوسف عبيدالله خريسات
لم يأتِ الوسام المدني الباكستاني للملك عبدالله الثاني من باب المجاملة الدبلوماسية؛ بل من بوابة إعادة توزيع النفوذ في الإقليم. باكستان بثقلها النووي، وبموقعها بين الصين والهند وأفغانستان والخليج لا تمنح اعترافًا سياسيًا إلا لمن ترى فيه عنصر اتزان قادرًا على لعب دور يتجاوز حدوده الجغرافية. وهنا يدخل الأردن.
ففي السنوات الأخيرة، أعاد الأردن صياغة حضوره الخارجي عبر ثلاث أدوات: الموقف الثابت، التحالفات المتوازنة، والشخصية السياسية للملك التي باتت تُقرأ في العواصم كضمانة للاستقرار وسط اضطراب غير مسبوق. هذا الإدراك هو ما جعل دولًا من وزن باكستان تنظر إلى عمّان باعتبارها نقطة توازن مطلوبة في الشرق الأوسط، وخصوصًا في ظل احتدام خطوط التماس بين محور الصين-آسيا ومحور الغرب.
الملك، وهو يحمل الدولة إلى العالم، وسّع هامش الحركة الأردني في ملفات الأمن الإقليمي، محاربة الإرهاب، حماية القدس، وإدارة العلاقات مع القوى الكبرى. وبهذا بات الأردن دولة صغيرة بحجمها… كبيرة بوظيفتها السياسية.
أما في الداخل، فيتحوّل الوسام إلى مؤشر بأن المملكة تدخل مرحلة القوة الناعمة المتقدّمة حيث تعكس السياسة الخارجية مرآة لمتانة الجبهة الداخلية. وهذا ما يجعل انتظام المواطنين مع إيقاع الدولة ضرورة، لا مجاملة؛ فالفُرص التي تفتحها القيادة تحتاج مجتمعًا قادرًا على التقاطها، واقتصادًا جاهزًا لاحتضان نتائجها.
ويتقدّم هنا دور ولي العهد، الذي لا يتولى ملف الشباب من باب العلاقات العامة، وإنما من باب بناء شرعية سياسية جديدة تستند إلى وعيٍ شاب مشارك في القرار، لا متلقيًا له. إنها محاولة لإعادة صياغة العقد الاجتماعي على قاعدة المشاركة الجماعية
ولذلك اصبح الوسام الباكستاني جزءًا من قراءة أكبر: الأردن يتحرك في لحظة عالمية تعاد فيها كتابة قواعد النفوذ، ويحجز لنفسه مقعدًا بحكمة القيادة الهاشمية وتماسك الدولة الأردنية.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-11-2025 04:09 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||