16-11-2025 03:47 PM
بقلم : هبه بني سلمان
في ذكرى ميلاد المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال، تطلّ علينا صفحة من صفحات التاريخ الوطني ، صفحةٌ ما تزال تنبض بالحضور، وتضيء الذاكرة، وتعيد إلى كل أردني معنى القيادة القائمة على الإخلاص، والإنسانية، والإرادة التي لا تعرف التراجع. ليست هذه الذكرى مجرد محطة نستعيدها، بل نافذة نطلّ منها على سيرة قائدٍ عاش للوطن، وترك إرثًا تتعاظم قيمته مع الزمن ويترسخ في ضمير شعبه.
الحسين… صانع الدولة الحديثة
جاء الحسين، طيب الله ثراه، في مرحلة كانت المنطقة فيها تتقلب على وقع التحديات، لكنه اختار أن يرسم للأردن طريقًا مختلفًا؛ طريقًا يبدأ بالإنسان وينتهي به، ويتكئ على رؤية دولة قوية وأركان راسخة. وفي سنوات حكمه التي امتدت لأكثر من أربعة عقود، وضع أسس الدولة الأردنية الحديثة، ورسّخ احترام الدستور، وحمى السيادة الوطنية، وأرسى نهج الحكمة والاتزان الذي بات سمةً للأردن في محيط مضطرب.
تطورت في عهده التشريعات، وتقدمت الإدارة العامة، وتوسعت البنية التحتية في قطاعات التعليم والصحة والنقل والمياه والطاقة، لتشكل قاعدة صلبة استندت إليها الدولة في مراحل نموها اللاحقة.
«الإنسان أغلى ما نملك»… عقيدة قيادة ومبدأ دولة
لم تكن عبارة «الإنسان أغلى ما نملك» شعارًا يتردد؛ بل كانت البوصلة التي أنارت مسيرة الحسين، وجعلت المواطن محورًا لكل رؤية وقرار. فقد آمن بأن استثمار الدولة الحقيقي هو في أبنائها، وأن بناء الإنسان هو السبيل الوحيد لبناء وطنٍ قويّ قادر على تجاوز المتغيرات.
في عهده تأسست الجامعات الوطنية الكبرى، وتطورت المدارس والمستشفيات، وتعزز دور الشباب، وارتقى الجيش العربي ليكون حصن الدولة وسياجها. كان ينحاز للمواطن في كل خطوة، ويضع كرامته في مقدمة الأولويات، ويجعل من العدالة والفرص المتكافئة أساسًا لا يتزعزع.
حضورٌ إقليمي راسخ وصوتٌ يُستند إليه
لم يكن الأردن في عهد الحسين مجرد طرف في مشهد إقليمي متغير ، بل كان ركيزة استقرار ومرجعًا للحكمة، وصوتًا يلتفت إليه الجميع حين تشتد الأزمات. دافع بقوة وثبات عن القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي حملها في وجدانه ومواقفه حتى آخر أيامه. وقدّمت الدبلوماسية الأردنية في عهده نموذجًا يجمع بين الثبات على المبدأ والقدرة على التواصل مع العالم بوعي ورؤية.
إرثٌ خالد يتجدد بقيادة عبدالله الثاني
إن ذكرى ميلاد الحسين هي ذكرى ميلاد مرحلة نهضوية صنعت هوية الأردن ووجدان شعبه. مرحلة لا تزال آثارها حاضرة في كل مؤسسة وكل مشروع وكل إنجاز. واليوم يواصل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حمل هذا الإرث العظيم، معززًا حضور الأردن، وحاميًا أمنه، وراسمًا مسار المستقبل بثبات وحكمة، على خطى والده الراحل، وبإيمانٍ لا يتغير بقيمة الإنسان الأردني وقدرته وإمكاناته.
تبقى ذكرى ميلاد الحسين موعدًا يتجدد فيه الوفاء، وتُستحضر فيه سيرة قائدٍ عاش للوطن وارتقى به، وترك من ورائه تاريخًا من العطاء النبيل والعمل الدؤوب والإيمان الراسخ بقدرة الأردن على النهوض مهما ثقلت التحديات.
رحم الله الحسين… وأسكنه فسيح جناته.
وأدام على الأردن عزّه، وحفظ قيادته الهاشمية، وأبقى رايته رمزًا للكرامة والخلود.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-11-2025 03:47 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||